إعتبر عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب غسان حاصباني أن “ثمة تأخيراً من قبل الحكومة في السير بالأولويات الإصلاحية كمسألة التعيينات التي تسير وفق آلية واضحة ولكن ببطئ بسبب محدودية أعداد الذين يقيمون المرشحين الملفات بحيث يتم الأمر بشكل مهني بالرغم من ان الكلمة الأخيرة وصلاحية التعيين هي مع مجلس الوزراء وهو يمارسها من دون الالتزام بتسلسل الأسماء بحسب نتائج التقييم مما يخلق تساؤلات حول مصداقية الاجراء”.
وأشار الى أنّ “الإصلاحات المطلوبة كثيرة وعمر هذه الحكومة قصير لذا يجب تحديد الأولويات والإسراع بالتنفيذ”، مضيفاً: “هناك إصلاحات عدة يمكن السير بها فوراً ولكن لم توضع على نار حامية. على سبيل المثال، إصلاح الجمارك الذي يمكن ان يتم بقرار من الحكومة او حتى وزير المال بحيث يجب ان يكون هناك ربط جمركي مع مصدر التصدير ما يسهل الإجراء الجمركي ويضبط التهريب والتهرب في لبنان. الامر يتطلب ربطاً الكترونياً مع الدول الأساسية التي تصدّر الى لبنان. إصلاح الجمارك الذي لا يتطلب اكثر من 3 اشهر يزيد مداخيل الدولة بأكثر مليار دولار. هذه الخطوة باستطاعتها تمويل القطاع الصحي والعسكريين من دون فرض رسوم جديدة لتمويلهم كما جرى أخيراً”.
حاصباني سأل: “لماذا تتفادى الحكومة حتى اللحظة مناقشة قانون لاستعادة الودائع؟ لا مبررات لذلك. فنحن رفعنا السرية المصرفية لتسهيل إجراء دراسات على الأرقام بشكل شفاف، فأين أصبحت هذه الدراسات؟ هل إنطلقت أساساً؟ أين التنسيق بين وزارة المال ومصرف لبنان في هذا الصدد؟”.
تابع: “لذا لا تستطيع الحكومة القيام بعد اليوم بعمل إستلحاقي بل عليها الانتقال الى العمل الاستباقي والمنتظم. إنتهت فترة “شهر العسل” المعطاة للحكومة ومضى أكثر من 6 أشهر على تشكيلها. يجب ان نلمس نتائج ليس فقط بالتعيينات بل بإصلاحات تنعكس بالموازنة المرتقبة والتي يفترض ان تعدها الحكومة في الأشهر القليلة المقبلة. يجب ان تعيد الحكومة التركيز على تحديد الأولويات وفي طليعتها بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها وحصر السلاح بيد الجيش والإصلاحات البنيوية في القطاع العام وقد إنطلقت في قطاعي الكهرباء والاتصالات عبر العمل على تشكيل هيئة ناظمة لكل منهما لكن هذا ليس كافيا وعليه ان ينسحب إلى سائر القطاعات وبوتيرة أسرع “.
وإذ أشار الى انه لا يوجد عصا سحرية وخطة واحدة لحل كل الأزمة المالية المتعددة الجوانب، رأى حاصباني أن “أي خطة متى اقرّت بمجلس الوزراء يجب ان تنفذ عبر إصدار قوانين بمجلس النواب وإلا تفقد معناها”، مضيفاً: “إلا ان كل الخطط التي طرحت سابقاً لم ترق الى مستوى حلّ الازمة، كثر منها حاول رمي المشكلة على المودع”.
كما شدّد على ان صندوق النقد ليس جمعية خيرية وأردف: “هو يدعم بشكل بسيط فـ”مصرياتو ما بيشيلوا الزير من البير”. لكن برنامج الصندوق بإمكانه ان يثبت ان المالية العامة بدأت العمل بشكل سليم وبإمكان الدولة ان تسدد ديونها ان أراد احد ان يمولها وبالتالي يفتح الأبواب أمام التمويل”.
تابع: “على الدولة ان تخفف مصاريفها وتعزز مداخيلها بإدارة افضل لمؤسساتها وشركاتها. من هنا اقترحنا إدارة مستقلة لشركات الدولة وأصولها عبر التشرِكة حيث تستمر الدولة بالملكية لكنها تبتعد عن الادارة اليومية، ومن ثم الشراكة مع القطاع الخاص، وقدمنا اقتراح قانون في مجلس النواب نوقش ثم نام في الجوارير. لذا سنرفع الصوت مجدداً للسير بذلك. هذا الاصلاح يتطلب وقتاً من سنة الى خمس سنوات وسيدرّ الكثير من الأرباح والمداخيل على خزينة الدولة”.
كما توقّف عند إصلاح القطاع المالي أي المصارف والودائع، فأوضح: “ثمة محاولات للتهرب منه لأن هناك من عليه ان يسدد الأموال كي يغطي الفجوة التي خلقها مصرف لبنان والدولة اللبنانية خلال عقود من الزمن عبر دعم سعر الصرف والهدر وعدم منع تهريب البضائع المدعوة من قبل الدولة. الفجوة ليست خسائر بل سرقة موصوفة لممتلكات الناس، فهناك فرق بين أن يكون المرء غامر وخسر أمواله او يكون هناك من تعمد هدر هذه الأموال من دون علم أصحابها”.
كذلك شدّد على انه “يجب ان يتم تغطية هذه الفجوة من المسؤولين عنها اولاً، أي:
– المصارف التي تماهت مع الدولة التي كانت اشبه بـ”سلة مفخوتة” واستمرت بتديينها رغم إدراكها للمخاطر وإستفادت من هندسات مالية. علماً بأنه كان بإمكان المصارف ان تعترض جماعياً يومها لذا عليها اليوم ان تزيد رأسمالها كي تساهم بتسكير الفجوة.
– الدولة التي ساهمت بهذه الفجوة وتخلفت عن تسديد مستحقاتها. عليها ان تبحث عن مصادر تمويل للمساهمة بسد هذه الفجوة”.
تابع: “ما تستطيعه الدولة والمصارف لن يكون كافياً لتغطية فجوة الـ70 مليار دولار لكن لا حاجة لتسديدها نقداً وفوراً، فالقطاع المصرفي الظروف العادية ليس بمثابة خزنة يحفظ الأموال من دون استثمار، وباستطاعته التسديد لجميع المودعين بكامل المبلغ وفوراً. اذا تمت تغطية 30 نقداً مليار خلال سنوات قليلة يمكن ان يعاود القطاع المصرفي نشاطه بشكل طبيعي مع. اعادة هيكلة القطاع. لذا اليوم نعمل على قانون لإصلاح وضع المصارف لمعالجة الازمة ويبقى للمستقبل كقانون إطار يعالج أي أزمات لاحقة او تعثر لمصرف بشكل افرادي”.
ردّا على سؤال، أجاب: “للأسف أرسلت لنا الحكومة قانوناً لإصلاح وضع المصارف ينتظره صندوق النقد كي يعاود النقاش مع لبنان، فتبين لنا انه عوض أي كون همنا إقرار قانون يعالج وضع المصارف دخلنا في صراع سلطوي. نحن في هذا القانون لا نعالج هيكلية مصرف لبنان وصلاحيات الحاكم فهذا مرتبط بإعادة النظر بقانون النقد والتسليف. كما يتحدث بعضهم عن ان السلطة السياسية يجب ان تشارك في الهيئات وتلعب دوراً، ولكن يجب الا يكون هناك أي دور للسلطة السياسية بأي هيئة مرتبطة بمصرف لبنان كي تبقى مستقلة كاملا وبشكل مطلق. للأسف هناك جوع مخيف اليوم للسلطة من قبل البعض. فإما ان نتوصل لقانون إصلاحي وسليم وإلا الأجدى الا نقرّ أي قانون قد يضر. بالأهداف المطلوبة منه”.
أضاف: “المشكلة ليست بصلاحيات الحاكم، فالسلطة موزّعة بشكل جيد في قانون النقد والتسليف إنما المشكلة التي وقّعت في السابق فهي عدم وجود المحاسبة والمراقبة لذا ترتكزت السلطة بيد اشخاص. هناك مجلس مركزي وممثل حكومي لم يقوموا بدورهم بشكل صحيح لذا على الجهات ان تقوم بدورها وفقا لصلاحياتها التي ترتب عليها مسؤوليات وتحاسب على أساسها، بعيداً عن التأثير السياسي”.
ختم حاصباني: “يجب عزل السلطة السياسية عن السلطات المالية والرقابية. كذلك تعزيز محاسبة الهيئات الرقابية كي تقوم بدورها بشكل شفاف لان مع الصلاحيات تأتي مسؤوليات مع المسؤوليات تأتي المحاسبة ولا يمكن التغاضي عن عن من هذه النقاط في التشريع وفي الممارسة”.