الكلمات المنمّقة والمواقف السياسية تسقط أمام بعض الممارسات التي تتخطى حد التعبير عن الرأي وتنحدر الى مصاف التزلف وإستجداء العمالة. آخر هذه الممارسات ما تصبّحت به صباح الاحد على الاوتوستراد من ضهر البيدر الى بعلبك حيث إجتاحت لوحات الاعلانات صور تجمع الرئيس السوري بشار الاسد وسفيره السابق علي عبد الكريم علي كتب عليها “أعوام من الوفاء والعطاء… شكراً”. طُعّمت هذه اللوحات بلوحتين عملاقتين لصورة للأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين من دون أي تعليق. ما يجمع هذه اللوحات أنها جميعها غير مذيّلة بتوقيع.
في الاساس، تعجّ هذه الطريق بصور للمرشد الاعلى للثورة الاسلامية في إيران علي خامنئي وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني الفريق قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس.
صحيح ان إستباحة سيادة الوطن عبر رفع هكذا صور ليست بالامر الجديد، لكن عامل الوقت ليس كفيلاً بإطفاء الغضب من هذه الممارسات أو بتقبلها. هل من دولة سيدة في العالم ترفع فيها صور زعماء من دول أخرى؟ هل الاصول الدبلوماسية تسمح بشكر موظف أجنبي برتبة “سفير” عبر رفع صوره؟ هل أعطى جهاز الامن العام اللبناني الاذن بذلك كونه الجهة التي تعطي الاذونات لشركات الاعلانات قبل نشر أي إعلان؟
قد يعتبر بعضهم أن الامر بديهي وهو إنعكاس لتبعية بعض الأطراف المحلية للمحاور الإقليمة وأنه سخيف إذا ما قورن بممارسات هذه الاطراف التي تكبّد لبنان المصائب جراء ولاءاتها العابرة لحدود الوطن. فلما العتب بنظرهم من رفع صور علي عبد الكريم علي سفير نظام الاسد قاتل اللبنانيين وآخرهم في مسجدي “التقوى والسلام” ومرسل عبوات الموت مع ميشال سماحة فيما رئيس الجمهورية ميشال عون منحه وساماً!!!
لكن مهلاً يا سادة، كما أن طريق القدس لم تمرّ بجونية كذلك طريق محور الممانعة لن تمرّ من بعلبك الى زحلة مهما تفرعن المتزلفون وإنتشوا بعمالتهم. فلا بدّ ان يكتمل يوماً الانسحاب السوري المنقوص في 26 نيسان 2005 ولا محال سيكون هذا الفجور الى ضمور.