بعد أقل من شهر تُسدل الستارة على الإستحقاق الإنتخابي الذي، رغم كل التشكيك يبدو أنه سيحصل لا محالة في ظل قانون مفّصل على قياس أهل السلطة. عدد كبير من قوى التغيير أعلن في مناسبات عدة أن لديه الكثير ليقوله "ما بعد ١٦ أيار" المقبل، مع تلميحات شبه واضحة بإستشعار وجود خروقات في صفوفها أدّت إلى شرذمتها في أكثر من دائرة وإضعاف زخم حملاتها في مختلف الدوائر، مع تخصيص دائرتي بيروت الثانية ودائرة قضاء الشوف - عاليه.
الظاهرة الجديرة بالتوقف ملّياً أمامها تتجلى بترشّح كل من النقيب السابق للمحامين ملحم خلف للإنتخابات، وكذلك أمين سر النقابة في عهده سعد الدين الخطيب في دوائر تحتاج الى ملء فراغ عزوف حزب المستقبل عن المشاركة، والنقيب السابق للمحامين لَبِس ثوب الثورة، أما أمين سره المستقل فإنضوى، لدخول البيت النقابي، تحت عباءة تيار المستقبل وهو اليوم ينتقل لإستظلا عباءة الحزب التقدمي الإشتراكي.
لائحة التغيير في بيروت الثانية، والتي تكشف مصادر في قوى التغيير أنها كانت ثمرة إجتماعات متتالية حصلت في منزل النقيب ملحم خلف حتى ساعات الفجر الأولى، أدّت إلى إنسحاب مجموعة بيروت مدينتي من اللائحة التوافقية لتشكيل لائحتها الخاصة، وأيضاً إلى إنسحاب مرشح حزب "لنا" حسن فيصل سنو من السباق الإنتخابي، علماً أنه كان من "الأحصنة الرابحة" بلغة " السبق" في اللائحة، وتكريس فرض ثلاثة مقاعد لمصلحة إئتلاف ناشئ برز قبيل الإنتخابات تحت عنوان "بيروت تقاوم" مع ما استتبع هذه التسمية من إعتراضات وإستهجان، إئتلاف يُفترض ظاهرياً أنه كان مؤلفاً من المهندس إبراهيم منيمنة و"شبكة مدى" وهي المجموعة التي تدير الأندية العلمانية في مختلف الجامعات ومجموعة "لحقي" التي انسحبت في وقت لاحق من إنتخابات بيروت ومن الإئتلاف الذي تجزم مصادر في قوى التغيير أنه كان فكرة وصنيعة النقيب خلف. من الجدير ذكره في هذا الصدد أن الطرح الأوّلي تضّمن ترشّح النقيب خلف في دائرة بيروت الأولى، الأمر الذي رفضته المرشحة بولا يعقوبيان رفضاً قاطعاً على إعتبار أن ملحم خلف فاز بإنتخابات نقابة المحامين بأصوات الثنائي الشيعي، وأنه وجّه طعنات عدة لقوى الثورة في إنتخابات نقابة المحامين الأخيرة، والتي كان لتحالف وطني مرّشحون فيها، وهكذا انتقل ترشيح خلف الى دائرة بيروت الثانية حيث نسب حظوظه بالفوز قد تكون أعلى.
أما لائحة الشوف - عاليه فدخل اليها أمين سر نقابة المحامين في بيروت سعد الدين الخطيب المستقل الذي يحظى بتأييد من جناح في تيار المستقبل ضمن عباءة الحزب التقدمي الإشتراكي بمسعى وجهد واضحين من المحامي يحيى علاء الدين الذي شغل لفترة طويلة منصب رئيس بلدية كترمايا في إقليم الخروب، وهو الشخص الذي يرافقه في جميع جولاته، ويبدو أن الخطيب يحظى بتأييد من صديقه أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري الذي يحاول تحسين العلاقات مع قصر المختارة، على قاعدة المصالح المتبادلة، وقوام الإتفاق مدّ المرشّح مروان حمادة بالأصوات التفضيلية المستقبلية في دائرة الشوف، كون الأخير يواجه معركة مع رئيس تيار التوحيد وئام وهاب، مقابل إعطاء الخطيب بعض الأصوات التفضيلية.مصدر متابع يؤكد أن هناك حركة معارضة داخل التيار الأزرق حول القرار المتخذ بدعم الخطيب يستذكر موافقه السابقة تجاه حزب المستقبل ما قبل توّليه منصب أمانة السر في نقابة المحامين، ومطالبة بفصل العلاقات الشخصية للأمين العام أحمد الحريري عن مصلحة حزب المستقبل، لا سيما وأن هناك مرّشحين في السباق الإنتخابي ولاؤهم واضح وخالص لنهج الحريرية السياسية سيكون لهم فرصة الفوز في حال جرى إتخاذ القرار التنظيمي بدعمهم، ويلفت هؤلاء الى إحتمال تعّرض حزب المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي لطعنة كبرى في حال حصول تواطؤ مع رئيس حزب تيار التوحيد لإسقاط تيمور جنبلاط أو مروان حمادة في الشوف بكل ما تحمله تلك النتيجة، في حال حصولها، من رمزية وتدهور إضافي في علاقة المختارة ببيت الوسط.
هناك توافق شبه محسوم بين معظم فعاليات قوى التغيير حول الإرتياب من عدد الإئتلافات والترشيحات التي حصلت على مستوى لبنان بدعم خفيّ من نقيب المحامين ملحم خلف الذي يتنافس مع الوزير السابق شربل نحاس في مدّ الإنتخابات بعدد هائل من المرشحين، وهناك تساؤل مشروع مفاده: من هو المستفيد الحقيقي داخل المنظومة من ظاهرتي النقيب ملحم خلف والوزير السابق شربل نحاس الأنتخابيتين؟ هي تساؤلات شديدة التعقيد، جرى الإعداد لثمارها بعناية ولن يُكشف النقاب عنها الا بعد فرز أصوات الصناديق، حينها يكون مَن "ضرب ضرب ومَن هرب هرب".