لم يعد موظفو القطاع العام البالغ عددهم ٣٠ ألفاً على قناعة تامة بالقول المأثور " إقبَض المتيسّر...وطالِب بالمتعسّر"، ليقينهم أن خزينة الدولة في حال إفلاس شبه تام، و"ما فيها ولا ليرة"، بعد التراجع الحاد في الواردات والإحتياطي في المصرف المركزي والعجز عن تأمين قيمة النفقات، كل ذلك في ظل هبوط قياسي لليرة مقابل الدولار.الموظفون مضربون عن العمل منذ قرابة ٤٠ يومياً تخللها محطات قيلت أنها "مفصيلة" ستكون آخرها غداً الأربعاء في السراي الحكومي، بعد إرجاء ااجتماع اللجنة الوزارية لمعالجة تداعيات الأزمة المالية على سير المرفق العام في ضوء استمرار الموظفين بإضرابهم المفتوح.آخر الإقتراحات التي طُرحت أمس على طاولة السراي لحظت إعطاء بدل حضور يومي متفاوت بين موظف وآخر، في الوقت الذي يطالب فيه المضربون بمضاعفة أجورهم خمس مرات على الأقل مع زيادة قيمة التقديمات الإجتماعية بما يتناسب مع حال انهيار القدرة الشرائية لديهم، كما باقي اللبنانيين، وتراجع قيمة الليرة وارتفاع أسعار المحروقات، ما يعني في حال موافقة الحكومة على مضاعفة الرواتب أن حجم الكتلة النقدية التي ستحتاجها لتغطية الرواتب وملحقاتها سترتفع من ٨ الآف مليار ليرة الى ٤٢ ألف مليار سنوياً، في حين أن كلفة الخسائر المباشرة الناجمة عن الإضراب تبلغ ١٢ مليار ليرة يومياً، من دون احتساب قيمة الخسائر غير المباشرة.إن غداً الأربعاء لناظره قريب لعل وعسى أن يخرج الدخان الأبيض من السراي، فيحصل الموظفون المضربون على مطالبهم ويعودون الى مزاولة أعمالهم، لكن مع أسئلة تشكّل الإجابة عنها " طامة كبرى" بحد ذاتها منها على سبيل المثال لا الحصر :وفق أية آلية وبأي ثمن ستحاول حكومة تصريف الأعمال "تصريف" أمور البلاد والعباد؟
