أحيت قوى الأمن الداخلي الذكرى الـ164 لتأسيسها بافتتاح “غابة شهداء قوى الأمن الداخلي” في محمية أرز الشوف، بالتعاون مع شركة Medicals International، وذلك برعاية رئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون ممثلاً بوزير الزراعة نزار هاني.
وقد شارك في الاحتفال المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبد الله، والنائبان أكرم شهيّب وغسان عطالله، إلى جانب عدد من الشخصيات الأمنية والمدنية، حيث وُضِعت أكاليل الزهر على النصب التذكاري للشهداء، تلاها النشيد الوطني وكلمات بالمناسبة.
ضمن هذا الإطار، أكد المتحدثون في كلماتهم على رمزية الغابة التي تضم أرزات تحمل أسماء الشهداء، تخليداً لتضحياتهم في سبيل أمن لبنان، كما شدّدوا على العلاقة الوثيقة بين قوى الأمن والمجتمع، والدور الوطني والبيئي للمحمية.
بدوره، نوّه اللواء عبد الله بعطاءات الشهداء ومسيرة المؤسسة الأمنية في خدمة الوطن وقال: “افتتاحُ غابة الشهداء اليوم، ليس مجرّد تكريم، بل هو تأكيد اعترافنا بتضحيات أبطالنا الشهداء الذين سيظلّون منارةً ونِبراسًا يُضيء دربَنا في خدمةِ هذا الوطن.
وتابع: “رجالُنا الذين ارتقَوا دِفاعًا عن أمنِ هذا البلدِ، كتَبوا تاريخاً مجيداً بدمائِهم الزكيّة، وكلّ قطرة دم سالت على تراب لبنان، هي نبض لعهد جديد بأن تَبقى هذه الأرض حرّة أبية، محميّة بتضحيات من نذروا حياتَهم في سبيلها”.
وشكر اللواء عبد الله وزير الزراعة وشركة Medicals International، وإدارة محميّة أرزِ الشوف على هذه اللفتةِ الوطنيّةِ، وعلى اعتنائهم بهذه البقعة المتأرّزة التي ترمز إلى عظمة الوطن وتحتضن بدلالاتها أرواح شهداء قوى الأمن الداخلي من كلّ الرُتب ومنذ تأسيسها عام 1861.
وختم بتوجيهُ تحية تقدير إلى كل الضبّاط والعناصر، وعايدهم جميعاً بالقول: “لبنانُ يَقوى بإيمانكم به، ويُعَزُّ بوفائِكم له. كذلكَ أتوجّهُ بتحيّةِ إجلالٍ وإكبارٍ إلى أهالي الشّهداءِ وذويهم، هم مَنْ قدَّموا فِلذاتِ أكبادِهم ليَحيا الوطنُ، نقولُ لهم إنَّ أرواحَ شهدائِنا كجذورِ هذه الأشجارِ صامدةٌ فينا، ونؤكِّدُ لهم أنَّ تضحياتِهم ستظلُّ أمانةً نَحملُها في قلوبِنا وضمائِرِنا، وعهدُهُم علينا بالوفاءِ لهذا الإرثِ العظيمِ. المجدُ والخلودُ لشهدائِنا الأبرار، عاشَت قوى الأمن الداخلي، وعاشَ لبنانُ وطنًا حرًّا سيِّدًا مستقِلًّا” .
فيما نقل الوزير هاني تحيات رئيس الجمهورية، مؤكداً أن زرع الغابة يمثل التزاماً وطنياً تجاه الشهداء، ويجسد الشراكة بين الإنسان والطبيعة.
وجاء في كلمة رئيس الجمهورية التي ألقاها هاني: “يشرفني أن أقف بينكم اليوم ممثلا للسيد رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون، وأن أنقل إليكم تحياته القلبية وتقديره العميق لقوى الأمن الداخلي، قيادةً ورتبًا، عناصر وأفرادًا، لما تمثّلونه من دعامة أساسية للأمن والاستقرار في لبنان، ولما تقدمونه من تضحيات جسام، ووفاء لا ينضب في سبيل حماية المواطن، وصون كرامة الدولة، وترسيخ دعائم السلم الأهلي” .
اضاف: “نحتفل اليوم بالذكرى الرابعة والستين بعد المئة لتأسيس هذه المؤسسة الوطنية العريقة، التي لم تكن يومًا مجرّد جهاز أمني، بل شكّلت على الدوام نموذجًا في الانضباط والالتزام، ومثالًا يُحتذى في الولاء والانتماء، وركنًا راسخًا من أركان الدولة. ومن قلب محمية أرز الشوف، وبين أرزاتنا الشامخة التي ترمز إلى الصمود والثبات، نكرّم شهداء قوى الأمن الداخلي الأبرار بزرع أرزة باسم كل شهيد، لتبقى ذكراهم حيّة في تراب الوطن، ولتجسّد هذه الغابة في جذورها وامتدادها معنى التضحية، وخلود الرسالة”.
تابع: “السيد رئيس الجمهورية، الذي حمل مسؤولية قيادة الجيش اللبناني لسنوات، يعرف تمام المعرفة حجم التحديات التي تواجه القوى الأمنية والعسكرية، ويدرك أن الأمن الحقيقي لا يُبنى بالسلاح وحده، بل بعدالة مستدامة، ومؤسسات متكاملة، وشراكة مسؤولة بين مختلف مكوّنات الدولة والمجتمع. وهو يؤمن كما نؤمن جميعًا أن الدفاع عن لبنان لا يقتصر على حماية حدوده، بل يشمل أيضًا حماية بيئته الطبيعية، وغاباته، ومياهه، وتربته، وهويته العميقة المتجذّرة في هذه الأرض. لذلك، فإن غرس غابة شهداء قوى الأمن الداخلي ليس مجرد مبادرة رمزية، بل هو فعل وطني راقٍ، يُترجم دماء الشهداء إلى حياة، ويحوّل الألم إلى أمل، ويؤكد أن التضحية تُثمر، وأن الشهادة تُخلِّد، وأن الوطن يحيا حين تتعاضد مؤسساته وتتجذر رسالته في الأرض والطبيعة والإنسان”.
وقال هاني: “أيها الأصدقاء، لقد احتضنت هذه المحمية، عبر العقود، روح الصمود والانتماء، وهي اليوم تُضيف إلى رسالتها البيئية رسالة وطنية – تُجسّد في أرزاتٍ تحمل أسماء شهدائنا الأبرار، ذاكرة حية للأجيال، ودليلًا على أن لبنان يُبنى بالفعل لا بالقول، وبالعطاء لا بالشعارات. وكوزير للزراعة، وبعد مرور مئة يوم على تحملي هذه الأمانة الوطنية، أعود اليوم – وجدانيًا ومهنيًا – إلى هذه الأرض التي رافقت مسيرتي العلمية والبيئية، فأجد أن دور الوزارة يتكامل، أكثر من أي وقت مضى، مع قوى الأمن الداخلي، في حماية الغابات، ومكافحة الحرائق، وردع التعديات، ومواجهة كل ما يهدّد البيئة والتنوع الطبيعي في وطننا”.
اضاف: “لقد أثبتت قوى الأمن الداخلي، في مختلف المراحل، أنها حامية للناس كما هي حامية للطبيعة. كانت دومًا إلى جانب حراس الأحراج، دعمت جوّالي المحميات، وشاركت في إطفاء النيران، ومنعت الصيد الجائر وقطع الأشجار، فكانت شريكًا فعليًا في حماية الثروة الحرجية، كما في حماية الاستقرار المجتمعي. وانطلاقًا من مسؤوليّتنا بدأنا العمل في الحكومة جاهدين لنؤمّن مقوّمات العيش الكريم، ونضع على رأس أولويّاتنا تحسين الواقع للقوى الأمنية والعسكرية، لكي تستطيعوا أن تكمّلوا مهامّكم الجليلة بكرامة واستقرار. وقد جاءت هذه الخطوة استجابةً لواقع صعب لم يكسر عزيمتكم، ولم يُثنِكم عن أداء الواجب. جاءت وفاءً لإصراركم على البقاء في الشارع، في الحقل، وفي الميدان، رغم الضغوط والمعاناة. فإرادتكم كانت ولا تزال الحافز الأصدق لنا لمواصلة العمل، وترسيخ القناعة بأن كرامتكم ليست امتيازًا، بل حقٌ لا يُمس”.
وختم: “إن غابة شهداء قوى الأمن الداخلي هي غرسٌ في أرض الوفاء، وشهادة حيّة على أن الوطن يُصان بتضحيات أبنائه، وأن الدولة تتكامل حين تلتقي الأدوار وتتوحّد الرسالة في حماية الإنسان والطبيعة على حدّ سواء . تحية إجلال وتقدير لكل فرد من أفراد قوى الأمن الداخلي في عيدهم الوطني، تحية وفاء لأرواح الشهداء الذين ارتقوا دفاعًا عن لبنان، وتحية لكل من يزرع، ويحرس، ويبني، ويصون. عشتم، عاشت محمية أرز الشوف رمزًا للتكامل بين الإنسان والطبيعة، عاشت قوى الأمن الداخلي، عاش لبنان، وطن الرسالة، والشهداء، والرجاء”.
واختُتم الحفل بتقديم دروع تكريمية وعرض موسيقي وطني.



