بين الأزمات المتناسلة في دوامة لا تنتهي ومعاناة المرضى وعائلاتهم في رحلة البحث عن الدواء المفقود، خصوصاً أدوية السرطان في دولة ينخرها " سرطان الفساد والمحسوبيات"، يلهث اللبنانيون وراء " حبة دواء" حتى " ما يموتوا من وجعهم"، وإن تطّلبَ الأمر البحث عن الدواء المفقود عبر أي وسيلة مثل التواصل مع مكاتب السياحة والسفر لتأمينها من الخارج ومن تركيا تحديداً، مقابل عمولة تتراوح بين 10 الى 150 دولاراً حسب نوع الدواء وسعره، علماً أن سعر دواء الأمراض المستعصية مثل السرطان قد يصل الى 5 الآف دولار للعلبة واحدة والدفع " بالفريش".
أزمة الدواء المفقود بدأت تتدحرج شيئاً فشيئاً منذ صيف العام 2021 مع بدء المرحلة الأولى من رفع الدعم الجزئي عن أدوية الأمراض المزمنة والأساسية وصولاً الى الرفع النهائي عنها في أواخر العام الماضي، لتُفتح بعدها السوق السوداء للتجار والمهرّبين في ما يخصّ أدوية السرطان تحديداً والتي لم ترفع وزارة الصحة العامة الدعم عنها، أقله الى الآن، ومع ذلك فهي شبه مفقودة من سوق الدواء.
بعض شركات السياحة والسفر أنشأ نظام استيراد الأدوية من تركيا عبر تأمين الطلبات للزبائن وتناوب مهمات السفر لموظفيها، مع الإعلان عن عروض وحوافز مغرية مثل تسليم الدواء خلال 36 ساعة من تاريخ تسجيل " الطلبية".
في مطلق الأحوال، هذا النوع الجديد من " البزنس" لا يقتصر على بعض مكاتب السياحة والسفر فقط إنما هناك أيضاً تجار تُطلق عليهم تسمية " تجار الشنطة" ينشطون هم أيضاً في هذا الإطار من خلال مجموعات على الواتساب والأونلاين تتيح للمواطن طلب الدواء الذي يحتاجه مع تحديد أمكنة التسليم في لبنان من الشمال الى الجنوب مروراً بالعاصمة.
بين كلفة العلاج الباهظ وفرصة تأمين الدواء المفقود، هناك دولة قرّرت غض الطرف عمداً عن " كارتيل" الأدوية المهرّبة in/out والتي قد تشمل أدوية ملوّثة أو مخزّنة بطريقة سيئة، بالتالي قد تتحوّل الى دواء سام يقتل المريض عوض شفائه، دولة تغيبُ بشكل كامل مع أجهزتها الرقابية والقضائية عن الملاحقة والمحاسبة….
