كتب مارون مارون: لم يكن ينقص الشيخ نعيم قاسم في مؤتمره الصحافي الأخير سوى أن يرفع خلفه راية بيضاء، ويضع ربطة عنق بلون الثلج، وذلك للدلالة على أنه تحوّل إلى داعية سلام كي لا نقول إلى حمامة سلام إذ تخلّى عن وضع الشروط ورفع السقوف، واستخدم مفردات من خارج قاموسه المُعتاد، على سبيل المثال، الطائف، الدستور، انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة البناء وغيرها من التعابير التي لم تكن مألوفة لدينا، ولم نعهدها فيه، أقله لعقود من الزمن، فأدهش بها الشعب اللبناني، والأهم أدهش جمهوره، إذ أسقط من قاموسه عبارات حفظناها عن ظهر قلب، مِثلَ: “الكلمة للميدان”، “ولّى زمن الهزائم وجاء زمن الإنتصارات”، “الإلتحام مع العدو”، “نحن استطعنا تغيير المعادلة” وغيرها من التعابير الفضفاضة والتي لا ترمز إلا إلى الإستعلاء والإستكبار وفائض القوة.
باختصار، فإن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هو، هل أن إعلان الإستسلام بصيغته التي أعلنها الشيخ نعيم قاسم، يستحق كل هذا الدمار وهذه التضحيات والأكلاف والخسائر والدماء؟ حتماً لا، وصَدَقَ مَن قال: “لو عرفتُ خاتمتي لما بدأت”… إنما هذه هي خاتمة مليشيا كانت مدججة بالسلاح، مارست كل أنواع الترهيب والإغتيال والدمار وأمعنت في استجرار الحروب، فكانت أنها حصدت هزيمة موصوفة لا بل هزيمة مدوّية إنما مغلّفة بانتصار خيالي على طريق القدس وغزة وطهران… والسلام.