بعيداً عن القراءة التفصيلية للارقام النهائية والنسب التي ستتبلور مع صدور النتائج الرسمية، ثمة ثوابت افرزها النهار الانتخابي في 15 ايار 2022 والمشهدية النيابية مع إغلاق صناديق الاقتراع:
أ- عقم مشروع "حزب الله" الذي يتنافى مع المشروع اللبناني ومأزوميته حيث "البلطجة" الممنهجة التي مارسها عبر اللعب بنتائج الاقتراع والاعتداء على مندوبي "القوات اللبنانية" من بعلبك – الهرمل مروراً بحارة حريك وصولاً الى جزين وعلى الفريق المعارض له في دائرة النبطية الذي نجح بتحقيق الخارق. كما فشل "الحزب" برفع الحاصل ما يعكس تراجع قدرته ولو بشكل نسبي في بيئته.
لكنه نجح بالتكافل والتضامن مع حركة "أمل" بتكريس القبضة على المقاعد الشيعية خصوصاً مع وصول مرشح "الحزب" في جبيل على عكس العام 2018 جراء التحالف مع "التيار العوني". كما نجح بفائض أصواته بتحقيق هدفه بإيصال اكبر قدر من النواب المسيحيين للتيار العوني كسامر التوم في بعلبك –الهرمل وسليم عون في زحلة وشربل مارون في البقاع الغربي الذين حلوا في المرتبة الثانية امام مرشحي "القوات" الذي سجلوا فرقاً كبيراً بالاصوات عنهم.
ب- الصعود الكبير لـ "القوات اللبنانية"، حيث حلت اولى بعدد الاصوات المسيحية وبعدد النواب المسيحيين وسحبت "الغطاء" الذي وفره "التيار الوطني الحر" للحزب عبر تفاهم "مار مخايل". كما نجحت بكسر محاولات عزلها – وتحديداً سنياً – أكان من قبل فريق الرئيس سعد الحريري أو من قبل فريق "حزب الله" وقوى "8 آذار" حيث شنت حملة مبرمجة لـ"شيطنة" "القوات" إلا انها نجحت بحصد اصوات سيادية سنية وشيعية من عرسال الى طرابلس وخير دليل الاصوات التي حصدها النائب انطوان حبشي بقاعاً ومستشار رئيس حزب "القوات" ايلي خوري في طرابلس. كما اربك حبشي "الحزب" جراء حصده اصواتا شيعية سيادية او رافضة لنهجه. كذلك، نجح حلف "القوات" و"الاحرار" بإيصال رئيس الاخير كميل دوري شمعون الى ساحة النجمة في حرصاً منها على الوجوه السيادية كما هو الحال بتحالفها مع اللواء اشرف ريفي.
ت- تتويج فشل العهد العوني بالتراجع الدراماتيكي لعدد النواب والأصوات مقارنة بالاعوام ٢٠٠٥ و٢٠٠٩و٢٠١٨، حيث يكفي التوقف عن تصدر مرشحي "القوات" في كل الدوائر مسيحياً وتقهقر العونيين. لقد تلقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون شخصياً صفعة صاعقة في جزين حيث تدخل لجمع النائبين السابقين زياد اسود وامل ابو زيد وكان سقوط "التيار" مدوياً. كما أن هزيمة مرشح رئيس "التيار" جبران باسيل بالشخصي النائب ادغار معلوف امام مرشح "القوات" ملحم رياشي الذي سبقه بأشواط لها دلالات عدة.
ث- نجاح مشوب بالتخبط والفشل لقوى "17 تشرين" حيث الفوز الكبير كان في دائرة الشوف –عاليه وبيروت الثانية مع دوائر البقاع الغربي والنبطية و"الشمال الثالثة" التي بغض النظر عن الخرق أو عدمه أثبتت هذه "القوى" حضورها. فيما فشلت نسبياً في دائرة بيروت الاولى حيث لم تتقدم مقارنة بالعام 2018 وإقتصر حضورها المؤكد على النائبة بولا يعقوبيان ما يعني عملياً في حال عدم حصد مقعد ثان فشلاً ليعقوبيان بلعب دور الرافعة وبالاستفادة من زخم "17 تشرين". كذلك، فشلت في باقي الدوائر جراء التشرذم. لكن سيبقى التحدي بعد 16 أيار في كيفية جمع هؤلاء النواب خصوصاً في ظل اشكالية اساسية وهي "حزب الله" وسلاحه.
ج- خسارة "السرايا السياسة" لحزب الله من طلال أرسلان الى وئام وهاب والخطر الذي يهدد مقعدي ايلي الفرزلي وفيصل كرامي. أضف الى ان خسارة النائب السابق اسعد حردان تشكل مع ما رافق عمليات الترشيح ضربة لحزبي "السوري القومي الاجتماعي" و"البعث" اللذين يتخبطان أجنحة.
ح- خروج الرئيس سعد الحريري واطاره التنظيمي مهشمين جراء فشل دعوته للمقاطعة شعبياً من جهة ومشاركة وجوه مستقبلية عدة في المعركة الانتخابية من جهة أخرى.
خ- سقوط "الحجم المنفوخ" الذي حاول رئيس حزب "الكتائب" إيهام اللبنانيين انه يمتلكه من خلال ارقام من دعمهم في صناديق الاقتراع امثال العميد خليل الحلو في بعبدا. كما ان الصفعة الكبرى اتت من معقله التاريخي في المتن حيث شعبية "القوات" تضاهي شعبيته في تقدم ملحوظ لها.
16 ايار يوم آخر، أكد المؤكد من ان المعركة سياسية أولاً بين مشروعين إما "حزب الله" والارتهان لمحور الممناعة وإما المشروع السيادي ورأس حربته "القوات" وكل المعارك الاخرى على اهميتها لن تنجح الا متى حسمت المعركة الام.