بين تمرّد القاضية غادة عون على الأصول القضائية، من موجب التحفّظ إلى الامتثال لطلبات الردّ من جهة، وارتكاب القاضي غسان عويدات لمخالفات قضائية مشابهة في ملف التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت من جهة ثانية، يبدو أنّ المنظومة السياسية التي حاولت إلهاء اللبنانيين عن ما ارتكبته بحقّهم، من أزمات معيشيّة عبر ابتداع معارك وهميّة، بإسم الحقوق والصلاحيات والضرورة، تقوم توازياً أدواتها القضائية في افتعال معارك متبادلة داخل الجسم القضائي.المخالفات التي لا تُعدّ ولا تُحصى والتي يرتكبها القضاة المحسوبون على أطراف المنظومة الحاكمة، تأخذ بعداً سياسياً ولا تُساهم إلا في تطيير العدالة والودائع والحقوق، لأجل تمتين ديمومة المنظومة وفق قاعدة تقول بأنّ خلق مواجهة متواصلة بين أهل السلطة أنفسهم، أفضل من مواجهة بين الشعب والسلطة، ففي الاولى يمكن لعب دور الضحية المتبادل، ورمي التهم على الآخر واستحضار لغة طائفية وفئوية، أمّا في مواجهة الشعب، فلن يسلم أحد من الحكّام.
