بقلم ماريو ملكون
لا ينفك التيار الوطني الحر عن تقمّص دور الضحية تارةً و"الحريص" طوراً، متّخذاً من أوجاع الناس وآلامهم، مطيّة يتقاذف عبرها أهدافه السلطوية لرشق الخصوم والحلفاء على السّواء.آخر تلك البدع، هو ما ورد في بيان هيئته السياسية برئاسة باسيل، التي تنشط مؤخراً في مهاجمة المحقّق العدلي طارق البيطار، وقد تولّت هذه المرّة تناول مشروع قانون الموازنة العامة لعام ٢٠٢٢.لا يُراد من هذه الأسطر، نقض كلام الهيئة المعارض لمشروع القانون ولا حتّى تبرير مضمون الأخير، لأنّ الموقف العلمي من الموازنة المرفوعة من وزارة المالية إلى الحكومة يجب أن يكون أكثر معارضةً في العمق بناءً على القراءة الأوّلية لها.
المسألة تكمن في اعتبار "التيار" مشروع قانون الموازنة بأنّه "لا يعكس توجّهات لاستنهاض الاقتصاد ولا يخرج عن كونه موازنة رقميّة، يُخشى من آثارها الانكماشيّة".وهنا نسأل جانب الهيئة "السياسية": أليس "التيار" نفسه مَن وافق وأيّد ودافع بشراسة عن كلّ الموازنات الشكلية والفارغة التي أقرّتها الحكومات السابقة والتي شكّل عامودها الأساسي كمّاً ونوعاً؟ أليس تيّاركم مَن شيطَنَ كلّ ملاحظات "القوات اللبنانية" على الموازنات السابقة ثمّ عاد باللحظة الأخيرة لمحاولة نسخها وادّعاء المجاهرة بها؟ أليسوا "وزراء العهد" وحاشية الحلفاء مَن سكتوا عن عدم فرض إجراءات إصلاحية جذرية لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية مراراً وتكراراً؟ أليست حكومات عهدكم مَن حوّلت الموازنات العامّة إلى مرتع للهدر والانفاق التي قادت البلاد نحو مزيد من الانهيار والفقر؟
الأسوأ من كلّ ذلك، أنّ بيان "التيار" انتقد الموازنة لأنّها "تزيد الأعباء من دون أن تُحَفّز النموّ في قطاعات الانتاج"، فهل يعي تيار باسيل أنّ إدارته لقطاع الطاقة منذ العام ٢٠٠٨ حتّى يومنا، قد أغرقت الخزينة والدولة برمّتها بعشرات مليارات الدولارات من الأعباء والعجز والديون مقابل صفر إنتاج؟إنّ سياسة التباكي والتذاكي والتّمسكن لا تنطلي على أحد، فكيف بالحريّ على اللبنانيين الذين عانوا من ممارساتكم السوداء في القيادة والادارة والوزارة والنيابة؟ إدّعاء الحرص على مصالح النّاس يُعيد فتح سجلّات ارتكاباتكم، وقمصان عثمان التي تبتكرونها مضى عليها الزمن، فبعد ثورة ١٧ تشرين لم يعد للخديعة من أزمنة وعهود، وحساب صناديق الاقتراع لن يكون نزهةً يُتلاعب بمسارها عبر بيانٍ مُخادع من هنا وإطلالة ناكِرة من هناك، الحساب آتٍ، جهّزوا بيانات الهزيمة.