قيود الحرية امام الصحافيات في لبنان… ملاحقة اقلام حرة ومضايقة وتحرّش
إقالة عن الشاشات لمَن تخطين منتصف العمر والخبرة امام الجمال المصطنع

61660128_101

لطالما تميّز لبنان بحريّة إعلامه، فتباهى اللبنانيون بتلك الميزة المفقودة في دول المنطقة والجوار، حيث تغيب حرية الاقلام والمواقف والانتقادات لأهل السلطة، ليحّل مكانها المديح في معظم الاحيان، لكن ما الذي جرى لتبتعد تلك الصورة المشعة عن لبنان؟، فتنطفئ منارته بسبب التضييق المستمر على الإعلام، وتتوالى الإنتهاكات في بلد تغنى بالديمقراطية، لكن اين هي اليوم؟، بعد ان دقّ ناقوس الخطر على أثر الإستدعاءات، التي طالت صحافيين وصحافيات، من ضمنهم كاتبة هذه المقالة. لتواجه الصحافة في لبنان تحديات وتهديدات منها الرقابة والترهيب، وبصورة خاصة الصحافيات اللواتي يُعتبرن ضعيفات من دون اي سند، او غطاء سياسي او دعم كما يحظى الصحافي . فضلاً عن التوازن الغائب بين النساء والرجال في عالم الإعلام، في الأجور والمهام والترقيات والتهميش النسائي، في مواقع صنع القرار على الرغم من الكفاءة والخبرة، من دون ان ننسى التحرّش الذي تتعرّض له في بعض الاحيان خلال القيام بعملها.

تراجع لبنان في مؤشر الحرية

الى ذلك تراجع لبنان مرتبات في مؤشر الحرية الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود" ليحتل المرتبة 130 من أصل 180 دولة في العام الحالي، في حين كان في العام الماضي في المرتبة 107 .
وبحسب مركز "سكايز" للدفاع عن الحريات الإعلامية، شهد لبنان ما لا يقل عن 80 انتهاكاً إعلاميا في العام الواحد، بين اعتقال وحجز ناشطين وصحافيين وصحافيات، إستناداً الى المحتوى الذي نشر، ويضاف الى كل هذا توقيعهم على تعهّد بعدم التعرّض للجهة التي إنتقدوها.

شهادة من كاتبة المقالة : ناقل المعلومة ليس بكافر…

من هنا لا بدّ من الاضاءة على الدعوى التي رفعت بحقي انا كاتبة هذه المقالة، بسبب إجرائي مقابلة مكتوبة في نيسان 2017 على موقع إخباري الكتروني، مع مدير سابق في اهراءات مرفأ بيروت، تناول مستشار احد الوزراء ووجّه له اتهاماً بالفساد، وقال انه يملك المستندات والاثباتات على ذلك، ومستعد لتقديمها، فكانت المفاجأة بعد ايام قليلة برفع دعوى قضائية ضدي، رُفضت من قبل القضاة لان لا علاقة لي بما قاله المدير السابق، لكن صاحب الدعوى لا يزال ينقلها من قاض الى آخر لغاية اليوم، الامر الذي يطرح المخاوف، ألهذه الدرجة بتنا مقيدين؟، وهل ناقل المعلومة اصبح كافراً؟. ام يعتبرون بأنّ السند السياسي او الحزبي غائب عن الاعلامية، فيما الاعلامي يحظى بتلك الميزة، او يعتبرون انها ستنسحب من المعركة وتتراجع وتسير وفق ما يريدون، لكن الحقيقة مغايرة بالتأكيد.

من القيود التي تقف حاجزاً ايضاً امام الاعلامية اللبنانية، إقالة عن الشاشات لمَن تخطين منتصف العمر والخبرة امام الجمال المصطنع، او الإستعانة بشابات لا يملكن الخبرة، انما الصبا الذي يليق بالشاشة الصغيرة بحسب ما يرى البعض، والتجارب كثيرة في هذا الاطار، فضلاً عن التمايز الموجود بين الرجل والمرأة، في ما يتعلق بالمناصب ضمن مهنة المتاعب.

الاعلامية نعمت عازوري اوسي: تغيبت عن الشاشة عمداً… فلكل زمن هواه

إعلامية الزمن الجميل نعمت عازوري اوسي، التي برزت كمذيعة أخبار على شاشة تلفزيون لبنان، بالحضور والصوت والصورة والإلقاء واللغة السليمة، اشارت في حديث لموقع LebTalks الى انها غائبة عن الشاشة عمداً، اذ تكتفي بنقل تجربتها الى طلابها في كلية الاعلام – الجامعة اللبنانية، وتقول:" لكل زمن هواه، وحين لا يكون الهواء مناسباً للفكرة التي اطمح الى تحقيقها، وبالتالي حين لا يعود الهواء يلائم الاوكسجين الذي انتفسه، فبالتأكيد هنالك صعوبة، لذا اؤكد لطلابي بأنّ الاعلام رسالة راقية تتطلب قول الحقيقة والجرأة، بعيداً عن الإستلزام لأحد.
وتلفت الزميلة اوسي الى انّ الشاشة تتطلب إحترامها، خصوصاً من قبل المذيعة ولباسها اللائق وتبرّجها، اللذين يفرضان بدورهما إحترامها من قبل المشاهد، لانّ صورتها يجب ان تتلاءم مع المهنة ومتطلباتها وحضورها الراقي ، واليوم إختلفت الامور والاوضاع، اذ بتنا نشهد في بعض الاحيان لباساً لا يليق بمذيعة الأخبار، مع سرعة ظهور إعلامي على الشاشات وفي مختلف وسائل الاعلام، من دون الخبرة الكافية، مع إطلاق تسمية "الاعلامي" او "الاعلامية" بسرعة غير مسبوقة، على كل من يدخل عالم هذه المهنة، بينما كنا في الماضي نجهد ونتعب ونتابع، ونسأل اصحاب الخبرة عن كل شاردة وواردة في مهنتنا، فيشكلون لنا هالة نتعلّم منهم ونصعد السلّم درجة درجة، فيما اليوم نراهم يتمتعون بثقة بالنفس قل نظيرها، ويتسلّقون المراكز بسرعة من دون اي خبرة، وهذا مؤسف خصوصاً حين " تكبر الخسة في رؤوس البعض" .
وتابعت اوسي:" عمليات التجميل التي تلجأ اليها بعض المذيعات، تساهم في إلغاء تعابير الوجه، ما يؤدي الى نوع من الجماد يعيق حضورها المطلوب، ويؤدي في بعض الاحيان الى أداء غير سليم ، مؤكدة بأنها مع كل امرأة تهتم بنفسها وجمالها وصورتها، وهي ليست ضد عمليات التجميل، لكن يجب التنبه من بعض التداعيات السلبية التي قد تظهر جرّاء ذلك".
وأملت ان يتلاقى دم جديد في عالم الاعلام، يشبهنا ويعيدنا الى الزمن الجميل، ونراه في اعلى المراكز، لافتة الى انها ترى في بعض الوجوه الجديدة مستقبلاً لافتاً يبشّر بالخير.

الاعلامية دعاء حمصي فرح : نأسف لتحديد دور الاعلامية بعمرها وشكلها

وفي هذا السياق تقول سكرتيرة التحرير في إذاعة صوت لبنان التي تنقل بالصوت والصورة معاً منذ فترة WEB TV، الزميلة دعاء حمصي فرح لموقع LebTalks: "إجمالاً الاعلام العربي وحتى اللبناني، ما زال مقصرّاً في كسر الصورة النمطية للمرأة، وهي معروفة بانها تقف في الخلف، وليس في المقدمة. وهنالك ثقة مفقودة تعكسها الاحصاءات التي تشير الى ان ٧٣ في المئة من المناصب الادارية والقيادية يتولاها رجال، فيما تأتي بنسبة أقل أعداد النساء العاملات في مواقع ادارية او قيادية، وهذا امر يحتاج الى تغيير واتاحة الفرصة امام الاعلامية لخوض مجالات أخرى في عملها".
وتتابع الزميلة فرح :" الاحظ جنوح الكثير من القنوات الاعلامية الى اختيار الشابات الجميلات، على الوجوه المخضرمة لتقديم الاخبار او البرامج السياسية". مبدية أسفها لان يتم تحديد دور المرأة الاعلامية بعمرها وشكلها الخارجي، لا بثقافتها او خبرتها، حرصاً منها على حصد نسبة كبيرة من المشاهدين، واشارت الى انّ هذه الصورة غير موجودة في الاعلام الغربي، فثمة خيط جامع لدى محطات التلفزة العريقة يترك مساحة واسعة للوجوه المخضرمة، في اطار التركيز على المحتوى وفن الحوار الذي ينّم عن ثقافة واسعة.

مذيعات غربيات وعربيات مخضرمات ما زلن على الشاشة

في العالم الغربي تبرز مذيعات كبيرات بالسن، امثال كريستيان أمانبور المذيعة الدولية الرئيسية لشبكة CNN، لبرنامج الشؤون العالمية الرائد الحائز على جوائز للشبكة "أمانبور". هي بريطانية من اصل ايراني ، تبلغ من العمر 64 عاماً .

عربياً، تبرز مذيعات كثيرات، لكن على سبيل المثال لا الحصر، مذيعة الاخبار الجزائرية خديجة بن قنة ، المُتخصصة في البرامج الحوارية في قناة الجزيرة ، هي في السابعة والخمسين من عمرها، وتتميّز بطلتها وحضورها وإلقائها .
كذلك المذيعة العراقية ليلى الشيخلي، التي تقدم البرنامج الأسبوعي بانوراما في تلفزيون أبو ظبي، ايضاً في السابعة والخمسين من العمر، لها مكانتها وحضورها.

في الختام لا بدّ من الاشارة الى انّ مهنة المتاعب منهكة جداً في لبنان، والتمايز حاصل ويحتاج الى إنتفاضة ناعمة من قبل الاعلاميات، على كل مَن يضع القيود امام حرية رسالتهن…

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: