اكد الوزير السابق ريشار قيومجيان أن "قرار الحكومة بسحب السلاح وتكليف الجيش بوضع خطة زمنية للغاية نفسها، قرار حكيم انتظره اللبنانيون 36 سنة، أي منذ إبرام اتفاق الطائف العام 1989 الذي أنهى الحرب الأهلية المقيتة على قاعدة حل الميليشيات وتسليم سلاحها إلى الدولة".
أضاف في حديث إلى "الأنباء" الكويتية: "إلا ان المؤسف في نتائج القرار المذكور هو أن الفريق المسلح في لبنان وضع نفسه انطلاقا من رفضه تسليم سلاحه في مواجهة مباشرة مع رئاسة الجمهورية والحكومة والسواد الأعظم من اللبنانيين التواقين إلى ولادة لبنان الجديد، لبنان الدولة الحقيقية القادرة والقوية والمحايدة عن الصراعات الإقليمية والدولية".
تابع: "ثلاثة احتمالات تحيط بقرار الحكومة المحق وطنيا والصائب في ترميم الهيكلية العامة للدولة وهي التالية: إما أن يعيد حزب الله قراءاته للمتغيرات الإقليمية والدولية، فيسلم سلاحه طوعا وينخرط في اللعبة السياسية الداخلية عملا باتفاق الطائف وأسوة بغيره من الأحزاب اللبنانية. وإما أن يصار إلى تمييع القرار وبالتالي وضع لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي قوامها المزيد من الضغوطات الاقتصادية والسياسية عليه، ناهيك عن تجميد المساعدات والاستثمارات العربية والدولية وتعطيل إعادة الإعمار. وإما أن تحسم الحكومة أمرها وتنفذ قرارها وفق الخطة الزمنية والاستراتيجية الميدانية اللتين سيضعهما الجيش، من دون اللجوء إلى مواجهات لا يريدها أي من المكونات اللبنانية السياسية منها والشعبية".
قيومجيان شدّد على انه واهم من يعتقد أن قرار الحكومة بسحب السلاح أتى نتيجة إملاءات خارجية عليها، إنما هو قرار سيادي صرف اتخذه اللبنانيون في الطائف، مضيفاً: "إلا أن التطورات والحروب ولعبة المحاور الممانعة التي أفضت إلى تسليح ميليشيات خارج نطاق الشرعية بحجة مقارعة ومقاومة العدو الإسرائيلي، حالت دون تنفيذه وإخراج لبنان من النفق. وبالتالي الكلام عن تنفيذ الحكومة اللبنانية للورقة الأميركية فقط مرفوض بالمطلق ومردود إلى أصحابه، خصوصا أن مطلقيه أول من أيد خطاب القسم ومنح ثقته للبيان الوزاري، وقد نصا صراحة على حصرية السلاح بيد الدولة".
ومضى قائلا: "لبنان في العناية الفائقة، بحاجة إلى عملية جراحية لتعافيه وعودته إلى الخارطتين العربية والدولية والى سابق عهده في المحافل الأممية، وكلنا أمل بمهارة وحكمة رئاستي الجمهورية والحكومة في استئصال الورم وإعادة تركيب هيكلية الدولة وفقا لأحكام الدستور ولما نص عليه اتفاق الطائف، وتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية، وذلك بالتوازي مع حراك ديبلوماسي مكثف للضغط على إسرائيل وإرغامها أولا على ملاقاة لبنان في تطبيق القرار الدولي 1701 وملحقاته في اتفاق وقف إطلاق النار، وثانيا على الانسحاب من الأراضي اللبنانية التي احتلتها بعد الحرب، وثالثا على العودة إلى اتفاقية الهدنة الموقعة في رأس الناقورة في 23 مارس 1949".
على صعيد مختلف، وعن المعلومات المسربة ومفادها بأن فرنسا أبلغت مسؤولين لبنانيين وجود صعوبة في التمديد لـ "اليونيفيل"، وأن الصيغة الأكثر قابلية للمرور في مجلس الأمن هي التجديد لسنة واحدة ولمرة أخيرة فقط، ختم قيومجيان بالقول: "المطلوب من الحكومة تكثيف تواصلها مع الجهات الدولية المعنية بالتمديد لقوات اليونيفيل من عدمه، من أجل التوصل إلى صيغة تبقي الأخيرة على وجودها في الجنوب، مع توسيع دورها ومهامها وحرية حركتها، خصوصا أنها تشكل عاملا مساعدا للجيش اللبناني في بسط نفوذه جنوب وشمال الليطاني وعلى كامل الأراضي اللبنانية".