توجه فوزي زيدان، رئيس ملتقى بيروت بكتاب مفتوح الى رئيس الحكومة نواف سلام وهذا ما جاء فيه "دولة الرئيس
تحية طيبة بعد، أكتب لكم والألم يعتصرني على الآمال التي وضعتها عليكم منذ سنوات اعتقاداً مني ومن الكثيرين أنكم الشخص المناسب لرئاسة الحكومة لما تملكه من مواصفات العلم والكفاءة والنزاهة، وعلاقات دولية نتيجة رئاستكم المحكمة الدولية. وضعنا عليكم الآمال رغم أننا لم نكن نعرف شيئاً عن خبرتكم وحنكتكم في إدارة العمل السياسي الوطني، فمسؤولية رئاسة الحكومة في وضع لبناني سيء لن تكون بالعمل السلس والسهل، لما يشوب التركيبة الطائفية اللبنانية من تعقيدات كبيرة، فهناك اختلاف كبير في الثقافة والنظرة إلى الحياة، فالبعض يحب ثقافة الندب والموت، والبعض الآخر يحب ثقافة الفرح والحياة، وشتّان بين الثقافتين.
استبشرنا خيراً بتكليفكم تشكيل الحكومة العتيدة، بخاصة أنكم ابن بيروت ومن عائلة سياسية عريقة، واعتبرنا أنّ الآمال التي وضعناها عليكم ستكون محلّ ترحيب من جميع اللبنانيين التواقين للتخلّص من الحالة المزرية التي وصلت إليها البلاد، من دمار مناطق لبنانية، واحتلال مناطق أخرى من العدو الإسرائيلي نتيجة دخول "حزب الله" الحرب تحت ذريعة "إسناد غزة"، فكانت نتيجة الإسناد ضعضعة الوضع الداخلي، وركود الأسواق التجارية، وخسائر بمليارات الدولارات. رغم ذلك ما زال الذي أوصلونا إلى هذا الدرك من الانهيار يهدّدون ويتوعّدون ويرفضون تسليم سلاحهم إلى الدولة، وهو السلاح الذي جلب، في الماضي والحاضر، كلّ المآسي التي شهدها ويشهدها وطننا الغالي لبنان.
دولة الرئيس
عندما كُلّفتم بتشكيل الحكومة، رفضتم زيارة مفتي الجمهورية اللبنانية وهي زيارة كان يقوم بها كل من يُكلّف بتشكيل الحكومة، ولم تشاركوا أبناء طائفتكم بالمناسبات الدينية، بذريعة أنكم علماني، وبعد وقت طويل وإلحاح ومناشدات وتمنيات من هنا وهناك قمتم بزيارة دار الفتوى.
اعتقدنا نحن أهل بيروت أننا سنكون في أمان معكم، وأنّ حقوقنا لن تمسّ أو تُهدر، فإذا بنا نصبح في عهدكم خارج لائحة التعيينات العسكرية والأمنية والإدارية، بل أكثر من ذلك بدأ التنكيل بأبناء بيروت لمصلحة من هم من خا رج بيروت، ولا غرو في ذلك فالذي يُمسك بملفّ التعيينات رئيس حكومة من خارج بيروت، والسيدة عقيلتكم وهي أيضاً من خارج بيروت ومعها مجموعة من كارهي بيروت. فأزحتم ابن العيتاني الناجح في رئاسة تاتش وعيّنتم قريبكم مكانه، وفي جعبتكم إزاحة ابن حمود من رئاسة مجلس إدارة المدينة الرياضية الذي له الفضل في إعادة الرياضة إلى المدينة لصالح شخص من خارج بيروت، كما تمّ إزاحة ابن اللبان النزيه الذي استلم دائرة الامتحانات واستطاع توفير مبالغ ضخمة لوزارة التربية، وطالب بإجراء تحقيق عن الفترات السابقة لاستلامه، وتعيين سيدة مكانه من خارج بيروت.
دولة الرئيس
عندما خذلكم، من هم تحت إمرتكم، في تنفيذ قراركم بعدم السماح بإضاءة صخرة الروشة، هبّ البيارتة وزحفوا إلى السرايا الحكومية مبايعين ومساندين ومؤيّدين، ليس دفاعاً عنكم فقط بل دفاعاً عن مقام رئاسة مجلس الوزراء، الذي لم تعرفوا كيف تحافظون عليه. وبالمناسبة أهين المقام من قبل عندما اعتبرتم نفسكم عضواً في الحكومة وليس رئيساً لها، بطلب التصويت على تعيين حاكم البنك المركزي، وفشلتم حتى بتصويت ثلث أعضاء إلى جانبكم . ومع كلّ ذلك وقف البيارتة، المغبونين منكم، إلى جانبكم بينما الآخرون من خارج بيروت الذين تراعوهم وتختاروا منهم في التعيينات لم نجدهم وقت الحاجة والشدّة إلى جانبكم.
نتساءل: هل عندكم يا دولة الرئيس كراهية لأبناء مدينتكم، وهوى لأبناء بوابة الجنوب والإقليم المجاور. نحن لا نطلب منكم أن تبتعدوا عن الآخرين لكن نطلب منكم إعطاء أهل بيروت حقّهم في التعيينات، والمحافظة على الموظفين البيارتة الشرفاء ودعمهم ومساندتهم، وأن تكون لهم المرجعية التي يلجؤون إليها وقت الشدّة.
دولة الرئيس
ربما أطلت عليك الكلام، ولكن ما كتبته يعبّر عن مكنون كل بيروتي، فالكلام كثير عن الإهمال اللاحق ببيروت وأهلها، وهي التي تتحمّل عبء عشرات آلاف اللبنانيين من المناطق الأخرى، وآلاف أخرى من غير اللبنانيين.
فهل ترضى يا دولة الرئيس أن يُقال عنكم أنكم البيروتي الذي أهمل بل نكًل بأبناء مدينته؟ نحن لا نرضاه لكم، والوقت ما زال متاحاً أمامكم لتصحيح الخلل الحاصل، والاعتماد على نصائح المخلصين من البيارتة، وليس نصائح اللاهثين وراء المراكز والمكاسب، والابتعاد عن نصائح الغرباء عن العاصمة، ففي بيروت كفاءات عالية وأشخاص كُثر يملكون الخبرة والمعرفة.
مع الاحترام والتقدير".