أقامت بلدية راشيا مهرجان الاستقلال في قلعة راشيا، برعاية وزيرة التربية والتعليم العالي ريما كرامي وبمشاركة اتحاد بلديات جبل الشيخ.
وحضر المهرجان عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب وائل أبو فاعور، ممثل النائب الدكتور قبلان قبلان الشيخ حسن أسعد، قائمقام راشيا نبيل المصري، رئيس اتحاد بلديات جبل الشيخ نظام مهنا وأعضاء الاتحاد، رئيس بلدية راشيا رشراش ناجي، ممثل المطران الياس كفوري والمدارس الأرثوذكسية الاكسيرخوس إدوار شحاذي، مدير التعليم الثانوي الدكتور خالد فايد، مدير التعليم الأساسي الدكتور جورج داود، مديرة مكتب وزيرة التربية مايا مداح، المستشار الإعلامي في وزارة التربية ألبير شمعون، مسؤول دراسات بعلبك الهرمل الدكتور وسام غازي، رئيسة لجنة السياحة في بلدية راشيا منسقة المهرجان فريال صعب وأعضاء المجلس البلدي، مخاتير راشيا، إضافة إلى ؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات تربوية وثقافية ونقابية واجتماعية.
استهل الاحتفال بكلمة لرئيسة اللجنة السياحية في بلدية راشيا منسقة المهرجان فقالت: "نجتمع في قلعة الإستقلال طلاب لبنان الواحد، لبنان التلاقي والعيش المشترك لنحتفل بعيد الاستقلال، ولنؤكد أن لبنان المستقبل لن يكون، إلا بالاستقلال التام، تحت سقف الدولة اللبنانية ومظلة العلم اللبناني، هذه القلعة التي تحمل مجد لبنان، ومنها ولد الاستقلال".
وألقى رئيس بلدية راشيا كلمة قال فيها: "نحن اليوم نحلم بجيل المستقبل، وكلنا أمل بوزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي وبسياساتها التربوية الحكيمة لاستعادة دور لبنان التربوي، فمن هذا الصرح التاريخي ورمزيته الوطنية حيث سطر رجالات الدولة في ٢٢ تشرين ثاني ١٩٤٣ ملحمة بطولية فكان الاستقلال، وها هي قلعة راشيا على قاب قوسين وأدنى من افتتاح متحف الاستقلال لتصبح من أهم المعالم السياحية والثقافية في لبنان".
أضاف: "التاريخ سيذكر المواقف والأفعال وليس الكلام والأمنيات فأنت من حفر اسم راشيا في التاريخ من قلعتها إلى سوقها وجبلها إلى كل تفصيل فيها، وإني أشكر النائب وائل أبو فاعور لأنه الرقم الصعب، شاء من شاء وأبى من أبى".
ومن جهته، تحدث رئيس اتحاد بلديات جبل الشيخ نظام مهنا فرحب بالجميع في "راشيا الوادي بلدة القيم الوطنية والعطاء، بلدة الاستقلال"، وقال: "إن حضور وزيرة التربية بيننا اليوم، هو دعم واضح لمسيرة التربية التي لا تقوم على التعليم فحسب، بل على بناء الشخصية الوطنية وتعزيز قيم الانتماء للأرض والمجتمع، فهذه هي الركائز الأساسية لبناء الإنسان الفاعل".
أضاف: "بالعلم والمعرفة نصون استقلالنا، وبالتربية الصحيحة نحافظ على قيمنا ووحدتنا الوطنية. فيا طلاب الوطن، أنتم أمل لبنان ومستقبله وقوته الحقيقية، كونوا يدا واحدة ترفع علم لبنان بالمحبة والالتزام، ولا تدعوا السياسة أو الطائفية تفرق بينكم، فلبنان يحيا بالوحدة والأخوة ويضعف بالتفرقة".
وألقى أبو فاعور كلمة توجه فيها إلى الوزيرة كرامي بالقول: "نقدر زيارتك لراشيا، فنحن نفتخر بك ونشكر لك محبتك لكل طلاب لبنان. كما نشكر لك رعايتك هذا اللقاء الواسع. أرحب بالجميع وبكل طلاب لبنان من الشمال والجنوب والبقاع وبيروت وجبل لبنان، من كل لبنان من أقصاه إلى اقصاه. هنا، في هذه المساحات المشتركة يصنع مستقبل لبنان، فهذا جيل المستقبل، جيل الأمل، جيل الوطن والمواطنة، هذا الجيل الذي نحلم بأن يخلق وطنا من دون ضغائن وكراهية وأحقاد وانقسامات".
أضاف: "هذا يوم للفرح وللاستقلال وللتعليم وللتربية، هذه المسيرة التي نرعاها برمش العين في لبنان، فتحية الى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام والجيش اللبناني وكل طلاب لبنان، أنتم الأمل والمستقبل، شكرا لبلدية راشيا ولاتحاد البلديات ومنسقة النشاط فريال صعب وكل الحضور".
وألقت كرامي كلمة قالت فيها: "نلتقي اليوم في مناسبةٍ يتجدّد فيها معنى الاستقلال، لا كذكرى نعلّقها على جدران الزمن، بل كقيمةٍ حيّة نمارسها يوميًا في حماية الدولة وبناء الإنسان. فالاستقلال الحقيقي لا يُقاس بغياب الوصاية فحسب، بل بقدرتنا على صون هويّتنا الوطنية، وترسيخ روايتنا الجامعة، وإحياء روح المواطنة في مؤسساتنا ومجتمعنا".
أضافت: "كيف لا؟ ولقاؤنا اليوم في بقعةٍ من لبنان حفرت في حجارتها لحظات مشرفة من تاريخه، راشيا التي يتلألأ اسمها كلما ذُكر الاستقلال وتنير قلعتها الوجدان. ولم يبق هذا التميّز مجرّد لمحاتٍ في التاريخ نستذكرها، بل أنتم اليوم، طلاب لبنان، ومعكم هذا اللقاء الوطني الجامع، تجسّدونه من جديد، حيث يلتقي أبناء الشمال بعروبتهم مع أهل الجنوب بصمودهم، وتتعانق بيروت في مجدها مع أهل الجبل والبقاع في نسيجٍ يجسّد الوحدة الوطنية المنشودة".
وتابعت: "في قلب هذا الحلم، تقف وزارة التربية والتعليم العالي أمام مسؤوليّة وطنيّة كبرى. ففي كلّ بلد يسعى لصون استقلاله، تكون التربية حارس وجدانه الجماعي، والدرع الذي يحمي هويّته من التشظّي. هي الجهة التي يُناط بها بناء المواطن لا المتعلّم فقط، وترسيخ الحسّ الوطني لا نقل المعرفة فحسب. وفي مؤسساتها تُصاغ السياسات التي ترسم مستقبل الوطن، وفي مدارسها تتكوّن القيم، وتُغرس البذور الأولى للمواطنة".
وأردفت: "من هذا الإدراك، تتحمّل وزارة التربية في لبنان مسؤوليّة استثنائية في مرحلة حسّاسة من تاريخ الوطن، حيث تتنازع السرديات، وتضعف الثقة بالدولة، وتتهدّد قيم العيش المشترك. لذلك، كان واجبنا أن نعيد من خلال التربية السردية الوطنية الواحدة، تلك التي تجمع اللبنانيين، وتعيد الاعتبار لفكرة الدولة الحاضنة الجامعة، دولةٌ تتجاوز الانقسامات، وتفتح أمام أبنائها مساحة آمنة لعيش كريم يقوم على القانون والصالح العام".
وقالت: "في قلب هذه الرؤية تبرز المدرسة الوطنية بوصفها النموذج الأسمى لما نريده للتربية في لبنان، مدرسة تحمل صفة الوطنية في معناها العميق، وطنية في رسالتها، في تنوّعها، في شراكتها، وفي انفتاحها على مجتمعها. هي المدرسة التي تُجسّد رؤية التربية 2030 التي أطلقناها، رؤيةً تقوم على سبعة مجالات مترابطة: تعليم نوعي، قيادة تربوية فاعلة، بنية تحتية عصرية، رقمنة تربوية، تعليم دامج وشمولي، تعاون مع المجتمع المحلي، وشراكات مع الجامعات ومؤسسات البحث والتطوير. مدرسة تُنصف كل طفل وطفلة، وتفتح أبوابها أمام الجميع دون تمييز؛ تربط المتعلم ببيئته ومجتمعه؛ وتستثمر في التكنولوجيا كجسر للمعرفة لا كترف. مدرسةٌ يدعمها مكانٌ آمن يربّي كما يعلّم، ويمنح الطالب شعور الانتماء والقدرة على الإبداع".
أضافت: "لا أخفي عليكم أنّ وجودي اليوم بين هذا الجمع الذي يضم مدارس وثانويات من مختلف مناطق الوطن، أعاد إليّ اليقين بأنّ المدرسة الوطنية ليست حلماً بعيداً، بل حقيقة بدأت تنفض عنها غبار الأزمة، وتستعيد دورها كمنارة تغيير وبناء".
وتابعت: "نحن نسعى لتأسيس ركيزة الدولة الحديثة، وكل مسار إصلاحي، مهما كان ضروريا، لا بد أن يرافقه بعض الألم والتضحيات. فالحياة نفسها تولد من رحم الألم. واليوم، نحن أمام قرارات قد لا تبدو شعبية، لكنها ضرورية لحماية المدرسة الرسمية وضمان استقرارها، وملف المنتدبين واحد من هذه القرارات التي تهدف إلى سدّ الفراغ الذي خلّفه انتقال جزء من الملاك إلى التعليم الثانوي، وتخفيف الأعباء المالية، وإعادة تشكيل مجالس المدارس بشكل سليم، والعودة إلى أداء تعليمي مستقر. وفي الوقت نفسه، نحن متفهمون تماما لواقع بعض الثانويات وحاجتها الملحّة لبعض المنتدبين. لذلك سنجري دراسة دقيقة لكل طلب، انطلاقًا من معايير تربوية واضحة تُقدّم مصلحة التلامذة والتربية فوق أي اعتبارات خاصة أو ضيقة".
وأردفت: "قبل أن نعود إلى روح لقائنا، اسمحوا لي أن أتوقف عند دور الإعلام في هذه المرحلة الحساسة. أنتم سلطتنا الرابعة، عين ساهرة على الحقيقة، وصوت وطني مسؤول. وإذا جاءكم خبر، فتبينوا، لا تدعوا شغف السبق أو كشف الفساد يحجب حكمتكم، أو يجركم إلى معارك سياسية عقيمة. أبواب الوزارة وبياناتها ومعلوماتها في متناولكم ضمن القانون والأصول، فكونوا شركاء في حماية المدرسة الرسمية ورفع رايتها، ولنتذكر جميعًا أن كثيرًا من أقلامكم كتبت كلماتها الأولى على مقاعدها".
وقالت: "اجتماع كهذا يحمي وجدان لبنان من الانقسام، ويمنح أبناءه ذاكرة مشتركة ورواية واحدة لوطن واحد، وأنتم، يا طلاب لبنان، حَمَلةُ راية الأمل في مستقبل أكثر تماسكًا وعدلًا. وما تجديد المناهج، إلا تعبير عن التزامنا أن تعكس هذه المناهج تاريخًا وطنيًا مشتركًا، وأن ينتقل تعليم المواطنة من الكتب إلى السلوك والممارسة، وأن يمتلئ المعلّمون بالمعرفة والمهارات التي تجعلهم رسلًا للانفتاح والعقلانية والحوار. وهكذا يتحقق التكامل بين الممارسة والمصدر، ونقترب من الهدف الذي نسعى إليه".
أضافت: "التربية ليست ترفًا ولا قطاعًا خدميًا، بل هي مشروع وطني متكامل تُبنى به الدولة وتُصان. وإذا كانت الجيوش تحمي الحدود، فإن التربية تحمي الوجدان الوطني من التفكك، وتمنحنا القدرة على البقاء شعبًا واحدًا رغم اختلافاتنا".
وتابعت: "في هذا العيد الوطني، نؤكّد التزامنا أن تبقى التربية اللبنانية صوت الدولة ورسالتها وأداتها لبناء التماسك الوطني. وأريد لكم، يا طلاب لبنان، أن تعيدوا اكتشاف وطنكم، لا كجغرافيا فحسب، بل كحال إنسانية فريدة تجمع بين التنوع والوحدة، بين الحرية والانتماء، وبين العقل والإيمان".
وأردفت: "أشكركم فردًا فردًا على هذا الإنجاز الوطني التربوي الوحدوي، وأخص بالشكر من صمّم فكرة هذا اللقاء، ومن عمل على تنظيمه، وكل المدارس والثانويات وطلابها الذين شاركوا فيه ورافقوا نجاحه بروح مسؤولة ووطنية. لقد أنرتم الذكرى وجسدتم معانيها بأرقى الصور، وجعلتم من عيد الاستقلال هذا العام نقطة انطلاق نحو استقلال تربوي يعيد بناء المواطن، ويحصّن المجتمع بالمعرفة والقيم، ويجعل من المدرسة الوطنية بوابة عبور إلى لبنان الذي نحلم به".
وشكرت "أبو فاعور اهتمامه ومتابعته وجهوده".
ثم تقدم كل من كرامي وأبو فاعور المسيرة الطالبية من القلعة عبر درج الاستقلال، مروراً بسوق راشيا الأثري، وصولا إلى القاعة العامة، حيث اقيم احتفال فني كبير تضمن عرضا للنشاطات الفنية والتربوية والوطنية التي قدمها طلاب المدارس المشاركة.