" كل ما دَقّ كوز المصايب بجرّة المآسي"، وعند وقوع أي حادث أليم في جمهورية التعاسة المتناسلة كما الأزمات فيها، تتعالى أصوات مطالبةً بإحالة الحادثة أو الجريمة الى المجلس العدلي، حتى بات الأمر لازمةً يكرّرها مَن يفقه بالقانون ومَن لا يعرف عنه شيئاً على الإطلاق.في هذا السياق، يقول مصدر حقوقي في معرض ردّه على الأصوات المطالِبة بإحالة حادثة غرق الزورق قبالة شاطىء طرابلس أول من أمس، إن " الحكومة تملك حصراً سلطة إستنسابية تخوّلها تصنيف الحادثة أو الجريمة من خلال تحديد طبيعتها ونتيجتها وتأثيرها على الدولة ككيان متماسك، وكذلك على السلم الأهلي أو الأمن الداخلي، لافتاً الى إلتباسات عدة تحيط في العادة، بالملفات الواجب إحالتها الى المجلس العدلي، الذي هو محكمة إستثنائية لا ترد ضمن التنظيم القضائي العادي.الإحالة على المجلس العدلي لا تعني بالضرورة أن هناك جدية أو سرعة بالبتّ في الملفات المحالة أمامه أكثر من المحاكم العادية، وبالتالي فإن إستنساب الإحالة هو موضوع " توصيف" من قبل الحكومة، ما يعني أنه توصيف سياسي- دستوري.لا يرى المصدر المعني أن هناك حاجة لإحالة ملف حادثة غرق زورق الموت، على بشاعتها وفظاعتها، على المجلس العدلي لعدم إستيفاء الشروط الجزائية. صحيح أن الحادثة طال مواطنين لبنانيين وغير لبنانيين، لكنها لا تحمل عناصر الجناية المتعمدة، بل الجنحة حتى وإن كان توصيفها بالقتل غير العمدي.
أما النقطة الأهم فهي عدم إكتمال نصاب هذا المجلس المؤلف من الرئيس الأول لمحاكم التمييز وأربعة قضاة من محكمة التمييز يُعينون بمرسوم، وقد يكون من ضمنهم قضاة وردت أسماؤهم في المرسوم الذي ينتظر توقيع وزير المالية الذي يتمهّل بإنتظار "تصحيح أخطاء شكّلت سابقة"، على ما برّر وزير المالية في بيان الإمتناع عن التوقيع، قبل أن يسلك المرسوم طريقه الى رئاسة الحكومة ثم رئاسة الجمهورية للتوقيع فيصبح نافذاً.