أوضح النائب السابق إيلي كيروز بعض الحقائق في القرنة السوداء، مشيراً إلى أنه “على اثر الفاجعة التي تمثلت بقتل هيثم طوق ومالك طوق، وبغياب الرواية الرسمية النهائية وخلال وجودهما في القرنة السوداء التابعة لنطاق بلدية بشري، وجدتُ من الضروري، ومن موقع المتابع للقضية في مرحلة معينة ان أُوضح مجموعةً من الوقائع والنقاط الملتبسة لدى البعض حول خلفية الخلاف والإشكاليات المتكررة نتيجة تقاعس الدولة بمراجعها الإدارية والقضائية والعسكرية عن تطبيق القانون وبت الملفات العالقة والمرتبطة بهذه القضية، وإحقاق الحق الأمر الذي يعطل كل مبرّر أو حجة لاستمرار التعديات واستغلال الواقع لافتعال الفتنة”.
وقال، إن “الخلاف بين بشرّي وبقاعصفرين كان دائماً ومنذ التسعينيات يتمحور حول جّر مياه الثلاجات من القرنة السوداء الى بقاعصفرين خلافاً للقوانين. وإن مسألة المُلكية لم تكن يوماً مطروحةً: فالقرنة السوداء في الواقع وفي وجدان اللبنانيين تقع في النطاق العقاري والجغرافي لبلدية بشري”.
وأضاف، “التعدي المستمر على القرنة السوداء أثبتته ومنذ سنوات طويلة، وقبل الوصول الى فاجعة اليوم، جملةُ وقائع قانونية تؤكد منطق بلدية بشري ولا تقبل الجدل وأبرزها:
– قرار وزير البيئة رقم 1/187 الصادر في 17 تشرين الثاني 1998 الذي صنّف الموقع المعروف بجبل المكمل – القرنة السوداء من المواقع الطبيعية الخاضعة لحماية وزارة البيئة ومنع أي أعمال من أي نوع كان على سطح الأرض او في باطنها من دون موافقة مسبقة من الوزارة .
– قرار مجلس الوزراء رقم 2004/55 والذي كلّف بموجبه وزارة الطاقة والمياه بإزالة التعديات عن الأملاك العمومية في القرنة السوداء .
تقرير وزارة الطاقة والمياه في 2/9/2004 الذي أشار الى ما رافق التمديدات من دخول للجرّافات والآليات والأفراد الى مواقع الثلاجات وما رافقها وما نتج منها من تلوّث سواء للثلاجات نفسها أو للمناطق المحيطة بسبب رمي النفايات وحفر الخنادق وبِرك تجميع المياه مما ألحق ويُلحق الأضرار الجسيمة بالمنطقة والبيئة ويهدد بوقوع كارثة بيئية .
تقرير اللجنة المكلّفة من محافظ لبنان الشمالي في 4/7/2007 بالكشف على المنطقة ومسح التعديات على الثلاجات والذي أوصى بإزالة كل أنواع التمديدات وإعادة الحال إلى ما كانت عليه سابقاً.
– كما نشير إلى الرأي الذي أبداه التجمع اللبناني لحماية البيئة وإعتبر فيه أن جّر المياه من القرنة السوداء يؤثر على دورة المياه وتغذية ينابيع المنطقة خصوصاً أن هذه الظاهرة تتفاقم عاما بعد عامٍ داعياً إلى معالجتها جذرياً”.
ولفت إلى أنه “في 19 تموز 2007 وفي اجتماع في السراي الحكومي، خُصص للبحث في موضوع سحب المياه من الثلاجات المنتشرة في القرنة السوداء باتجاه بقاعصفرين، تم الاتفاق مع رئيس بلدية بقاعصفرين السيد عمر طالب على إزالة جميع التمديدات من مياه الثلاجات في القرنة السوداء قبل موسم 2008 “.
وأشار إلى أنه في 2 تموز 2009 أقدم مسلحون من بقاعصفرين على إطلاق النار في اتجاه دورية مشتركة من قوى الأمن الداخلي وشرطة بلدية بشري كانت تقوم بواجبها الإعتيادي في إطار التحرّي عن حصول تعديات على الأملاك والمياه العمومية في القرنة السوداء، ولقد تقدمت بلدية بشري يومها بشكوى لدى النيابة العامة الإستئنافية في الشمال لملاحقة مطلقي النار والقبض عليهم وإحالتهم أمام القضاء المختص”.
وأوضح، “لقد كان الخلاف دوماً وعلى مدى سنوات يتعلق بسحب مياه الثلاجات وجّرها خلافا للقوانين وللقواعد الصريحة لقطاعَي المياه والبيئة. لقد دعونا دائماً إلى ان يأخذ القانون مجراه وأن تقوم السلطات الحكومية والقضائية والمؤسسات العسكرية والأمنية بما يمليه عليها واجبها على أكمل وجه، علماً أن الخلاف في القرنة السوداء لا يحل الا بالإحتكام إلى الدولة، وفي هذا الإطار، لم يعد مقبولاً أي تأخير في حل القضية وفقاً للقانون والحقوق الثابتة، ومنعاً للتداعيات والمحاذير المحتملة”.
وقال، ان “استشهاد هيثم طوق ومالك طوق لن يذهب هدراً، وإن الدم المسفوك ظلماً في القرنة السوداء هو بمنزلة عمادة جديدة لأرض بشري المباركة. إن ما أسلفتُ، وإن كان لا يتصل مباشرة بالجريمة، فهو يُلقي الضوء على الحقائق التاريخية والقانونية التي تساهم في بلورة المشهد بكامله، وتالياً يساعد على حل القضية بعيداً من المزايدات والإستغلال ودرءاً للفتنة التي يحاول فريق الممانعة بثها بين اللبنانيين”.