في ظل هذا التباين بين التزام الدولة وتعطيل "الحزب"، وتبعات اجتماع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع عدد من الوزراء وكبار المسؤولين بشأن لبنان، جاء تصريح الموفد الأميركي توم براك، ليوصّف الواقع القائم داخل المؤسسة العسكرية بقوله: "إن الجيش اللبناني يواجه صعوبات كبيرة في نزع سلاح حزب الله، وذلك بسبب نقص التمويل وانخفاض رواتب أفراده".
وأعرب براك لصحيفة "نيويورك تايمز" عن شكوكه في قدرة الجيش اللبناني على تحقيق هدفه المعلن المتمثل في نزع سلاح "حزب الله" بنهاية هذا العام.
ومع ذلك، يرى براك أنه لا توجد بدائل لهذا المسار من حيث استقرار الوضع في لبنان نفسه وعلى حدوده مع إسرائيل.
وفي هذا السياق، علمت "نداء الوطن" أنه لم يُسجَّل حتى الساعة أيّ خرق أو إيجابية على خط بيروت - واشنطن. فمن جهة، لا جواب أميركيًا واضح بعد حول كيفية التعامل المستقبلي مع الجيش اللبناني عقب إلغاء زيارة قائد الجيش رودولف هيكل.
ومن جهة ثانية، لا يزال الموقف الأميركي ثابتًا على إصراره بضرورة تحرّك الدولة نحو معالجة ملف سلاح "حزب الله" واستعادة سيادتها كاملة، فيما تعتبر واشنطن أن الضمانات التي يطالب بها لبنان ليست سوى حجج يستخدمها "الحزب" للتشبّث بسلاحه.
وتشير المعلومات إلى أن لبنان يحاول إقناع الجانب الأميركي بأن الجيش يتحرّك جنوب الليطاني، وأن الجيش الإسرائيلي يمنعه من استكمال انتشاره وفق الخطة.
إلا أن الواقع، بحسب المصادر، يشير إلى أن الدولة نفسها علّقت خطتها التي أقرتها في 5 و7 آب تحت ذريعة "الخطوة مقابل خطوة"، ما أثار غضب واشنطن التي رأت في هذا السلوك محاولة التفاف على القرارات الدولية وتذاكيًا سياسيًا لا يخدم مسار التهدئة.
وتزداد الصورة وضوحًا مع الزيارة المرتقبة لأورتاغوس إلى بيروت، والتي يُتوقع أن تستكمل عملية التبليغ الرسمي للسلطات اللبنانية بخطورة الوضع ودقة المرحلة، وبضرورة الالتزام الكامل بما تعهّد به لبنان منذ أشهر.
إذًا وفيما كل المصادر ترجح كفة الحرب على المساعي الديبلوماسية، وفيما يستمر الجيش الإسرائيلي بشن غارات على بنى تحتية تابعة لـ "الحزب" في مناطق مختلفة جنوب لبنان، يواصل الأخير من خلال كتلته النيابية "الوفاء للمقاومة" المضي قدمًا في سياسة الانفصال التام عن الواقع، من خلال تحميله المجتمع الدولي المسؤوليّة القانونيّة والسياسيّة في عدم إدانته الاعتداء على بلدٍ مؤسِّس واتهامه بالوقوف شاهد زور.