ما أفضى به بعض القادة الروحيين والسياسيين في الطائفة السنّية، وتحديداً سماحة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، إلى كل من الرئيسين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة، حول عدم مقاطعة السنّة للإنتخابات النيابية المقبلة، فذلك، يصبّ في خانة النُبل، لا سيما وأن هذه الطائفة، لطالما زخرت بمواقف قادتها منذ الإستقلال إلى اليوم بالسيادة والوطنية والتضحية في سبيل الوطن، منذ أيام الرئيسين رياض الصلح وصائب سلام وسواهما، وصولاً إلى الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي قال "ما حدا أكبر من بلدو"، ورئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري، صاحب شعار "لبنان أولاً".من هذا المنطلق، اتّسمت مواقف القادة السنّة، إلى كتلة "المستقبل" النيابية، وقيادة هذا "التيار" بالحكمة والإتّزان حفاظاً على السلم الأهلي والإستقرار والطائف، والإلتزام بالإستحقاقات الدستورية في مواعيدها المحدّدة.توازياً، فالبعض ذهب بعيداً في القراءة والإستنتاج والغرق في التحليل، لدرجة التعميم على الجمهور بضرورة المقاطعة في الإنتخابات النيابية المقبلة. إلا أن "حسابات الحقل لم تنطبق على حساب البَيدر"، فجاءت مواقف و لاءات المقرّبين من الرئيس سعد الحريري واضحة لا لبس فيها. الأمر الذي تحدّث عنه أحد أقرب المقربين من الرئيس الحريري وصديقه، رئيس جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية أحمد الهاشمية، عندما نفى ما يثار عن مقاطعة للإنتخابات من قبل الطائفة السنّية. وذلك، ما يحاول البعض استثماره سياسياً وشعبياً، في حين أن الرئيس الحريري كان واضحاً في مؤتمره الصحافي عندما قال أنه "يعلّق مشاركته في الحياة السياسية"، وبمعنى آخر أن هذه خطوة مرحلية، ولا تعني إعتزال العمل السياسي، ناهيك إلى دعوته لعائلة "المستقبل" بعدم خوض الإستحقاق الإنتخابي، وليس المقاطعة بالمشاركة من القواعد المستقبلية والأنصار والأصدقاء.
وعَودٌ على بدء، فإن مواقف قادة السنّة وطنية بامتياز، وهذه الطائفة مؤسِّسة، وكانت دوماً إلى جانب الدولة والدستور، وصحيح أن غياب الرئيس الحريري و"المستقبل" عن المشهد الإنتخابي له تداعياته، وسيؤدي إلى افتقاد شريحة أساسية تمثيلية للطائفة السنّية، ولكن ذلك لا يعني المقاطعة.فما يحصل اليوم من قبل البعض، استغلال لما أعلنه الرئيس الحريري. ولكن، نذكّر البعض، وبحسم وجزم، أن ما قام به زعيم "المستقبل" خطوة مرحلية، وسيعود إلى قلب الحياة السياسية، وهو قطبها، والأمر عينه لقيادة "التيار الأزرق"، فالتاريخ والتضحيات لا تمحوها مواقف لأهداف ومرامٍ واضحة المعالم.