كتب جورج أبو صعب
اثر اطلاق امين عام حزب الله حسن نصرالله لمبادرته باستقدام سفن نفط إيرانية لامداد لبنان بالمحروقات – وتزامن هذا الموقف مع موقف السفيرة الأميركية دوروثي شيا باستجرار الغاز المصري الى لبنان عبر سوريا – ظن البعض ان موقف الثانية جا كردة فعل على موقف الأول – في حين الحقيقة عكس ذلك تماما .
منذ فترة عقدت قمة ثلاثية في بغداد ضمت الى الجانب العراقي الممثل بالرئيس برهان ورئيس الوزراء الكاظمي – كلا من الملك الأردني عبدالله والرئيس المصري السيسي ودشنت هذه القمة ما عرف بمشروع الشام الجديد – الذي ووفق المخطط له من المقرر ان يضم اليه كلا من لبنان وسوريا .
هذا المشروع وضع على السكة الصحيحة – وقد كان تتويجا لتحضيرات بدأت منذ العام 2000 من ضمن نظرة اكتفاء اقتصادي ذاتي لدول المنطقة كوسيلة من وسائل الاستقلال العربي بالثروات عن القوى الإقليمية والدولية الطامعة غداة تفجر ما سمي بالربيع العربي
استمرت التحضيرات لضم لبنان وسوريا الى المشروع – خاصة وان كلا من البلدين مأزومين اقتصاديا وتنمويا – وبخاصة لبنان الذي وصل الى قعر الهاوية في شتى المجالات حتى بات مصيره مهددا .
بالتوافق مع واشنطن – وبعدما تقطعت السبل – نتيجة إصرار دول الخليج ولا سيما المملكة العربية السعودية على مقاطعة لبنان وحجب المساعدات عنه لموقف سياسي معروف تجاه سيطرة حزب الله على مفاصل الدولة وقراراتها السيادية – تقرر تحريك مشروع خط الغاز المصري عبر الأردن وسوريا – فطلبت واشنطن من صندوق النقد الدولي تأمين الأموال اللازمة لتمويل ضخ مصر الغاز عبر الأردن وسوريا الى لبنان – وفي نفس الوقت لاستجرار الكهرباء من الأردن الى لبنان ووافقت على منح لبنان استثناء من قانون قيصر لتمرير التغذية الغازية والكهربائية الى الأراضي اللبنانية عبر سوريا .
وضعت المراحل التنفيذية على نار حامية لإنقاذ الوضع اللبناني – وبخاصة لتحقيق الأهداف الاتية :
أولا : البدء بسحب لبنان وسوريا من السيطرة الإيرانية – بمباركة ضمنية من موسكو التي يهمها التخلص من ضغط التاثير الإيراني في سوريا وتأثيرات الانهيار في لبنان السلبية على الوضع السوري – من خلال مد لبنان وسوريا بالغاز والكهرباء – وقطع الطريق امام اية محاولة إيرانية للمبادرة في هذا الاتجاه امعانا من طهران بتاكيد سيطرتها على هذين البلدين واهتمامها بهما .
ثانيا : تغيير الاتجاه الأساسي الذي كان مخططا له في مشروع الغاز المصري – للمنطقة – بحيث حرمت تركيا من الامداد الغازي -مساهمة من الدول العربية المعنية في تحجيم الدور التركي ومبادلته سنوات العداء التي عاشتها العلاقات التركية العربية ولاسيما مع مصر السيسي والأردن عبدالله الذي تمكن من احباط انقلاب اخواني عليه – وصولا الى العراق الذي لم يعد يريد أي دور تركي في مشروع عربي – عربي شرق اوسطي تنموي واقتصادي – فتم تعليق العمل بالشبكة الغازية المصرية التي كان من المفترض ان تتابع سيرها من سوريا الى منطقة كيليس التركية .
ثالثا : افهام دول المنطقة والقوى العظمى ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية – بان للعرب وعلى راسهم مصر والمملكة العربية السعودية القدرة على الاهتمام ببعضهم ومساعدة بعضهم – دون الحاجة لا للايراني ولا للتركي ولا لاية دولة – وكل هذا في سياق الرد العكسي على تخلي واشنطن عن دعم حلفائها في المنطقة وانسحابها المقلق بالشكل والمضمون من أفغانستان .
كل هذا يفسر بقاء السفينة الإيرانية المبحرة الى لبنان واية سفينة إيرانية أخرى بعد اليوم لغزا يكتنفه الغموض – دون ان نغفل ما يمكن ان تقوم به طهران ومعها تل ابيب من اجل عرقلة المشروع العربي عامة ومد لبنان بالغاز والكهرباء .