تتمسّك مصادر نيابية مطّلعة بقراءتها التشاؤمية للمشهد الحكومي الذي لا يزال معلّقاً عند الوساطات الجارية وراء الكواليس، والتي يقودها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، على أكثر من جبهة محلية وخارجية، ولكن من دون أن تظهر حتى الساعة أية مؤشّرات تسمح بترقّب بصيص أمل في نهاية النفق المظلم، خصوصاً وأن أكثر من عنوان سياسي وقضائي بات من صميم الأزمة الحكومية الأساسية، والتي تتعلّق بالتحقيقات الجارية في جريمة تفجير مرفأ بيروت، في موازاة قضية العلاقات مع دول الخليج، وعلى رأسها الأزمة المتصاعدة مع المملكة العربية السعودية. وتكشف هذه المصادر، أن المدخل إلى عودة الحكومة إلى العمل، يقتضي إقفال هاتين القضيتين اللتين أصبحتا متلازمتين اليوم، وذلك على الرغم من كل التفسيرات والتي باتت تصدر، وبشكل يومي، عن أكثر من طرف سياسي وحزبي مشارك في الحكومة ويطالب بعودة اجتماعاتها.
وبصرف النظر عن كل التعقيدات المستجدة أمام مساعي الرئيس ميقاتي، الهادفة إلى تبريد الأجواء وإنضاج ظروف اجتماع الحكومة، فإن هذه المصادر، تقول أن الإعتراضات على مسار التحقيق العدلي، قد سلكت سبيلها إلى المعالجة وفق القوانين وداخل المؤسّسات، ولكنها تستدرك بأن أي تقدم لن يتحقّق في المدى المنظور ، ممّا يفيد بأن الأبواب شبه موصدة بالكامل .
ولكن المساعي الجارية بين المقرّات الرئاسية والتي نشطت أخيراً، لن تتوقف وهي ما زالت في إطار نقل المواقف من الأزمة الحكومية، حيث برز اتجاه إلى الفصل ما بين أزمة العلاقات مع الخليج ومسألة الإعتراض على طريقة سير التحقيق العدلي بتفجير المرفأ.
وعليه، تعتبر المصادر النيابية المطلعة، أن التركيز الحالي من قبل الرئيس ميقاتي، هو على الحؤول دون تحويل حكومته إلى إطار تصريف الأعمال، مع العلم أن التحدّيات والأزمات المتناسلة على الساحة الداخلية، تفترض استنفاراً على كل المستويات، وبشكل خاص في مؤسّستي مجلس الوزراء ومجلس النواب، من أجل تفادي الإنزلاق السريع إلى “التصعيد” وإلى الإنهيار الإجتماعي، في ضوء عودة التقلّبات الحادة إلى سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وما يمكن أن ينتج عن ذلك من مناخ شعبي وتوترات وتحرّكات في الشارع من قبل مجموعات الإنتفاضة والمجتمع المدني.
ومن ضمن هذا السياق، تكشف المصادر النيابية نفسها، أن تمايزاً بات مكرّساً داخل مجلس الوزراء في صفوف الفريق الواحد، وذلك إلى جانب الإنقسام الأساسي حول مقاربة تحقيقات المرفأ، وبالتالي، فإن المواجهة وعرض المقاربات المختلفة والمتناقضة، قد امتدّ إلى الشارع، ولم يعد يقتصر على التعبير عن الإعتراضات داخل المؤسّسات، مع العلم أن التوجّه الرئيسي لدى غالبية القوى السياسية ، هو العودة إلى الحوار المباشر والصريح، كون الجميع لم يعد يملك ترف الوقت والتأجيل كما التعطيل للحكومة، في الوقت الذي تتخبّط فيه الساحة الداخلية بأزمة إقتصادية مخيفة، وتزداد خطورتها يوماً بعد يوم، وكأن البلد متروك لمصيره ، وتفترض إنعاش الحكومة والإبتعاد عن خطاب التفرقة والتصعيد والتوتر من قبل كل الأطراف.
