لا شك أن ما تشهده دول الخليج من أحداث فنّيّة ورياضية وثقافية مُتقَنَة ومنظّمة بشكلٍ دقيق، وحفلات عربية وعالمية جامعة استطاعت أن تلفت الأنظار نحو التطوّر الكبير الذي يحصل في العالم العربي خصوصاً "المحافظ" منه، متمسكاً مع كل هذا التطوّر بتقاليده وتراثه العربيّ، وإثر إعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن " الشرق الأوسط سوف يكون «أوروبا الجديدة» في العصر الحديث"، باتت دول الشرق الأوسط محط اهتمام كبير في المرحلة الراهنة خصوصاً في ظل التوتّر القائم حالياً حول العالم وتحديداً في أوروبا، لهذا يبقى السؤال الأبرز وسط كل هذه الأحداث، أين لبنان من هذه المعادلة؟ وهل خرج عن الخريطة الفنية والثقافية المزدهرة لصالح الدول المواكبة للتطوّر راهناً؟
وفي هذا السياق، اعتبرت مصادر دبلوماسية مواكبة في حديث لموقع LebTalks أن "غياب لبنان عن واجهة كل هذه الإنجازات والمؤتمرات والمهرجانات التي لطالما كان لبنان الحاضن الأول لها، هو نتيجة طبيعيّة للعزلة التي يعيشها لبنان والأوضاع المتردّية التي لم يشهدها هذا البلد من قبل ، وكل هذا يأتي من جرّاء اختطاف البلد من قبل محور لا يشبه تاريخ لبنان وثقافته العربية والفنّيّة والإبداعية، وبالتالي خسارة لبنان للدور المحوري الذي كان يلعبه هي نتيجة خسارته لكيانه بالتزامن مع التطوّر والتقدّم الكبيرين اللذين نشهدهمل في العالم العربي ودول الخليج". ويصف المصدر نفسه هذه الحالة بأنها "حالة طبيعية في ظل ارتهان البلد للمحور الإيراني الذي يشتّت الدولة ويعمّق الانهيار الحاصل في البلد، هذا الإنهيار الذي يمنع البلد من احتضان كل النجوم التي نراها مكرّمة في الخارج ومُهمَلة في الداخل".
إضافة إلى ذلك، يشير المصدر إلى أن ما يعاني منه لبنان من شلل وفوضى سياسية ودستورية بدءاً من الاستحقاق الرئاسي، مروراً بغياب الحلول والإصلاحات وصولاً إلى غياب الأمن والقضاء، كلها أمور تدفع ببيروت عاصمة الثقافة وخزّان الفن أن تصبح معزولة في ظل خطط ورؤى مستقبلية واضحة للدول المحيطة كافة خاصة الخليجية منها، وسيبقى لبنان يتأثّر سلباً في الفترة المقبلة أكثر فأكثر إلى حين إعادة العمل المنتظم في مؤسسات الدولة وإطلاق ورش الإصلاحات الضرورية كي يستطيع لبنان النهوض مجدداً".
وفي سياق آخر، ترفض مصادر متابعة وصول لبنان الى "حال البكاء على الأطلال" وسط كل هذا التطوّر والإزدهار القائم في محيطه العربي، معتبرة أن "كل ذلك يجب أن يكون داعماً ومحفّزاً للبلد كي ينهض من جديد ويتخطّى كل هذه الأزمات، و أن يكون عبرة للسلطة الحاكمة كي تشعر بما فعلته في بلد كان الحاضن الأكبر لكل تقدّم في العالم العربي خصوصاً"، مؤكّدة أن "مصلحة لبنان هو البقاء في قلب محيطه العربي وما يحصل من نهضة في الجوار لا يجب الغياب عنه في ظل وجود خطة ورؤية مستقبلية، على أن يكون ذلك درساً يتلقّنه مسؤولو هذا البلد المتخاصمون على الصغائر، بينما العالم من حولنا ينهض بسرعة وتقدّم باهر".