اختتمت الشبكة المحلية للميثاق العالمي للأمم المتحدة في لبنان، وبدعم من شركة IPT Group Holding و بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، فعاليات مجموعة التعلّم التشاركي حول الانتقال العادل التي امتدّت على مدار ثلاثة أيام.
جمعت هذه المبادرة قادة من قطاع الأعمال، والحكومة، والأوساط الأكاديمية، والمجتمع المدني، ووكالات التنمية، بهدف البحث في سبل عملية لدفع لبنان نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات، مرن مناخيًا، وشامل اجتماعيًا.
تُوّجت المشاورات بحوار حضوري في معهد عصام فارس في AUB بتاريخ 12 أيلول، حيث تعاون أصحاب المصلحة على صياغة توصيات لـ"خارطة طريق وطنية للانتقال العادل".
وستُدرج هذه التوصيات ضمن "ورقة بيضاء" قائمة على آراء الشركاء، لدعم أطر التخطيط في لبنان، وتعزيز دور القطاع الخاص في صياغة استراتيجيات مناخية طويلة الأمد.
وقالت الدكتورة ديما جمالي، رئيسة مجلس إدارة الشبكة المحلية للميثاق العالمي للأمم المتحدة:
"على لبنان أن يضمن عدم تهميش الفئات الضعيفة والعمال والمجتمعات، مع تمكين الشركات من الابتكار والنمو."
من جهته، شدّد الدكتور طوني عيسى، الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس إدارة IPT Group Holding، على الدور الجوهري للحكومة في دفع التغيير الجذري، قائلًا:
"يجب تعزيز دور الوزارات والمؤسسات العامة، وتشجيعها على تبنّي مبادئ الاستدامة والمناخ، ليس فقط لمواءمة السياسات مع الأولويات العالمية، بل لأنّ كل نشاط اقتصادي خاص مرتبط بها بشكل مباشر أو غير مباشر."
من المبادئ إلى الممارسات
قدّمت مجموعة التعلّم التشاركي على مدار الأيام الثلاثة تجربة شاملة بدأت بوضع أطر الانتقال العادل العالمية في السياق اللبناني، من خلال مداخلات من منظمة العمل الدولية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، وخبراء إقليميين، سلطت الضوء على هشاشة المناخ في لبنان، وضعف اقتصاده، وعدم المساواة الاجتماعية فيه.
وبُنيت الجلسات التالية على هذه الأسس عبر استكشاف محفّزات الأعمال مثل التمويل الأخضر، وحوكمة المياه، وتطوير المهارات، والابتكار الدائري، مبرزةً كيف يمكن للقطاع الخاص أن يكون محرّكًا للمرونة والتنافسية.
كما قدّم عدد من المسؤولين الحكوميين البارزين، من بينهم الدكتور شادي مُهنا، السيدة سوزي حويّك، السيد بيار الخوري، الدكتور ناصر ياسين، والسيد جاد زغيب، لمحة شاملة عن الأولويات الوطنية في مجالات أنظمة الغذاء والزراعة، إدارة المياه وكفاءة الموارد، الطاقة المتجدّدة والعدالة في الوصول إلى الطاقة، إدارة النفايات والاقتصاد الدائري، وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة والشمول والعدالة الاقتصادية، موضحين نقاط الالتقاء بين القطاعين العام والخاص.
رسائل رئيسية
شدّدت المداخلات الأساسية على الطابع العاجل للانتقال العادل وعلى ما يحمله من فرص.
فقد أشار الدكتور عمّار علّابي، عميد كلية الزراعة والعلوم الغذائية في AUB، إلى أهمية البحث والمهارات والابتكار في تعزيز المرونة.
وربط السيد عمران ريزا، المنسّق المقيم والإنساني للأمم المتحدة في لبنان، جهود لبنان بالأطر العالمية والتعاون الإقليمي.
كما أكدت الآنسة أليكسا ماريا الحدّاد، ممثلة IPT Group، على الدور المحوري للقطاع الخاص في تحفيز الاستثمار وتقديم حلول قابلة للتوسيع.
نقطة تحوّل في مسار لبنان المناخي
شكّلت هذه المبادرة محطة بارزة في مسيرة لبنان المناخية، حيث أرست فهمًا مشتركًا لمفهوم "الانتقال العادل" يتماشى مع واقع البلد.
وقد أقرّ المشاركون بتحدّيات لبنان الاقتصادية والحكومية والمناخية، وفي الوقت ذاته حددوا فرصًا ملموسة للابتكار والاستثمار وبناء المرونة.
وقد ساهمت الجلسات في تعزيز الحوار بين القطاعين العام والخاص حول المناخ والتنافسية، عبر مناقشات صريحة شملت التنظيم، التمويل، وبناء الثقة.
وكانت الحصيلة مجموعة رؤى قابلة للتنفيذ ضمن "الورقة البيضاء" الوطنية، تجمع بين مكاسب سريعة وأولويات طويلة الأمد في مجالات الطاقة المتجدّدة، حوكمة المياه، تحويل النفايات إلى موارد، وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة.
تشكل هذه النتائج أساسًا لخارطة طريق وطنية تعزز التخطيط على المستوى الوطني، وتُبرز القيادة المتنامية للقطاع الخاص في استراتيجية لبنان المناخية.
في الختام قالت السيدة دينا فاخوري، المديرة التنفيذية لشبكة الميثاق العالمي للأمم المتحدة في لبنان:
"لقد أظهرت هذه الجلسات أن القطاع الخاص في لبنان مستعدّ لتولّي زمام القيادة. من خلال دمج مفهوم الانتقال العادل في استراتيجيات الأعمال، يمكننا بناء المرونة، وجذب الاستثمارات، وضمان عدم ترك أحد خلف الركب."
عن شبكة الميثاق العالمي للأمم المتحدة - لبنان
تُعد شبكة الميثاق العالمي للأمم المتحدة في لبنان (UNGCNL) الفرع المحلي للمبادرة العالمية الأكبر للاستدامة المؤسسية، وهي تهدف إلى تعزيز المبادئ العشرة للميثاق العالمي في مجالات حقوق الإنسان، والعمل، والبيئة، ومكافحة الفساد.
تعمل الشبكة مع شركات ومؤسسات من مختلف القطاعات لمواءمة استراتيجياتها وعملياتها مع الممارسات المستدامة والمسؤولة اجتماعيًا.
من خلال الحوار، والتعلّم التشاركي، والتعاون متعدد الأطراف، تُمكّن الشبكة القطاع الخاص من اتخاذ إجراءات جريئة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات الفريدة التي يواجهها لبنان.
وتسهم الشبكة في دفع سلوكيات الأعمال المسؤولة، وتشجيع الابتكار، وتعزيز الشفافية والشراكات التي تُسهم في تحقيق النمو الشامل، والمرونة، والازدهار طويل الأمد.


