أريج عمار
تستمر الاحتجاجات العنيفة في فرنسا بالتمدّد باتجاه أنحاء مختلفة في البلاد، وذلك بعد أن اشتعل الشارع الفرنسي إثر مقتل الفتى ذي الأصول الجزائرية نائل المرزوقي عن عمر ال ١٧ عاماً برصاص شرطي، وبالرغم من عدم إعلان حالة طوارئ إلا أن الأوضاع في الشوارع الفرنسية ليست مطمئنة، وهو ما تظهّر جلياً من خلال إلغاء عدد من الحجوزات في الفنادق والمهرجانات في فرنسا.
" هي ليست المرة الأولى التي نشهد فيها على هكذا احتجاجات في فرنسا إلا أن تحركات اليوم هي الأكثر تدميراً وعنفًا"، بهذه العبارة يصف الكاتب والمحلل السياسي مروان المتني المشهد في فرنسا في حديث لموقع LebTalks.
أما عن أسلوب السلطة الفرنسية في التعامل مع الأحداث الجارية، فإعتبر المتني أنها "تتّبع استراتيجية الاحتواء المسبَق، فهي لا تستخدم أدواتها ولا وحداتها العسكرية كافة أو غيرها من الوسائل لإيقاف الاحتجاجات، خصوصاً هذه المرة نظراً لأن سبب تأجيج الشارع كان مقتل الشاب نائل على يد شرطي"، مشيراً الى أن السلطات الفرنسية تراهن على عامل الوقت لاحتواء هذه الإحتجاجات قبل اتخاذ الخطوات الحازمة بالرغم من أنها بدأت تدفع بقوات متخصصة بمكافحة الإرهاب، كما تحاول السيطرة على منصات مواقع التواصل الإجتماعي والكاميرات التي بإمكانها تسجيل ما يحصل، إضافة إلى محاولة الوصول إلى المحرّضين الحقيقيين مع بدء توارد معلومات عن أنه من المحتمل أن يكون هناك أطراف خارجية لديها يد في هذه الإحتجاجات، إلا أنني أعتقد أن ردة فعل السلطات الفرنسية ستكون تصاعديةً، وهي لا تزال تملك بعض الوسائل في الأيام المقبلة لاحتواء هذه الإحتجاجات".
وفي الإطار ذاته، أشار المتني إلى أن المخيف هذه المرة أكثر هو أن "الفرز الذي أنتجته الإنتخابات الأخيرة في فرنسا هو بمثابة فرز عمودي بين صعود اليمين المتطرّف وصعود اليسار المتطرّف، فالأحزاب التقليدية اليمينية واليسارية باتت ضعيفة جدًا، والأخطر أن الرئيس ماكرون لا يتمتّع بأغلبية نيابية واضحة ولا بتحالفات سياسية يمكنها أن تحمي أي قرار يمكن أن يتخذه للتعامل مع مثل هذه الاحتجاجات أو غيرها، لذلك يحاول أن يكون معتدلاً بقراراته واستراتيجيته كي يستطيع أن يمنع اليسار واليمين المتطرّف من أن يستفيدا شعبياً من هذه الاحتجاجات، إنما الأكيد هو أن لا حل نهائياً لهذا الأمر في فرنسا نظراً للتنوّع والتعدّد في نسيجها الاجتماعي، لأن الموضوع له علاقة بالاندماج وصراع الحضارات وسط نزاعات عالمية لها طبيعة إثنية، وفرنسا اليوم هي إحدى خطوط التماس في هذه الصراعات".