في ظل الاجتماعات الخفية التي يقوم بها بعض الافرقاء السياسيين، من تحت طاولات الغداء والعشاء في منازل الاصدقاء المشتركين، لبحث الملفات العالقة وخصوصاً الاستحقاق الرئاسي كما يقولون، يعتقد هؤلاء بأنهم يستطيعون إخفاء ذلك على الصحافيين، فيما الحقائق كلها واضحة ولا شيء "يكعي علينا"، وعلى الرغم من كشف كل لقاءاتهم التي بدأها منذ فترة رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، وبطريقة سريّة بعدما بات في عزلة سياسية، بسبب خلافاته مع الحليف الوحيد المتبقي له اي حزب الله، ومع ذلك " طار" هذا التحالف، لذا إتجه باسيل نحو الخصوم هذه المرّة، علّه يستطيع تحقيق بعض الإيجابية التي تصّب في خانة الاتفاق على مرشح رئاسي ثالث، يتم التوافق عليه للوصول الى قصر بعبدا، وهو بدأ هذه المهمة مع رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط مساء الجمعة الماضي، من دون ان يسفر اللقاء عن أي نتيجة، اذ لم يستطع باسيل الحصول على مكسب سياسي من جنبلاط، وفق ما علم موقعنا من مصدر مسؤول في الحزب "الاشتراكي".
أما اللقاء مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فجرى بمبادرة من الصديق المشترك علاء الخواجة على مأدبة غداء في منزله، فإذا بالنتيجة مماثلة، بسبب امتناع الوزراء المحسوبين على" التيار" عن توقيع المراسيم الصادرة عن الحكومة، خصوصاً تلك المتعلقة بالمؤسسة العسكرية، والأمر عينه إنسحب على اللقاء الذي جمع باسيل برئيس تيار " المردة " سليمان، وبقي ضمن الإطار الاجتماعي والتباهي بالهوايات فقط، لانّ الخلاف كبير ويصعب إزالته .
هذه الموائد التي جمعت الخصوم الذين يتباهون بالقبلات والمصافحات والغزل السياسي حين يجتمعون، يخفون كل تلك المحادثات لانهم يخافون من بعضهم ومن فضح المستور، فهم في العلن يتبادلون الشتائم والاتهامات، وفي الخفاء يوزعون الغزل يميناً وشمالاً، ويتناسون ما فعلت أياديهم بهذا الوطن وشعبه، والى ما ادت مناكفاتهم وإنقساماتهم على الحصص من تدمير حياة شعب بأكمله.
فإلى متى ستبقون ضمن صورة اللامبالاة هذه، وكأنّ البلد بألف خير؟، متى ستستفيقون من سباتكم العميق وتقومون بما يملي عليه واجبكم؟، وتتناسون المصالح الخاصة ولو لمرّة، رأفة بهذا الشعب المحطّم من جرّاء أفعالكم والاعيبكم؟، متى سترّف جفونكم ولو لمرّة؟!
