دستورياً، تكاد تكون الطريق الوحيدة للهروب من مسؤوليات النائب في المجلس هي إفقاد الجلسة نصابها، إذ أن الدستور لا يلزم النواب بشيء حتى من جهة حضور الجلسات، إنما التعويل يجب أن يكون على حس المسؤولية من النواب تجاه الأصوات التي أوصلتهم لأن يكونوا نواباً في المجلس!
ولكن هذا التعويل سقط منذ مدة طويلة مع التجديد لذات الأشخاص في الانتخابات النيابية الأخيرة، إنما المهم هو الأسباب التي تسمح ب "تطيير النصاب" في الدورة الثانية من انتخاب رئيس للجمهورية، فالسبب الأول هو عبثية وصبيانية أغلب النواب الذين يدعون "التغيير" إذ كيفما استطعنا نطرح الأسماء عشوائياً دون أي قراءة واضحة ولا أي هدف أو رؤية تسمح بإيصال الأسماء المطروحة، أما السبب الثاني فهو عدم اكتراث الأغلبية الحالية صاحبة الورقة البيضاء بمصير البلد وعباده فولاءهم علانية ليس للداخل بل لكلمة من الخارج تملي عليهم ما يجب أن يفعلوه، وحتى الٱن لم يحصلوا على تلك الكلمة والتخبّط الداخلي لهذا الفريق هو من بين أسباب عدم توحدهم على اسم أو حتى عنوان محدد.
أما السبب الثالث فهو مزايدة البعض بالوطنية، محاولين جاهداً في كل جلسة إثبات وطنيتهم الوهمية بزج اسم "لبنان" في كل تصويت وكأنهم يحاولون تذكير أنفسهم بالبلد الذي يدمرونه ويدخلونه في فراغ قاتم غير مدركين، أو بلى، أن لبنان الذي يكتبون اسمه على الورقة يحتاج إسما فعلياً ليخرجه من كل هذه الظلمة الحالكة التي يوقعونه فيها عند كل ساعة تأخير بإنجاز الاستحقاقات المطلوبة.
هو العرض الرابع من مسرحية هزلية أبطالها "نواب أمّة" لا يأبهون بمسؤولية موكلة إليهم، ولا بموت الوطن وأبنائه عند كل مفترق وانعطافة واستحقاق، عسى أن يستفيقوا من كبوتهم، أو أن تصلهم تلك الكلمة التي ينتظرونها من الخارج علّها تكون بداية الخلاص، مع أن الخلاص على يد هؤلاء موت كبير!