لطالما نجح بعضهم عبر التاريخ بالاستفادة من "الموجات" غير المستدامة التي تجتاح الرأي العام من أجل إقتحامهم الحياة السياسية مستخدماً سلاح الشعبوية، إلا ان قلة من هذا البعض إستطاعت التحرّر من هذا النهج الوصولي والانتقال من مصاف الظواهر السياسية العقيمة المرتكزة فقط على اللسان السوقي السليط الى خانة المناضلين السياسيين او رجال الدولة المتحررين من عقدهم والذين يستطيعون ان يطيّعوا ألسناتهم. بحيث وإن كانت لاذعة وكحد السيف إلا انها متحرّرة من الغوغائية والشعبوية والسفاهة.
فشل نجاح وكيم في العبور من مصاف هذه الظواهر الى تلك الخانة. فذاك الشاب الآتي من البربارة في بلاد جبيل الى بيروت راكباً موجة "الناصرية" وداخلاً من ساحة النجمة كأصغر نائب في مجلس العام 1972، لم يتحرّر من عقده السياسية المرتبطة ببنيته المجتمعية.
نصف قرن من تعاطيه السياسة، لم يخرج فيها عن دور الفتى المشاغب والمشاكس في ساحة النجمة، والسلبي في كل الساحة. فكان من ضمن "عدة الشغل" حيناً لمواجهة "المارونية السياسية" وحيناً آخر لزكزكة الحريرية السياسية وأحياناً كثيرة لإضفاء لعبة المعارضة والموالاة والايهام بوجود حياة ديمقراطية في ظل القبضة الحديدية للنظام الامني السوري على الحياة السياسية اللبنانية أو لتبرير إرتكابات المقاومة الاسلامية في لبنان من قبل ناصري علماني عروبي مفترض.
كذلك، مضى قرابة ربع قرن على "حركة الشعب" التي أسسها واكيم عام 2000 إنطلاقاً من خليط فكري ناصري ويساري وفشل في تحقيق أي حركة جدية في الحياة السياسية وفي إقناع الشعب ليمنحه تفويضاً في صناديق الاقتراع، فكانت بلا حركة ولا بركة الشعب.
يتوهّم واكيم ان زعيقه في المقابلات المتلفزة ودخان سجائره قد يمنحه صدقية وأن رفعه شعار الناصرية لدغدغة من يقفون على أطلالها قد يكسبه شعبية، يتوهّم ان فظاظته في الكلام قد تشكل "اوكسيجان" ينعشه كـ"جثة سياسية". صحيح أن هذه الفظاظة قد توفر له إطلالات إعلامية لما يقدمه من "بهلوانيات سياسية" في زمن السباق لكسب اكبر عدد من المشاهدات Traffic ولكنها لا تستطيع كسر حقيقة انه "خارج المعادلة" ومن مخلفات حقبة سياسية سابقة.
في آخر مواقفه، توجّه واكيم في 13/12/2022 لرجال الدين بالقول: "انضبوا بكنائسكم وجوامعكم"، مشيرًا الى أن "دورهم دائماً ما كان فتنوياً" وأن ما يطرحه البطريرك الراعي وغيره هو "تعميق الانقسام بين اللبنانيين وزيادة التعصب".
هو لا يعيب عليهم الادلاء بمواقفهم كأفراد بل كرجال دين، ولكن فاته ان طبيعة لبنان في هذا الشرق إقتضت ان تلعب المؤسسات الدينية وفي طليعتها الكنيسة المارونية أدواراً وطنية مترفّعة عن زواريب السياسة التي يمتهنها. فات نجاح وكيم ان النجاح بولادة دولة لبنان الكبير عام 1920 كان على يد بطريركها الياس الحويك والنجاح بدحر الاحتلال العسكري السوري عام 2005 كان أبرز صانعيه بطريرك الاستقلال الثاني مار نصرالله بطرس صفير. من حق واكيم ان ينتقد من يشاء ومتى يشاء ولكن الانتقاد لا يمنحه حق تزوير الوقائع والتاريخ. أما لغته السوقية فتليق به وحده وربما لا يفهم سواها، لذا نقول له بلغته "إنت نضب".