لوسيان شهوان: "الحزب" رعى منظومة الفساد في لبنان.. وطلبه الحوار مع السعودية ليس مهماً "ايرانياً" ولا يمكن طرحه بهذا الشكل "لبنانياً"

lucien2

في قراءة مسهبة للأوضاع والتطورات الراهنة في لبنان والمنطقة، رأى الباحث السياسي لوسيان شهوان أن "التقرير الذي يجب أن  يقدمه الجيش اللبناني في الخامس من تشرين الأول المقبل أي بعد شهر على الحديث عن خطة الجيش لتسلّم السلاح وحصريته بيده إنما هو مؤشر واضح على كل ما سبق أن قاله الموفد الأميركي توم براك وغيره من الموفدين، فالتصعيد الإسرائيلي الذي شهدناه الأسبوع الماضي من تفجير للمنازل بطريقة "غريبة" يذكرنا بما كنا نشاهده في بداية الحرب، ما يدل على أن هناك شيئاً ما لم تتم معالجته ومن المفترض أن يقدّم الجيش اللبناني إجابات على أمور كثيرة فب تقريره الاول، من هنا وانطلاقاً من اجتماع "الميكانيزم" بالأمس في الناقورة من المفترض أن نعرف الى أين وصلت الأمور وأنه ويجب البدء بالحديث عن حقائق وتقارير علمية واضحة سواء من قبل الجيش او من اجتماع الميكانيزم لنعرف ماذا يجري في جنوب الليطاني". 

وقال شهوان إنه صحيح أن "ما قاله براك كان صادماً في مكان ما ولكن في قراءة ما بين السطور فإن الموقف الأميركي الذي عبّر عنه براك ليس جديداً لأن المطلوب من لبنان كان دائماً بأن يقوم بما عليه فعله بغض النظر عما تريده الولايات المتحدة أو فرنسا أو الدول الأخرى، فعلى لبنان واجبات يجب عليه القيام بها كي نكون في مصاف الدولة الطبيعية، إذ يجب أن نقوم بالمطلوب منا في حده الأدنى، والمدخل لما هو  مطلوب منا سواء لناحية وقف الأعمال العدائية أو باقي التوصيات التي تلت، هو حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني وهذا المدخل هو الذي يضع لبنان فوق السكة الصحيحة لبناء دولة طبيعية". 

شهوان أشار الى أن "السلاح فقط هو ما يعبّر عن حزب الله الذي منذ نشأته حتى اليوم لم تكن الدولة هدفه فإذا عدنا الى البدايات أي منذ قدوم الحرس الثوري الإيراني الى البقاع وتدريب المجموعات المسلحة، الى الوثيقة التأسيسية للحزب في العام 1985 والتي أعلن فيها التزامه الكامل بولاية الفقيه وكل الالتزامات التي تلتها ثم حرب تموز التي اعتبر الحزب بأنها انتصار إلهي للأمة وللبنان شاء مَن شاء وأبى مَن أبى حتى ولو رفض اللبنانيون الإعتراف بهذا الأمر، وصولاً الى التعديلات التي أُدخلت على الوثيقة التأسيسية في العام 2009 والتي رفض فيها الحزب التخلي عن المسألة الفكرية العقائدية، إضافة الى الكثير من التصريحات ومنها خطاب الأمين العام للحزب نعيم قاسم الذي لا يقيم اعتباراً للدولة حتى الآن، فالحزب ومنذ نشأته الى اليوم لا يعبّر سوى عن العنف، أما المجموعات الأخرى فقد شكّلت حالات ظرفية لأنها حملت السلاح عندما تخلت الدولة عن دورها في العام ١٩٦٩ كما تخلت عن سيادتها  في اتفاق القاهرة، من هنا رأينا أن هذه المجموعات حملت السلاح من أجل أن تنهض الدولة من جديد ومع أول فرصة بعد وثيقة الوفاق الوطني تم تسليم السلاح الى الجيش اللبناني وبالتالي فإن الفرق شاسع جداً بين نشأة حزب الله وتطوره وتعاطيه مع الدولة ونشأة المجموعات اللبنانية الأخرى التي كانت تدافع عن نفسها وقتذاك ولوكانت الدولة تقوم بدورها في تلك المراحل لما إضطُرت هذه المجموعات الى حمل السلاح، وما زاد الطين بلة أن الرئيس حافظ الأسد خلال توليه الحكم أخذ الأمور الى منحى آخر فتم تحوير اتفاق الطائف الذي طُبّقَ منه ما كان على "ذوق" الأسد". 

"مشاريع الحروب الدائمة مصيرها الموت"، هكذا يضيف شهوان الذي يقول إن "التاريخ علمنا بأن مثل هذه المشاريع لا يمكن أن تستمر وهو تطور طبيعي، فالموجة اليوم هي باتجاه الحرية والشراكة الاقتصادية لأن المنطقة تتغير وكل الركائز من دول ومجموعات تسير بهذا الاتجاه، فالمنطقة ترفض الحروب وتريد الخروج منها لأن لا أفق لها سوى الموت، من هنا يجب أن يكون لدينا دولة طبيعية مسؤولة عن أمنها لا دولة يتحالف فيها الفساد مع السلاح منذ عشرات السنين، ومع أهمية الذهاب الى الإنماء يجب أن يكون هناك استقرار يحمي هذا الإنماء، من هنا يجب تخطي المربع الأول أي على الدولة أن تحتكر العنف لوحدها وأن تقدم مؤشرات تعطي الثقة والتطمينات الى دول الخارج فتأتي هذه الأخيرة لتضع يدها بيد لبنان، وهذه هي المعضلة الأساسية التي لم تتخطاها الدولة بعد، أي معضلة السيادة الكاملة على أراضيها، علماً أنه وفي الظروف الراهنة من النادر أن نشهد هذا الإجماع الذي نشهده اليوم حول مسالة واحدة سواء من الولايات المتحدة الأميركية أو المجموعة الأوروبية أو الجامعة العربية، من هنا يبدو أنه من الصعب أن يواجه حزب الله كل هذا الضغط، مع العلم أن حزب الله كان ولا يزال يقدم دائماً التنازلات لإيران ومحور الممانعة لكنه غير مستعد أن يقدم أي تنازلات للدولة اللبنانية حتى تقف على رجليها، وبالتالي فهو يرفض بالمطلق الدخول الى العقيدة الوطنية اللبنانية حتى الآن، وما مطلبه للحوار مع المملكة العربية السعودية على لسان أمينه العام ليس مهم انطلاقًا من انتمائه الايراني، فإيران تتحدث مع السعودية بالمباشر، اما وانه فريق لبناني فأي طرح يطرحه يجب ان يمر من خلال وزرائه في مجلس الوزراء فهناك المكان الطبيعي لطرح هذه الأمور. ربما يفهم طرح الشيخ نعيم انه "نداء استغاثة" لأنه يخشى تطويقه على المستوى الداخلي قبل الخارجي مع انفتاح السعودية وتواصلها مع المجموعات السنية في لبنان". 

شهوان رأى أن "هناك عاملًا رديفاً آخر هو الاقتصاد المتوازي وأن حزب الله هو الراعي الرسمي لكل منظومة الفساد لأنه بسلاحه يمنع قيام مناخ صحي مستقر"، معتبراً أن "إيران أمام خيارين لا ثالث لهما: الأول أن يبقى الحزب أداة تخريبية لا أكثر والثاني التموضع داخل تركيبة المنطقة لكن ليس بشروطه إنما بشرط آخر وهو ما يُنسج للمنطقة أي الاستقرار الكبير". 

اما عن الانتخابات النيابية فقال شهوان: "يجب أن تحدث وأن يتمكن المغتربون من الاقتراع لـ128 نائباً"، رابطاً "بين مؤشرات أكثر من جدية في موضوع حصرية السلاح والانتخابات النيابية لأن مَن لا يريد الانتخابات هو حزب الله وحلفاؤه والتيار الوطني الحر وحركة أمل بهدف المحافظة على قوتهم ووزنهم القائم راهناً". 

بالنسبة الى شهوان، فإن الرئيس السوري أحمد الشرع اختصر المشهدية السياسية كلها بالانتقال من زمن العنف والحروب الى زمن الحوار والاتفاقات إذ إن المشهد السوري يتماهى مع الاتفاقيات الأمنية التي تؤدي الى مناطق منزوعة السلاح وضمانات يقدمها الشرع الى إسرائيل للانتهاء من الجيوب الإيرانية في سوريا وكذلك انسحاب اسرائيل التدريجي من المناطق السورية التي دخلت اليها بعد سقوط نظام بشار الأسد، أما على الصعيد الاقتصادي فسوريا تملك سبعة قطاعات حيوية للاستثمار منها الطاقة والاتصالات والبنى التحتية والنقل والزراعة والاقتصاد الرقمي وكل ذلك يتطلب وضع حد لكل عوامل الحروب والتخريب واللاستقرار. 

ورأى شهوان أن "طرح حل الدولتين بالنسبة الى القضية الفلسطينية يعود الى العام 1947، مع تمظهر مؤشرات اليوم الى التوجه نحو قرار تاريخي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على صعيد المجتمع الدولي انطلاقاً من مبادرة بيروت في العام ٢٠٠٢، لكن المسألة لا تزال عند رمزيتها ولا شيء ملموساً على الأرض، علماً أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا يمشيان في نفس الاتجاه وسط حشد دولي يطالب بقيام الدولة الفلسطينية أي إننا لا نزال في المربع الذي كان قبل ٧ تشرين الأول". 

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: