أشار الكاتب السياسي جورج أبو صعب الى أن “منذ أيام، حذرنا في مقال بعنوان، الدولة اللبنانية في مأزق، من دخول البلاد في منطقة اشتباك جيو سياسي حساسة، حيث تقف على فالق يفصل بين المحور الإيراني والمحور الأميركي”.
وكتب عبر “إكس”: “أشرنا يومها إلى أن واشنطن بدأت تفقد صبرها إزاء البطء في معالجة ملف سلاح “حزب الله”، وأن خطة أميركية جديدة للبنان ستبدأ ملامحها بالتبلور مع وصول المبعوث باراك.”
وتابع: “ها هي المؤشرات الأولى تظهر سريعًا، عبر رد حازم من وزارة الخارجية الأميركية على تصريح العماد جوزاف عون، الذي اعتبر الغارات الإسرائيلية الأخيرة على الضاحية الجنوبية رسالة إلى واشنطن. الخارجية الأميركية أكدت بوضوح أن الولايات المتحدة لن تردع إسرائيل، معتبرة أن لتل أبيب الحق الكامل في الدفاع عن أمنها ضد ما ترى فيه تهديدًا من سلاح الحزب”.
في المقابل، تتمحور المعادلة الحالية على صراع إرادات: واشنطن تضغط لجمع سلاح الحزب كشرط أولي لأي خطة إنقاذ اقتصادي أو دعم مالي، بينما يتمسك “حزب الله”، وعبره الدولة اللبنانية، بالحصول على ضمانات أميركية – إسرائيلية قبل أي خطوة في هذا الاتجاه.
ولقت الى أن المفارقة أن إسرائيل، وفق اتفاق جانبي وقع مع واشنطن في تشرين الثاني 2024، تعتبر أن لها حق الضرب المسبق في العمق اللبناني متى رأت تهديدًا، فيما ترى الدولة اللبنانية هذه الهجمات انتهاكًا لسيادتها وأمنها.
هكذا يتكرس مشهد “حوار الطرشان”، حيث تختبئ الدولة خلف الحزب، ويختبئ الحزب داخل الدولة، لتجد الأخيرة نفسها في مواجهة مباشرة مع كل من أميركا وإسرائيل، في موقع لا تحسد عليه، يعيد تموضع لبنان كليًا في المحور الإيراني.
أخطر ما في هذا السياق أن البلاد دخلت فعليًا حقبة “ما بين الحربين”: الأولى جرى اختبارها في بروفة ميدانية بين أيلول وتشرين الثاني 2024، أما الثانية، فهي تقترب أكثر فأكثر، وتعدّ بأن تكون الأعنف والأكثر تدميرًا، ليس فقط على الحزب بل على مرافق الدولة اللبنانية التي قد تتحول هذه المرة إلى أهداف مباشرة.
وختم بالقول، التحذير واضح: لبنان أمام خطر الانهيار الكبير، والجمهورية تقف على حافة السقوط المريع للدولة.