على وقع إرتفاع سعر صرف الدولار الذي يواصل تحليقه من دون ان يردعه احد، مع ما يرافق ذلك من ارتفاع جنوني لأسعار المحروقات، وتداعيات ذلك على كل أسعار السلع الاستهلاكية وتوابعها، ثمة اسئلة تطرح حول سبب نوم اللبنانيين في سباتهم العميق لغاية اليوم؟، من دون ان تعرف الاسباب التي تحول دون انتفاضة شعب، عايش مراحل وحقبات صعبة سياسية وامنية وعسكرية، إنتفض خلالها ضد المحتلين ونجح في ذلك، لكن اليوم الازمة طالت لقمة عيشه وادويته وطبابته ومستقبل ابنائه، والى ما هنالك من مصاعب تخطت المعقول، من دون ان يرف جفن الطبقة الحاكمة، التي تعوّل اليوم على حوار " لزوم ما لا يلزم"، في توقيت خطر وصعب.وسط هذه المشاهد المخيفة، التي تطوّق وطناً وشعباً متروكين لمصيرهما بغياب الدولة كليّاً، ثار بعض المواطنين ليل امس، مطلقين العنان لصوتهم الخافت، ولمطالبهم بلقمة العيش التي بات تحصيلها صعباً للغاية، وإقتصر هذا الصوت على عدد قليل من المناطق اللبنانية، التي اطلقت صرختها من دون ان يسمعها احد، لانّ القلّة لن تفعل فعلها بالمسؤولين المترّبعين على عرش الحكم، وكأنّ الدولة بألف خير، فيما المطلوب إنتفاضة شعبية عارمة، تصل الى ثورة جارفة لكل المنظومة السياسية. هذه المشاهد تستدعي اليوم إستذكار إنتفاضة 17 تشرين 2019 مع ما تبعها من حراك شعبي وثوري بين الحين والاخر، فحينها نجحت في إعلاء صوتها ضد السياسة القائمة، فإنتشر المنتفضون في وسط العاصمة ومختلف المناطق، للمطالبة بالاصلاح وبأدنى مقومات العيش والحقوق، وأسمعوا أصواتهم الى المجتمع الدولي، الامر الذي جعل تلك الثورة تبرز بقوة في الخارج، بعد ان سار على دربها المغتربون اللبنانيون، الذين نجحوا في إطلاق شرارتها في عواصم القرار، مطالبين بالقضاء على الفساد المستشري، وعلى محاكمة السياسيّين السارقين والناهبين لأموال الشعب، تحت شعار" كلن يعني كلن"، الذي وحّد اللبنانيين وأزال حواجز الخوف الطائفي والمذهبي التي سقطت بقوة.إنطلاقاً من هنا لا بدّ من نزول الجميع اليوم الى الساحات، وإفتراش الشوارع ضمن رؤية ثورية قادرة على الصمود، من دون أي تراجع قبل تحقيق الوطن الذي يحلم به كل لبناني.
