كتبت صونيا رزق
ما جرى من تمرّد على السلطة القضائية من قبل القاضية غادة عون، على قرار النائب العام التمييزي غسان عويدات، بعد كفّ يدها عن القضايا المالية، حمل عنواناً واحداً هو الاشتباك المسرحي بين بعض اهل السلطة، الذي نفذته عون بعد إقتحامها مرتين مكاتب مكتف للصيرفة، بحماية عناصر من أمن الدولة، وطالبت الشركة بتسليمها الملفات والإطلاع على الداتا ، الامر الذي رفضه وكيل الشركة المحامي الكسندر نجار، معتبراً أن ما تقوم به يخالف قرار القاضي عويدات والقانون.
هذه السابقة التي لم يعرف لبنان مثيلاً لها، ساهمت الى حدّ كبير بتشويه صورة لبنان في الداخل والخارج، ما أعطى إنطباعاً سلبياً جداً على آخر معاقل المؤسسات، التي لطالما كانت مندرجة في المواقع المهمة، لكن هذا التمرّد لاقى رفضاً من قبل شريحة واسعة من اللبنانيين، وتأييداً من مناصري التيار الوطني الحر، الذين رافقوها خلال الإقتحامين، معلنين الدعم لها وللعهد، واليوم كرّروا ذلك امام قصر العدل بالتزامن مع إجتماع مجلس القضاء الأعلى، وفي المقابل إحتشد مناصرون للقاضي عويدات في المكان عينه رفضاً لتسيّيس القضاء .
وفي إطار هذه السابقة الخطرة، يقول الاستاذ في القانون الدولي الدكتور انطوان صفير في حديث لموقع LebTalks :" التفتيش القضائي هو جهاز الرقابة القضائية على اعمال القضاة، وهو يدرس الملفات ويتخذ القرار المناسب بشأنها، فيمتثل القاضي لرأيهم، وفي حال لم يمتثل يتخذ مجلس القضاء الاعلى قراره، ومن الوارد حينها ان يتم طرد القاضي المتمرّد من السلك، واصفاً ما حدث خلال اليومين الماضيين ب"المسخرة".
ورأى صفير بأنّ ما جرى هو سابقة مثيرة قامت بها القاضية عون، والموضوع يجب ان يتحدّد من زاوية توزيع المهام، كي لا يحصل تضارب في الصلاحيات بين النيابة العامة المالية والنيابات العامة في المناطق، معتبراً بأنّ عون قامت بتصرّف غير مقبول، فباتت في موقع الاخذ والرد بعد تصرّفها هذا، وبالتالي اوجدت مشكلة لها، اذ لا يجوز التمرّد خصوصاً على النيابات العامة، التي تخضع عضوياً لسلطة مدعي عام التمييز، لكن في المقابل لم نشهد بعد شيئاً بارزاً على صعيد مكافحة ملفات الفساد من قبل القضاء، سائلاً:" أين دوره اليوم من كل ما يجري؟، وهل يجوز ان تبقى المحاسبة بعيدة المنال؟.
ورداً على سؤال حول تداعيات ما جرى على السلك القضائي عامة، أبدى صفير إستياءه مما حصل، لان التداعيات كبيرة وقد عبّر عنها نادي القضاة . وختم" يللي عم بصير حرام... لقد ضاع البلد".