كتب الفرد ماضي: لم يشكل مار مارون كنيسة بحد ذاتها ذات تراتبية معينة، ولم يؤلف رهبانية، ولم يبني ديرا"، بل أسس مدرسة نسكية قوامها الصلاة والأيمان والتبشير والصوم والمحبة والتواضع والمساعدة.
إن أول ذكر للقديس مارون الذي عاش في منطقة آفاميا بين 350 و410 م، ورد في رسالة من القديس يوحنا فم الذهب الى القديس مارون يقدر فيها تقواه وأعماله وأنجازاته، ويطلب منه الصلاة من أجله.
أما الذكر الثاني للقديس مارون، فجاء على يد اسقف قورش العلامة تيودوريطس، الذي عاش في منتصف القرن الخامس، وألف كتاباً قيماً تحدث فيه عن قديسي ونساك تلك المرحلة ومنهم القديس مارون. فشدد على نمط حياته النسكية وطريقة عيشه وعلاقته بالمؤمنين والرهبان، مشيرا" الى موهبة الشفاء التي وهبه اياها الآب السماوي، وبخاصة شفاء الأمراض الروحية والنفسية مثل الكذب والبخل والأحتيال والنميمة والسرقة غيرها.
انتشرت المدرسة النسكية التي اتبعها مار مارون بين تلاميذه في منطقة آفاميا. فأعتنق الكثيرون المسيحية على يدهم بسبب تواضعهم وأيمانهم وقدرتهم على شفاء المرضى بالجسد والروح. أما في لبنان، حيث كانت الوثنية منتشرة في الجبال والوديان، عكس المدن الساحلية الفينيقية التي اعتنقت الديانة المسيحية منذ القرن الاول مع الرسل والتلاميذ الاوائل، فقد وصلها مبشران من قورش، من تلاميذ مار مارون، الأول هو الراهب أبراهيم القورشي الذي بشر اهالي جبة المنيطرة وأعالي بلاد جبيل، والثاني وهوالراهب سمعان القورشي الذي بشّر بشري والحدث وأهدن والجبة، فاصبحت المنطقتان منارتين مارونيتين، حملت لواء الدفاع عن المسيحية والمسيحيين في الجبل اللبناني.
اما اليوم، وفي ظل التخبط الذي يعيشه اللبنانيون، وفي ظل الانهيار والانقسام الذي يسيطر على السلطة والناس والمجتمع، فنتضرع الى شفيع الطائفة المارونية، الى مار مارون الذي شفى النفوس والعقول. ونطلب منه شفاء حكامنا لما يعتري بعضهم عيوبا" نفسية وأخلاقية، وإبعاد مساوئهم وأحقادهم وإجرامهم عنا ليعود لبنان وطن الحرية والسلام.