في الوقت الذي إنتظر فيه اللبنانيون مساء امس، كلمة من رئيس الجمهورية ميشال عون، " تفش خلقهم" بعض الشيء، بعد التسريبات التي اشارت الى انّ الكلمة ستحمل تصعيداً، بدأه عون في اجتماع المجلس الاعلى للدفاع منذ ايام، حيث طالت "اللطشات" معطليّ جلسات مجلس الوزراء، على ان يتابع خلال خطابه امس، جردة حساب سياسية للسنوات الخمس التي مضت من العهد، والتي ستحمّل أوزار الانهيارات للحلفاء بصورة خاصة، مع تسميتهم وليس الاستعانة ب" لطشة" من هنا واخرى من هناك، أي ان توجّه الرسائل اليهم بالمباشر، والى ما هنالك من سهام سياسية لم تصل الى مبتغاها.
لكن الكلمة اتت بعيدة كل البعد عن مزاج اللبنانيين التواقين الى قول الحقيقة مهما كانت صعبة، اذ بقيت ضمن إطار الرسائل الهادئة التي لم تحمل أسماءً ولا عناوين نارية، فشكلت إستياءً لدى اكثرية اللبنانيين ، ونتيجة الكلمة كانت دعوة الى الحوار لبحث ثلاث مسائل رئيسية، من أجل التفاهم والعمل على إقرارها لاحقاً ضمن المؤسسات، وهي: اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة، والاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان، وخطة التعافي المالي والاقتصادي.
هذه الدعوة الحوارية تعيدنا الى ذكريات لا تنتسى، عن سلسلة حوارات عُقدت لم تؤد الى أي نتيجة، حتى انها في بعض الاحيان زادت الطين بلّة واكثر. لكن هذه المرة تبدو خطوة الرئيس عون لجمع المتناحرين محيّرة، في ظل كل هذه الانهيارات، لان الهيكل سقط على رؤوس الجميع، ولم يعد ينفع أي لقاء او حوار، في بلد تحكمه الخلافات والانقسامات والتوترات السياسية اليومية، فما نفع هذه الخطوة التفاؤلية في بحر سياسي هائج، بين مجموعة متناقضة لا يجمعها أي شيء على الاطلاق؟.
الى ذلك سيبقى البحث عن المخارج المتاحة للأزمات العالقة من دون أي امل، لانّ إيجاد حلول لكل هذه القضايا،على قاعدة التعقل والاعتدال وتغليب مصلحة لبنان العليا على أي مصلحة أخرى، سيبقى صعب المنال، فلبنان بات في الهاوية وما زال البعض يضع العصيّ في الدواليب، غير آبه بالنتائج الكارثية، مما يعني اننا سنبقى في اطار الدوران لانّ الاوان قد فات…
