اعرب الكاتب والمحلل السياسي مروان متني عن شكه في امكانية ان يثمر الاجتماع بين الرئيس الاميركي جو بايدن والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن تغيير على الساحة الداخلية اللبنانية، معتبراً أن طبيعة العلاقة المعقدة بين البلدين، يجعل من الصعب ان يكون للملف اللبناني حيزاً كبيراً في الاجتماع .
وفي حين رأى متني ان فرنسا تسعى جاهدة لاسترجاع ما خسرته من دور على الساحة العالمية،
اعتبر في حديث عبر LebTalks ان ما يصعّب الأمور في لبنان، أن ترسيم الحدود قسّم المصالح، فالولايات المتحدة الأميركية لها مصلحة استراتيجية بتحقيق صفقة الترسيم، اما فرنسا فلعبت دوراً من خلال شركة توتال التي ساعدت على حل التعقيدات التقنية، وعليه يعتبر متني ان واشنطن ليس لديها الاهتمام الكبير لوضع اليد على النفط شرق المتوسط، وبالتالي فان الدور الفرنسي يريحهم في هذا الاطار، "اما ان تصل القمة الى انتاج صفقة رئاسية في لبنان دونه مجموعة تعقيدات، ابرزها الاصطفاف الداخلي الاقليمي اللبناني، لأن لبنان اليوم منقسمٌ عامودياً، توازياً مع تزايد حماوة الصراع الاقليمي، ما حوّله ساحة موازية لساحات العراق واليمن وسوريا التي تشهد تجاذبات كبيرة، ابرزها بين الخليج بقيادة السعودية وبين ايران في الدرجة الثانية.
ومن هنا استبعد متني ان تفرز هذه القمة اي جديد بارز في ملف رئاسة الجمهورية في لبنان، لأن الاميركيين والفرنسيين يعلمون ان تفاهمهم مع الايراني على صيغة للحكم في لبنان، من دون ان تكون دول الخليج وعلى رأسها السعودية جزءاً منها، لن يقدم الحلول للبنان، الذي يحتاج بحالة طارئة الى نهج اصلاحي تقابله مساعدات وهبات وقروض وودائع بالعملات الصعبة.
أما عن الأسماء التي يمكن أن تطرح في القمة يقول متني: "من الواضح أن الموقف الفرنسي مؤكّد في البقاء على تسمية الرئيس نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، وذلك لأن فرنسا تضمن معه الحفاظ على مصالحها والعلاقة بينهما جيدة جدا، في حين ان الرئيس ميقاتي أطلق معركة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الرئاسية، وبالتالي هذا يدل على ان الفرنسيين لا يمانعون انتخاب فرنجية ولكن في الوقت عينه، تبقى المشكلة لبنانية، لا سيما بعدما بدأ حزب الله، بشكل مباشر، في خوض الاستحقاقات الرئاسية اعتباراً من العام 2004 في مواجهة القرار 1559، وهو كان له كلمة الفصل في عدد من الاستحقاقات، أما اليوم فان موقف حزب الله أقل وضوحاً، بالحفاظ على تحالفاته.
وفي هذا المجال، يشدد متني على ان ترشيح سليمان فرنجية يحظى بعرقلة كبيرة من التيار الوطني الحر، وبالتالي هذا الموضوع سيشكل اعاقة لاي مسعى فرنسي، حتى لو كان هناك موافقة اميركية على الاسم، تبقى المشكلة داخلية لبنانية، لا بل مارونية – مارونية، مستبعداً في هذا الوقت، السعي لايجاد عدم ممانعة سعودية لانتخاب فرنجية، لأن عدم الممانعة لا يعني ان السعودية ستكون مشاركة في المساعدات للبنان.
وتابع: "لدى فرنسا مروحة كبيرة من الاسماء، تبدأ بسليمان فرنجية ولا تنتهي بقائد الجيش العماد جوزف عون، وبينهما اكثر من اسم وسطي، الا ان المشكلة الحقيقية اليوم، هو غياب رؤية لبنانية تبدأ بالتواصل بين الافرقاء وتحاول التقاط فرصة لاختيار مرشح لبناني جامع، وفي الوقت عينه تنطبق عليه المواصفات السعودية ويمكن ان تحظى برضى واشنطن وباريس، إضافة الى البرنامج الاصلاحي."
متني رأى ان اي صفقة تقضي بالخروج بفرنجية رئيساً للجمهورية، ورئيس حكومة اقرب الى السعودية، ونهج وزاري متفق عليه مسبقا، على طريقة "ابو ملحم" لن تنجح هذه المرة، واصفاً السعي الفرنسي بالترقيعي بالدرجة الأولى ولكن اذا لم تكن المملكة العربية السعودية والخليج شركاء في هذه التسوية، فان لا حماسة داخلية لانهاء الفراغ، لا سيما عند حزب الله، الا اذا وصلت لحظة الارتطام الكبير، عندها فقط قد يسعى الى ايجاد مخارج لصراع باسيل – فرنجية وقد يضطر الى الذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية.
وعن المؤتمر الحواري اللبناني اعتبر متني أن "الفرنسيين حاولوا التسويق لمؤتمر حواري لبناني ينتج عنه تعديلات دستورية منذ سنوات، وكانوا واضحين في العمل تحت عنوان المؤتمر التأسيسي وغيره، ولكن اللقاء الذي جرى بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والذي تضمن بيان شدد على التمسك باتفاق الطائف، جعل الفرنسيين يتأكدون أن دول الخليج ولا سيما السعودية ترفض أي حديث عن أي مؤتمر تأسيسي أو أي تعديل دستوري، مشيراً الى ان غياب المرجعية السنية الواضحة تجعل الكلام عن أي تعديلات دستورية أو مؤتمر تأسيسي مجرد كلام غير قابل للتحقيق.
واستبعد متني أي تسوية لبنانية عميقة تشمل تغييرا في شكل النظام الحالي إلا إذا برز تصور للحل في سوريا خصوصا وأن لبنان بات أكثر تأثرا بالأحداث حوله، "على الرغم من ان هذا الموضوع لا يزال يدور في أذهان الفرنسيين"، الا انه مع انسداد الأفق خارجياً ومع وصول الصراعات في الاقليم الى درجات عالية من التوتر، واستمرار الاحتجاجات داخل ايران للشهر الرابع على التوالي، والانتخابات في اسرائيل، وعودة اليمين المتطرف الى الحكم، سيعرقل المساعي التي كانت تحاول ادارة بايدن ارساءها في المنطقة، وبذلك تصبح المسؤولية على اللبنانيين فقط.
وأضاف: "كل هذه التطورات تعيد اللعبة الى الداخل اللبناني الى الأطراف السياسية التي تمسك بمفاصل السلطات في لبنان ، فإما أن تدفعهم الى استغلال كل هذه الأحداث الخارجية من أجل اتخاذ قرار حاسم لاختيار شخص صاحب رؤية يستطيع إنقاذ البلد وإعادة الدورة الإقتصادية فيه، وهو خيار متاح، مع وجود أكثر من اسم قادر فعليا على ادارة الأزمة، والا لن يستطيع السياسيون ادارة ازماتهم، وسيبقى لبنان يراوح داخل هذه الأزمات الوجودية إلى أجل غير مسمّى".
