لم يعد ينقص المودعين إلاّ تحوّل ودائعهم إلى مادة ووسيلة للحرب الدائرة على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، سواء من خلال الإصرار من قبل الطبقة السياسية على الإبقاء على الدعم الذي لا يصل إلى اللبناني والذي يدفع كلفته من جنى عمره ومدخراته، أو من خلال اعتماد القطاع المصرفي وودائع اللبنانيين ميداناً للصراعات السياسية الحادة والتي تطيح بطريقها الودائع والإحتياطي الإلزامي لمصرف لبنان.
المودعون هم الجهة الوحيدة التي دفعت وتدفع وستدفع ثمن السياسات “المتهورة” كما تكشف أوساط مالية واسعة الإطلاع، وفي مقدمها “سياسة الهجوم على المصارف” ومن دون الإلتفات إلى الضرر الكبير المترتّب على المواطنين، وذلك في حال أفلس مصرف معين اليوم وفي ظل الظروف الحالية. وتؤكد أن إفلاس أي مصرف سيعني ضياع حقوق وأموال وودائع كل أصحاب الحسابات فيه، فيكون صاحب الشكوى والجهة القضائية ومن ورائها الجهة السياسية، قد حققوا فوزاً طابعه شعبوي ومضمونه “كارثي” على المودعين.
ومن ضمن هذا السياق تضع الأوساط المالية، القرار الأخير الصادر عن مجلس شورى الدولة، ولو أنه قرار تمهيدي وليس نهائياً بعد، والذي يمنع تسديد الدولار لأصحاب الحسابات بالعملات الأجنبية، على سعر3900 ليرة، وتسديدها بالعملة الأجنبية الأساسية. وبالتالي فإن القرار وبعد امتناع المصارف عن الدفع بسبب عدم توافر العملات الأجنبية وتحديداً الدولار، ولأنها غير ملزمة وفق قانون النقد والتسليف بالدفع بغير العملة الوطنية، ستجد نفسها أمام خيارين كلاهما “مدمّر” للمودع وهما الدفع وفق سعر الصرف الرسمي أي 1500 ليرة أو الدفع وفق شيك مصرفي.
من الناحية العملية، توضح الأوساط نفسها، أن الخاسر الوحيد والمتضرر الرئيسي، هم المودعون الذين يقفون على مشارف كارثة مالية ستحلّ بهم، لأنهم سيخسرون ال3900 التي كانوا يحصلون عليها بفعل التعميم الصادر عن المصرف المركزي، وسيتعين عليهم القبول بصرف الدولار على ال1500، وإذا أفلست المصارف التي أودعوا أموالهم ومدخراتهم فيها، سيخسرون كل شيء، وذلك بفعل قرار مجلس شورى الدولة، المخالف مئة بالمئة لمصلحة اللبنانيين.