حين يدور الحديث عن مخيم عين الحلوة، نستذكر على الفور تلك الصور التي اعتدنا ان نراها في الصحف، او عبر وسائل الاعلام المرئية، اي انتشار للمسلحين الدائم في الشوارع الرئيسة عند أي حدث أمني، وفي أزقة المخيّم الضيقة خصوصا في الليل، المسلحون ينتشرون في كل مكان واطلاق النار لسبب أو لغير سبب، إنطلاقاً من هنا يمكن وصفه بمركز الشتات الفلسطيني المهدّد دائماً بالانفجار، اذ تسوده حالة التوتر والاستنفار بين مجمل التنظيمات الفلسطينية المسلحة.
وسط كل هذا تطلق عناوين متعددة على المخيم المذكور، ابرزها انه جزيرة تتقاسمها الفصائل المتناحرة، مفعولها الامني كبير جداً، اذ تعتبر معقل الخارجين عن القانون، وتحدث فيها يومياً مجموعة سيناريوهات امنية تتنقل بين عمليات اغتيال وإستدراج، ووضع عبوات ناسفة وإطلاق نار، وخلافات سياسية داخلية بين الفلسطينيين المتناحرين، بهدف الوصول الى السلطة تنتهي دائماً بسقوط قتلى، ليصبح العنوان الدائم لاحقاً " أمن المخيم" بما يمثل ليكون صندوق بريدٍ لرسائل متعددة الأهداف، منها إطلاق صواريخ من المناطق الحدودية الجنوبية بإتجاه الأراضي الاسرائيلية، او تفخيخ السيارات لتفجيرها في مناطق لبنانية، بكما كان يحصل سابقاً، ليحوّل الى مأوى لكل الجماعات المتطرفة، التي توظف لأجندات ترتبط بما يجري في المحيط العربي، إذ يرصد كل فترة دخول أشخاص من جنسيات مختلفة، تهدف الى تخريب الاستقرار، عبر عمليات مشبوهة تتضمن عمليات اغتيال متواصلة لمسؤولي امن المخيّم، بما ينذر بتطورات امنية سُتهدّد الاستقرار في البلد، في وقت لا تزال القوى الامنية اللبنانية بعيدة عن حفظ الامن في المخيمات، اذ يقف الجيش اللبناني دائماً على حدودها ولا يدخلها، اذ من غير المسموح له بذلك تحت حجج اقليمية.
الى ذلك تشير مصادر سياسية لموقعنا، الى ان شيئاً ما يتحّضر لمخيم عين الحلوة من ضمنها مواصلة التصفيات السياسية الداخلية، لأخذ المخيم الى مكان امني خطير يصعب ردعه، وهذا ما شهدناه منذ ايام قليلة ولا تزال تداعياته مستمرة ، فضلاً عن رصد يومي يفيد عن تواجد مجموعة مخصّصة بذلك تتغلغل في المخيّم، وكل هذا يشكل تحدّياً للدولة اللبنانية وذريعة بيد إسرائيل، فلا يخدم الفلسطينيين ولا يخدم اللبنانيين، فكل ما يخدمه هو محاولة عرقلة مسيرة الدولة اللبنانية من أجل خلق جزر أمنية، تؤدي الى فرض أجندات سياسية إقليمية على واقع الدولة اللبنانية، في ظل الاشتباكات التي تندلع بين الحين والاخر بين الفصائل الفلسطينية ، مما يعني ان عين الحلوة تشكل معقلاً يفبرك سيناريوهات امنية، لإشعال الصراعات التي ستوّرط لبنان مجدّداً في الويلات…
وكل هذا يؤكد بأن المخيم عاد من جديد ليصبح في واجهة الاهتمام الامني، بعد الاشتباكات المسلحة والمعارك، التي أسقطت قتلى وجرحى ودماراً هائلاً طال صيدا والمحيط. بإختصار: مخيم عين الحلوة في قلب النار وزلزلته تقترب…
