“قسم كبير من أدوية السرطان والأمراض المستعصية مقطوع من الأسواق اللبنانية لأنها مدعومة ولا يوجد أموال للدعم”، بهذه العبارة اطلق نقيب الصيادلة جو سلوم جرس الانذار، خوفاً من اي جريمة قد تطال مرضى السرطان والأمراض المزمنة، في الايام المقبلة، مع استمرار تأكيد حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري، وقف الدعم ووقف المس بالاحتياطي الالزامي في مصرف لبنان.
هذه الكارثة المقبل عليها لبنان، باتت اليوم أقرب من أي وقت مضى، على الرغم من التحذيرات السابق، الا ان هذا الأمر يطرح العديد من علامات الاستفهام، خصوصاً أنه بتاريخ 23/8/2022، بحسب “الدولية للمعلومات”، نالت وزارة الصحة العامة موافقة استثنائية لسداد مبلغ قدره 40 مليون دولار شهريًا، ولمدّة 3 أشهر من حقوق السّحب SDR الخاصة لشراء أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة والسرطانية ومستلزمات طبية وحليب ومواد أوّلية لصناعة الدواء، وذلك عن الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة، أي بمجموع 120 مليون دولار، كما ان مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 26 أيّار 2023 صادق على سبيل التسوية على هذا القرار. هذا فضلاً عن أنه في 6 شباط من العام 2023، فقد صدر المرسوم الرّقم 10973/2023 الذي قضى بإعطاء وزارة الصحة العامة سلفة خزينة لمدة ثلاثة أشهر لدعم: أدوية أمراض السرطان والأمراض المستعصية والمزمنة، والمواد الأولية لزوم صناعة الأدوية، ومستلزمات غسيل الكلى، وقد بلغت القيمة الإجمالية للسلفة 1092 مليار ليرة لبنانية.
وفي 18/4/2023، قرّر مجلس الوزراء الموافقة على طلب وزارة الصحة العامة الطلب من مصرف لبنان سداد مبلغ وقدره 35 مليون دولار شهريًا ولمدة 3 أشهر، أي بمجموع يبلغ 105 ملايين دولار أميركي عن الأشهر الثلاثة، وذلك لدعم أدوية أمراض مستعصية ومزمنة وسرطانية ومستلزمات غسيل الكلى ومواد أوّلية لصناعة الدواء.
وعلى الرغم من كل الأموال المرصودة، يجدد نقيب الصيادلة جو سلوم التأكيد عبر “لبنان 24” ان قسماً كبيراً من ادوية الامراض المستعصية مقطوع، متمنياً على الحكومة العمل سريعاً على وضع هذا الموضوع على أولوياتها لأن مرضى الامراض المستعصية لا يمكن ان يستمروا من دون دواء، خصوصاً وان غالبيتهم بدأوا ينتقلون من بروتوكول الى آخر أو يتجهون الى الأدوية في السوق السوداء او المزورة او المهربة.
ولفت الى انه وعلى الرغم من رصد ما بين 50 و60 مليون دولار لدعم الادوية الا ان عملية التهريب الى الخارج أدت الى ما نحن عليه اليوم، خصوصاص وان الدولة لم تتمكن من وضع استراتيجية واضحة للسنوات الـ10 المقبلة، ما ادى الى ما نحن عليه اليوم.
وأشار سلوم، إلى أنه “يجب وضع سياسة دوائية مستدامة ووضع خطة متكاملة والدعوة إلى مؤتمر للمانحين لسياسة دوائية مستدامة، من هنا ناشدنا لأن تعقد طاولة الحوار لكي تولي موضوع الدواء الأهمية القصوى”.
كما لفت الى أنّ “تقريباً نحو 30 أو 40% من الأدوية التي تدخل إلى الأسواق اللبنانية مهربة، قسم كبير منها يكون مزوراً أو منتهي الصلاحية أو متلاعباً بتاريخ صلاحياته”، موضحاً أنّ “أكثرية هذه الأدوية هي خارج نطاق الصيدليات الشرعية، إما في الصيدليات غير الشرعية أو في الدكاكين أو عبر الأونلاين”.
وفي هذا الإطار، بيّن سلوم أنّ “أكثر الأدوية المهربة تأتي من تركيا وسوريا وإيران وباكستان”، لافتاً الى أنّ “خطورة الأدوية المهربة أنها من الممكن أن تكون سامة ومن الممكن أن تكون منتهية الصلاحية ومحفوظة بطريقة خاطئة، وتؤدي إلى قتل المريض، وبالتأكيد فإنها لا تشفي ولا تطبب”.
الارقام تتحدث عن العكس
وبحسب الارقام التي نشرتها هيئة الشراء العام، يتبين أن رصيد حقوق السّحب الذي أنفقت منه الحكومة مرارًا وتكرارًا لا يزال إيجابيًا، ممّا ينفي إمكانيّة توقّف الحكومة عن دعم الأدوية بدلًا من دعم بنود أخرى غير طارئة. ما يظهر ان المبلغ الذي صرف في الأشهر الستّة الأولى من العام 2023، ضئيل جدًا بالنسبة لمجموع المبالغ المرصودة لدعم أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة والسرطانية ومستلزمات غسيل الكلى والمواد الأوّلية لصناعة الدواء. فكيف يقال انه لا يمكن ان يتم دعم الدواء؟
