تعود كل فترة ظاهرة بيع اراضي المسيحيين الى الواجهة، مع ما يتبعها من إغراءات مادية وبالعملة الخضراء، في توقيت حساس وظروف معيشية صعبة، تدفع بمالكي تلك الاراضي للموافقة على بيعها، وقد برزت بقوة في العام 2011 في مناطق الشوف، لتمتد لاحقاً الى عاليه وبحمدون والدامور وجزين والقبيات، وكانت بدأت في بيروت والمتن ثم طالت كسروان وجبيل، وصولاً الى شرق صيدا واقليم الخروب وبعض مناطق الجنوب، ليقتصر التصدّي لها عبر مواقف رافضة من الكنيسة والرابطة المارونية، ودعوات الى المحافظة على الارض، فيما المطلوب الدعم المادي من قبل المراجع الدينية لمساعدة مَن هو بحاجة الى المال، او القيام بشراء الاراضي من قبل مغتربين مسيحيين اغنياء بهدف الحفاظ عليها.
في سياق مختلف، برزت مناطق في البقاع الشمالي، اعلنت رفضها المطلق لبيع اراضيها ولكل الاغراءات، حفاظاً على المفهوم الديموغرافي والطائفي لهوية الارض هناك، خصوصاً انّ محاولات الشراء ظهرت منذ سنوات بطريقة خفية، الامر الذي هدّد الوجود المسيحي الذي كان سيضحى أقلية زهيدة لو إستجاب الاهالي لتلك الاغراءات المادية، التي هدفت الى نقل الملكية من المسيحيين لمهجرين ونازحين.
الى ذلك ابدت المراجع الكنسية في البقاع الشمالي تخوفها مما يجري، ونقلت هذا الخوف خلال عظة قداديس الاحد، ودعت المسيحيين الأثرياء الى شراء العقارات التي يحتاج اصحابها للمال في المنطقة المذكورة مع الاشارة الى انه في فترة معينة وتحديداً في العام 2017 برزت مخالفات في بلدة القاع، من خلال بناء منازل بطرق غير شرعية من قبل الغرباء، واعتبروا حينها ان هنالك مشكلة اسمها تغييّر هوية الارض ، فدعا الاهالي الى إنشاء لجنة طوارئ لإنجاز عمليات الفرز والضّم وإنشاء شركة استثمارية، مطالبين وزير الداخلية بقمع المخالفات في القاع، وبتطبيق القوانين من خلال فرز الأراضي وتوزيعها على أصحابها، إلا أنها لم تفعل، ما فوّت على المالكين فرص استثمار عديدة، مع الاشارة الى ان عمليات الفرز المتأخّرة أسفرت عن حصول مخالفات بناء بالجملة وأعمال بيع مشبوهة، لان الأراضي المملوكة للدولة اي المشاعات، كانت تستعمل من قبل بعض النافذين بغير حق قانوني.
في غضون ذلك يتصدّى اهالي القاع ورأس بعلبك والفاكهة ودير الاحمر وبلداتها المجاورة، لأي محاولة لبيع ارزاقهم، لافتين الى انهم يتفهمون بعض المحتاجين للمال او الساعين الى الهجرة ، لكن يعتبرون انّ التجذر بالارض حق مقدس، ولا يستطيعون التفريط بهذا الحق، وسوف يتصدّون للعملة الخضراء مهما كانت اعدادها، مؤكدين الوقوف سدّاً منيعاً امام كل الطامحين…
