منذ تولي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السلطة في العام 2000 وعودته الى الكرملين العام 2012، بعد فسحة رئاسية لصديقه ديميتري مدفيديف بين العامين 2009 و 2012 وحتى الأمس القريب، لقي العديد من الشخصيات الروسية المعارضة مصرعها في ظروف غامضة، فيما تعرضت أخرى لمحاولات قتل بالتسميم، الأمر الذي أدى الى ارتفاع عدد الأسماء على قائمة "حالات الموت المشبوهة"، فضلاً عن محاولات التسميم لمعارضيه.
فما حصل مع رئيس شركة "لوك أويل" للنفط رافيل ماغانوف من نافذة مستشفى في موسكو، وبالنظر للغموض والتستر التامَين حول ظروف مقتله، فقد يندرج في سياق تصرفات وأفعال إجرامية تعرّض لها كل مَن يعارض الكرملين في سياساتها وتوجهاتها وبخاصة الحرب على أوكرانيا.
وللتذكير، لا يزال الغموض حتى الآن يلف حالات اغتيال معارضين سياسيين ونشطاء وصحفيين وكتّاب، فيما لم تنجح الدعاوى القضائية والتحقيقات التي أجرتها السلطات، في إزالة الشبهات لدى الرأي العام بشأن ذلك.والمعادلة واضحة : إن لم يكن بالإمكان الانتصار على المعارضين في صناديق الاقتراع يصبح أمر تصفيتهم جسدياً آخر الدواء، سواء بالسلاح أو التسميم واللائحة تطول ...
فمن بين المعارضين لبوتين الذين تعرضوا للتسميم، المعارض الشهير فلاديمير كرامورزا الذي حاولت أجهزة الاستخبارات الروسية تسميمه مرتين والذي يقبع حالياً في ظلمات السجن مدة لا تقل عن 15 سنة لاتهامه ببث ونشر أخبار ملفقة حول حرب أوكرانيا كما تدّعي السلطات الروسية.
وكذلك الأمر مع المعارض الشهير للرئيس بوتين الكسي نافالني الذي تمكن من الإيقاع بعميل الاستخبارات الذي سمّم له، وقد روى العميل للضحية من دون أن يعرف أنه هو نفسه الذي كان يسأله تقنيات التسميم بالثياب الداخلية التي استخدمت على نفالني لقتله، وبالإضافة الى التصفيات الجسدية بالرصاص بات السم سلاحاً سياسياً.كذلك العميل السابق لجهاز الاستخبارات السوفيتي (كي جي بي) "الكسندر ليتفينينكو" المتخصص في مجال الجريمة المنظمة، وقد اتهم حكومة بوتين بممارسة نشاطات غير قانونية، واعتُقل مرتين بتهمة "استغلال المنصب"، ولجأ عام 2000 إلى بريطانيا، ليموت في لندن بتاريخ 23 تشرين الثاني 2006، نتيجة التسمم بمادة البولونيوم المشع.
وقال تقرير نشره رئيس لجنة التحقيق البريطانية المستقلة سير روبرت أوين حول وفاة عميل الاستخبارات الروسية، إنه "من المحتمل أن مقتل ليتفينينكو جاء بموافقة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف".
نائب رئيس الوزراء الروسي السابق المعارض "بوريس نيمتسوف - الرئيس المشارك لحزب "بارناس" الروسي المعارض، نائب رئيس الوزراء بين عامي 1997 و1998 - في شباط من العام الماضي، قتل إثر تعرضه لهجوم مسلح نفّذه مجهولون قرب الميدان الأحمر في العاصمة موسكو. وكان نيمتسوف معروفاً بمواقفه المعارضة والداعمة للمظاهرات المناهضة لبوتين في الأعوام الأخيرة.وفي شهر آذار الماضي، نشر موقع بلينغكات معلومات مفادها أن عملاء من الاستخبارات السرية الروسية كانوا يتعقبون الضحية حتى قبل وقت قصير من اغتياله.
الملياردير الروسي المعارض "بوريس بيريزوفسكي، أحد الشخصيات المؤثرة في عالم السياسة والأعمال بروسيا عُثر عليه مقتولاً بتاريخ 23 آذار 2013 في منزله القريب من العاصمة البريطانية لندن، التي لجأ إليها عقب صدور قرار اعتقال في حقه بسبب معارضته لبوتين، وحصل على حق اللجوء السياسي في بريطانيا، نتيجةً للقرار الصادر في حقه في روسيا عام 2000.
كما فقد العديد من المعارضين الروس حياتهم خلال العام 2009، ودخلوا قائمة "حالات الموت المشبوهة"، وكان من بينهم المحامي الناشط في مجال حقوق الإنسان "ستانيسلاف ماركيلوف"، ومراسلة صحيفة نوفايا غازيتا "أناستاسيا بابوروفا"، اللذين قُتلا من جراء هجوم مسلح في 19 كانون الثاني من ذلك العام.وكان ماركيلوف قد شارك بصفته محامياً في دعاوى قضائية بارزة لدى الرأي العام، من بينها قضية الصحفية "آنا بوليتكوفسكايا"، وقضية فتاة روسية (18 عاماً) قُتلت من قبل الجنود الروس بعد الاعتداء عليها.
ناتاليا استميروفا الناشطة في فرع مركز "ميموريال" لحقوق الإنسان في الشيشان، اختُطفت من قبل مجهولين في غروزني بتاريخ 15 تموز 2009، وعُثر عليها مقتولة في إنغوشيتيا.سيرغي ماغنيتسكي اتهم خلال عمله في شركة استثمارات، كموظف كوزاري بتقاضي رشى، وتوفي في السجن بتاريخ تشرين الثاني 2009، بعد توقيفه من قبل السلطات الروسية، وادعت تقارير إعلامية أنه قُتل بسبب التعذيب ومنعه من تلقي مساعدات طبية.
آنا بوليتكوفسكايا الصحافية المعروفة بكتابة مقالات حول قضايا انتهاك حقوق الإنسان، وخصوصاً في الشيشان، قُتلت من جراء هجوم مسلح تعرّضت له في مصعد منزلها في 7 تشرين أول 2006.بول خليبنيكوف، وهو مواطن أمريكي من أصل روسي، كان رئيس تحرير مجلة فوربس في روسيا قُتل بتاريخ 9 تموز 2004، إثر إطلاق النار على سيارته في موسكو.
سيرغي أوشاكوف رئيس الحزب الليبرالي الروسي، قُتل قرب منزله، من جراء هجوم مسلح تعرض له بتاريخ 17 نيسان 2003.طبعاً تبقى لكل هذه المحاولات تفسيرات عدة لكن القاسم المشترك بينها كلها أنها لم تستهدف سوى المعارضين للكرملين، وقد وقعت في خلال حكم الرئيس بوتين .