مظاهرات السويداء مستمرّة …. هكذا يتأثر لبنان بالتطورات السورية

410263a2953be155bcd1dd1a

تستمر المظاهرات في محافظة السويداء جنوب سوريا خاتمة شهرها الأول بشكل سلميّ “غير هادئ” بمطالباته وشعاراته القاسية على النظام السوري الذي اعتقد أنه يستطيع إبقاء عباءته السياسية على أهالي السويداء الذي كانت لهم تاريخيا شرارة الثورة ورفض القمع والتدخلات السياسية الخارجية في سوريا.

عشرات المواطنين تجمّعوا في ساحة الكرامة في السويداء ممزقين صور وتماثيل النظام السوري المتمثّلة بصور لبشار وحافظ الأسد وتماثيل ومكاتب لحزب البعث التي أُقفِلَت وأُزيلت عنها كافة الصور والأعلام، رافعين مطالب وشعارات تندد أولا بسياسات نظام الأسد والتدخلات الخارجية في سوريا والدافع الأكبر كان الأوضاع المعيشية التي باتت لا تُطاق في سوريا خصوصا وأن “رواتب الموظفين في القطاع العام والخاص وصلت إلى 200,000 ليرة سورية، بينما الحقيبة المدرسية للتلميذ الواحد وصل ثمنها إلى 200,000 ليرة سورية، ما يعني أن الراتب لا يكفي لعائلة من أربعة أفراد، ثلاثة أيام أو أربعة أيام، فكيف يمكن أن ينام هذا الشعب أو يسكت على هذا التدهور والظلم من هذا الواقعخصزصا وسط الطريقة غير النافعة التي تتعاطى فيها الحكومة السورية مع الأوضاع المعيشية والأمنية المتفاقمة في المحافظة وفي سوريا ككل” بحسب ما يشير الأكاديمي الدكتور ناصر زيدان في حديث لموقع LebTalks.

ويضيف زيدان مؤكّدا أنه “لا يوجد أي دوافع خارجية لدى المتظاهرين من أهالي السويداء على الإطلاق، ولا يوجد أيضا دوافع سياسية كما يتم التعميم في وسائل التواصل الإجتماعي ومحاولة المقربين من النظام السوري نشر المعلومات المغلوطة حول توجّه أهالي السويداء لخلق حالة انفصالية في المحافظة، فالجميع يعرف بمن فيهم الذين يروجون إلى هذه الأفكار أن أبناء الجبل، لا يتأثرون بكل هذه الأمور وليس لديهم سوى قرار العيش بكرامة وبحرّيّة، وهم تحملوا ما لا يتحمله أحد، صحيح أنهم لم يندفعوا بقوّة وعشوائية عام 2011 في الثورة التي حصلت، ولكنهم في نفس الوقت لم يقوموا بدور المدافع عن النظام، فالدافع الأساس هي المطالبات بالعيش الكريم والحرية”.

وفي السياق يشير زيدان إلى أن “المشاركة الواسعة والعارمة في المظاهرات في كافة قرى وبلدات السويداء هذه المرة يخفي معالم جديدة ومؤثّرة وهي أن رجال الدين تفاعلوا وشاركوا بقوّة وهم الذين في أكثر من مكان نزلوا إلى الشارع، وهذا لأن الأوضاع في منازلهم وبيئتهم الاجتماعية أصبحت لا تطاق، نتيجة عوامل كثيرة أهمها ترويج المخدرات والكبتغون وغيرها من الوسائل الرذيلة ورجال الدين لا يمكن أن يقبلوا من أي جهات رسمية أو مدعومة من القوى الحكومية أو خارجية كما سماها شيخ العقل الأساسي حكمت الهجري، الترويج لهكذا أمور”.

كيف يمكن أن يتعامل النظام السوري مع هذه المظاهرات؟

“لا شك في أن النظام السوري مصدوم” يقول زيدان، “ولو استمرت هذه المظاهرات فهو يحسب ألف حساب في هذه الفترة قبل اتخاذ أي قرار، إذ أنه إذا اتخذ قرارا في المواجهة العسكرية فالأمور باستمرار تاريخيا ومنذ أكثر من 400 سنة منذ ما قبل حملة إبراهيم باشا وأيضا مع الفرنسيين، وصولا إلى رضوخ النظام السوري لمطالب أهالي السويداء بقيادة الشيخ وحيد البلعوس عام 2014 لعدم التحاق وتجنيد الشباب الدروز لمقاتلة إخوانهم في غير محافظات، تُثبت أن هذا الأمر سيكون قاسٍياً جداً ومكلفاً جدا والنظام يعلم أن أهالي السويداء لا يمكن أن يستسلموا وهذه وقائع تاريخية، لذا فإن الخيارات صعبة بالتأكيد على النظام السوري وهناك صعوبة أيضا في استمرار هذه المظاهرات، إلا أن الخيار هو بعدم التراجع عن المطالب والشعارات الواضحة بوحدة سوريا ومصير الشعب السوري ولتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة التي تكفل إقامة حكم عادل ورشيد، فيه حريات وفيه تأمين لقمة العيش الكريم للمواطنين”.

إضافة إلى ذلك يثير زيدان مسألة تتسرّب في الأوساط السوريّة وهي ” تثير الشك عند المواطنين في سوريا أن هناك جهة ما تعمل على تجويع الشعب السوري ودفعه للنزوح إلى خارج سوريا من أجل التأثير ديموغرافيّا على التركيبة في سوريا إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يمر عن دروز وعند الشعب السوري ككل إذ إنهم يتمسكون بوحدة الشعب السوري في كل المحافظات وهم على إستعداد لمقاومة أي عملية من أي جهة كانت تقرر التعامل بقسوة أو بقوة مع هذه المظاهرات، أما التسويات فإذا كانت التسويات هي لإنتاج بيئة حاضنة للحريات، ولقمة عيش بكرامة، ولرفع التدخلات الأجنبية في سوريا، تحديدا الجهات التي ذكرها الشيخ أحمد الهجري، فبالتأكيد أبناء السويداء على وجه الخصوص، يقبلون بأي تسوية ممكن أن تحفظ كرامتهم وتطبق أو تنفذ الشعارات التي أطلقتها ثورتهم منذ شهر”.

وعن الشرخ الدرزي في السويداء بحسب ما علم موقع LebTalks عن خروج عدد من العائلات الدرزية المؤيّدة للنظام من المحافظة نحو محافظات أخرى، اعتبر زيدان أن ” العديد من الجمعيات والمجموعات المؤيدة للنظام ومن يدور في فلكه من الجهات الخارجية التي تتدخل في الشؤون السورية حاولت إحداث نوع من انقسام في الساحة الدرزية، ولكن كما تبين أن هذه المجموعات ضعيفة وقليلة العدد وغير مؤثرة وبالتالي عاجزة عن شق الصف، إذ هناك إجماعاً لا مثيل له من غالبية أبناء السويداء بما يتجاوز 90% على الموقف التي أطلقته الانتفاضة ، ومن ناحية أخرى إذا تم استخدام أي وسائل إرهابية أو عسكرية أو ترهيبية، فكما قال الشيخ الهجري فلكل حادث حديث وإن هذه الألاعيب لا تسير على أبناء المحافظة ولا يمكن أن تمر مرور الكرام وسيدفع القيمين على هذه المخططات ثمناً باهظاً، وهم مستعدون للدفاع إلى أبعد حدود وإلى حدود لا يتوقعها أحد عن كرامتهم وأرضهم، وهناك أيضا تواصل، صحيح أنه ليس ظاهرا بشكل علني وواضح، مع المحافظات الأخرى، لأن الشعارات التي يطلقها أبناء السويداء هي شعارات غالبية السوريين الذين انتفضوا إذ لا يريدون سوى العيش بكرامة والعيش بحرية وبدون التدخل في شؤون سوريا، وهذه الشعارات تعني كل السوريين”.

التأثير على لبنان

وعن تأثير ما يحصل في سوريا على الواقع السياسي والأمني في لبنان يقول زيدان “طبعا هناك ترابط إذ أن النزوح السوري نتيجة المجاعة فإن تجويع الشعب السوري يدفع بالسوريين وخاصة فئة الشباب إلى النزوح، وهناك من يشجعهم على النزوح إلى لبنان أو من خلال لبنان إلى الخارج، والمراقبين للوضع في سوريا يعلمون بأن هناك خطة واضحة لإحداث تغييرات ديموغرافية في سوريا من خلال تخفيف حجم الكتلة الاجتماعية التي تنتمي إلى فئات معيّنة، ومن ناحية ثانية هناك تدخلات واضحة من المحور الذي يحتضن النظام في سوريا في الشؤون اللبنانية، ونحن نعتبر أن عرقلة انتخاب رئيس الجمهورية وإضعاف المؤسسات الشرعية الرسمية في لبنان من جيش وقوى أمن والمؤسسات الدستورية الأخرى، يسمح بحالة الفوضى وحالة الفوضى هي التي يطمح إليها النظام وأصدقاؤه أو حلفاؤهم في إي مكان خارج سوريا، وبالتالي لبنان بطبيعة الحال يدفع ثمن نتيجة احتضانه لأعداد كبيرة من النازحين ويدفع ثمن تهريب المخدرات والكبتاغون عبر حدوده من سوريا وتهريب الأسلحة، وأيضا استخدام الساحة السورية كملجأ للهاربين من العدالة في لبنان وهذه ظاهرة جديدة، إذ هناك من يقتل ويرتكب جرائم في لبنان ويهرب خلسة عبر معابر غير شرعية إلى سوريا، هربا من العدالة، وبالتالي لبنان طبعا ضحية لهذه التطورات وأي تحسّن في الظروف الداخلية في سوريا في خلق بيئة تحترم القانون ومنظمة وأيضا خلق جو من الحريات ومن الاحترام لمعايير حقوق الإنسان يستفيد منها لبنان إيجابيا إذا طبقت في سوريا”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: