على مسافة أيام قليلة من الذكرى الثانية للإنفجار “الهيروشيمي” في مرفأ بيروت، دارت من جديد عجلة المرسوم المتعلّق بتعيين أعضاء في الهيئة العامة لمحكمة التمييز، بعد أن فقدت نصابها القانوني منذ كانون الأول الماضي، وبالتالي عدم قدرتها على البتّ بدعوى مخاصمة الدولة التي تقدّم بها النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر في حق القاضي ناجي عيد، الذي أُحيلت اليه دعوى رد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار المقدّمة من النائبَين المذكورين، فتعطلت لغة القضاء في تحقيقات المرفأ، و” يا مُعين جِينا حتى نعين…”، وإنضم عيد الى البيطار في خاصية كف اليد عن الملفات.بعد الإنتخابات النيابية في أيار الماضي، وفي محاولة منه لكسر جمود وإعادة إحياء تحقيقات المرفأ وملفات أخرى، أعدّ مجلس القضاء الأعلى لائحة تضمنت تعيينات قضائية جزئية لرؤساء غرف محاكم التمييز لتعبئة الفراغات في الهيئة العامة.اللائحة سلكت طريقها من العدلية الى مكتب وزير العدل، فأحالها مرسوماً الى وزير المالية ” وعلقتْ هونيك بجارور الوزير”، لأن الأخير، ومن خلفه حركة أمل، إعترض على عدم مراعاة المرسوم للتوازن الطائفي، علماً أنه تضمن أسماء خمسة قضاة مسلمين وخمسة مسيحيين، ومع إضافة إسم رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود الذي يرأس حكماً الهيئة العامة، يصبح عدد القضاة المسيحيين ستة مقابل خمسة مسلمين، وبالتالي تكون خلفية رفض توقيع الخليل على المرسوم متأتية من عدم اعتماد قاعدة ٦ و٦ مكرر الشهيرة.الأسبوع الفائت، جرت سلسلة تحركات قام بها أكثر من طرف سياسي لحل هذه المعضلة، ما أفضى الى إعادة المرسوم من المالية الى وزارة العدل التي استردته وأحالته بدورها، عبر مكتب وزير العدل، الى مجلس القضاء الأعلى، علماً بأن التسوية المتفق عليها تقضي بتعيين الرئيس عبود لإحدى غرف التمييز بدلاً من أحد القضاة الخمسة المسيحيين فيرتقي عدد القضاة الى مصاف المعادلة الذهبية “نص بنص”.الكرة هي راهناً في ملعب مجلس القضاء الأعلى ورئيسه، رفضاً أم قبولاً، ففي الحالة الثانية يعود المرسوم المعدّل أدراجه الى وزير المالية للتوقيع عليه ثم يّحال الى رئيسي الحكومة والجمهورية للتوقيع أيضاً، أما في الحالة الأولى أي الرفض فسيعود تحقيق المرفأ برمّته الى نقطة الصفر….
