معركة رفح بين الحسابات الانتخابية الاميركية والجيو سياسية المصرية – الاسرائيلية

رفح

تؤكد معلومات ديبلوماسية متقاطعة ان البيت الابيض دخل بقوة على خط التوتر المصري الاسرائيلي في الايام الاخيرة حيث ضغط الرئيس جو بايدن وفريقه على الطرفين المصري والاسرائيلي للتوصل الى صيغة تفاهم تبعد عن امن مصر القومي، خطر ما يعتزم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو القيام به من هجوم ساحق على أخر كتائب حماس في منطقة رفح .

القاهرة افهمت الاميركيين على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي وفريقه ان اي اعتداء اسرائيلي يتجاوز الخطوط الحمر داخل الاراضي المصرية، سترد عليه القاهرة بقوة وحزم .

الاتصالات والمشاورات والضغوطات في الكواليس والبعيدة عن الاعلام، تكاد تصل الى تفاهمات ثلاثية اميركية اسرائيلية مصرية، تعطي ضمانات للقاهرة من ان العملية العسكرية الاسرائيلية لا تستهدف الشعب الغزاوي اولا ولا تستهدف امن وسلامة الاراضي المصرية، الامر الذي يبدو انه اراح القاهرة لكنه لم يمنعها من نشر قوات مسلحة ضخمة على الحدود مع منطقة رفح، لمواجهة خطر تسلل جماعات حماس وكتائبها الى داخل سيناء الامر الذي لا تقبله القاهرة على الاطلاق .

نتنياهو يريد خوض معركة غزة وانهاءها قبل شهر رمضان اي في حساباته اعتبارا من ١١/٢ الى ١١/٣ بداية شهر رمضان المبارك المقبل، اي ان امامه ما يقل عن شهر لانهاء معركة رفح ومعبر فيلادلفيا .

وعلى هذا الاساس تقاطعت ايضا المعلومات الديبلوماسية الغربية لتؤكد ان واشنطن بذلت في الايام القليلة الماضية مساع ضاغطة باتجاه الطرفين بعدما حاولت الادارة الاميركية ثني نتنياهو عن خطة مهاجمته رفح ، رغم اصرار الاخير على خوض هذه المعركة وتصاعد التوتر مع مصر التي هددت بتعليق العمل باتفاقية كامب ديفيد، الامر الذي يضر بمصالح الاطراف الاقليمية والدولية وفي طليعتها الولايات المتحدة الاميركية .

في رفح اربعة كتائب لحماس يقودها المدعو محمد شبانة ويسعى نتنياهو لتفكيكها كلها قبل البحث في اي وقف اطلاق نار لا بل قبل اي بحث في تسوية .

في المقابل متطلبات المعركة الانتخابية الرئاسية في اميركا تضغط على ملف حرب غزة وموقف الرئيس جو بايدن منها ومن دعم اسرائيل سيما وان ثمة ولايات ذات اغلبية عربية الاصول تدعو لعدم التصويت لبايدن والديمقراطيين في الولايات المتحدة الاميركية.

لكن ما هو ابعد من كل هذه الحسابات ان الهجوم الاسرائيلي على رفح في الميزان الجيو سياسي سيرتب حقيقة واقعة على الارض الا وهي : ازالة الحاجز الفلسطيني الغزاوي الحدودي بين مصر واسرائيل وبالتالي التقاء الحدود الثنائية مع بعضها لاول مرة منذ اتفاقيات كامب ديفيد، ما سيعني اعادة رسم حدود مصر مع اسرائيل وترسيم جديد للحدود خاصة من لحظة التي يصبح فيها الاسرائيلي في رفح وجهاً لوجه مع المصري .

هذه المعادلة الجيو سياسية تجري دراستها حاليا في كل من تل ابيب والقاهرة وواشنطن، وهي موضع تفاهمات يجري الاعداد لها باعطاء مصر ضمانات اميركية بعدم اعتداء اسرائيل على امنها في البحر الغزاوي ولا اعتداء اسرائيل على شبه جزيرة سيناء .

الواضح من المعلومات ان نتياهو يعارض اي صفقة مع “حماس” ومنها اتفاق وقف اطلاق نار لان مثل هذا الخيار يعني اعتراف اسرائيل بحماس ويعني بالتالي الإعتراف بوجود ايران في فلسطين الامر الذي لا يزعج واشنطن الديمقراطية التي لا تزال تريد النظام الايراني ولا تعارض ان يكون لها كلمة في موضوع غزة لان البيت الابيض يريد ارضاء ايران. ولذا كانت ادارته عبر مواقف وزير خارجيته انطوني بلينكن في الاونة الاخيرة تضغط باتجاه الهدنة ووقف اطلاق النار الا ان الجانب الاسرائيلي افشل المسعى الاميركي .

فمعركة رفح في حسابات المنطقة وتوازناتها تشي اذا تحققت، بخلط اوراق كبير وضخم بحجم المنطقة من خلال اعادة طرح ترسيم الحدود المصرية الاسرائيلية وقد يرافقها ترسيم بري للحدود مع لبنان ومعها ترسيم للحدود مع سوريا في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.وقد ابلغ وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان من التقاهم في بيروت ان طهران لا تمانع في انجاز صفقات الترسيم مع لبنان وبلاده تستعد للحظة باكستان وجنوب اسيا بعد ان ينتهي ترسيم الحدود غربي اسيا اي في الشرق الاوسط لبسط معادلة اقليمية جديدة على خرائط جديدة .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: