معزوفة العزوف... موقف أم هروب؟!

327162

السياسة رؤية ومشروع وممارسة وعمل مستدام لتسجيل النقاط ومراكمة الخبرات بهدف الوصول الى السلطة بغية إستخدام موقع القرار لتحقيق الاهداف. لذا لا يمكن إدعاء ممارسة السياسة والتعفف عن السعي الى السلطة في آن، فحينها إما يسعى المرء الى إخفاء ضعفه أو خوفه من المواجهة تحت ستار الترفع أو يكون الامر ملتبساً لديه بين مفهوم الرجل السياسي من جهة والناقد والمنظّر من جهة أخرى.

على مسافة أيام من إغلاق باب الترشيح للإنتخابات النيابية المقبلة في 15 آذار الحالي وعلى بعد اسابيع من إعلان رئيس "تيار المستقبل" الرئيس سعد الحريري تعليق العمل السياسي وعدم خوض تياره الانتخابات في 24/1/2022، كثُر إعلان بعض السياسيين عن العزوف عن خوض الاستحقاق خصوصاً من هم ينتمون تنظيمياً الى "المستقبل" أو يدورون في فلكه أو أصدقاء معه.

موقف الحريري في كانون الثاني الماضي لم يكن مفاجئاً للمتابعين بل بدأت تتسرب معالمه قبل أشهر وتبلغ به كل من زاره في الامارت. لذا يمكن تفّهم من سارع الى إعلان عزوفه بُعيد قرار الحريري وإحترام التزامه الحزبي أو تضامنه العاطفي إن وضعنا جانباً ظروف كل شخص وحظوظه، لكن ماذا عن الذين إنتظروا حتى اللحظة الاخيرة لإعلان عزوفهم؟!! يمكن توزيعهم على عدة فئات:* من كان يعوّل من المنتسبين لتيار "المستقبل" على "قبة باط" من الرئيس الحريري أو يحاول إقناع نفسه أنه قد يتراجع عن قراره.

من كان يدرس مدى إمكانية إستقطابه لأصوات البيئة المستقبلية لتعزيز حظوظه.

من راح يفاوض الاطراف السياسية في دائرته للترشح ولم يشكل موضوع جذب لها.

من سعت اللوائح في دائرته للتحالف معه إلا انه وجد أن فوزه غير مضمون خصوصاً انه كان يستفيد من الوضعية الحريرية من حيث الاصوات والتمويل والخدمات رغم وجوده في الحياة السياسية قبل بروزها مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري لتعزيز فرصه وتخوّف من خوض المغامرة.

من كان يعتبر النيابة "وجاهة" وإرثاً عائلياً ويدرك جيداً ان في ظل الانهيار والتحديات والاستحقاقات المرتقبة لم تعد نُزهة بل مهمة مضنية خصوصاً على وقع انهيار الامن الاجتماعي والمنظومة الصحية.

القاسم المشترك بين من اعلنوا عزوفهم عن الترشح الاعراب عن تضامنهم مع الرئيس الحريري والتأكيد على إستمرارهم الى جانب الناس وعدم العزوف عن العمل السياسي وتشخيصهم لجوهر المشكلة وهي النفوذ الايراني وسيطرة "حزب الله" على لبنان وزجه في صراعات المنطقة.

اسئلة عدة تفرض نفسها: ما داموا متضامنين حقاً مع الرئيس الحريري وما دام عزوفهم لتسجيل موقف، لماذا انتظروا كل هذا الوقت وتركوا باب ترشحهم مفتوحاً؟! هل تشديدهم على عدم عزوفهم عن العمل السياسي يعني إقتصاره على "الصالونات السياسية" والتغريدات والبيانات الاعلامية؟! وهل هذا عمل سياسي منتج أم عمل للحفظ على "الصورة"؟! أم أن العزوف ليس سوى هروب من إختبار الحصول على ثقة الناس في صناديق الاقتراع وهروب من التصدي لمشروع "حزب الله" وحلفائه وهروب من معركة إستعادة السيادة والشراكة وإستنهاض الاقتصاد وإعادة بناء الدولة؟!! الالتزام بالناس ووجعهم لا يتم عبر الهروب بل عبر المواجهة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: