معوّض: المطلوب الإسراع في الاستفادة من الفرصة 

WhatsApp Image 2025-07-26 at 07.42.30_ef264057

شكّلت زيارة المبعوث الأميركي توم برّاك إلى بيروت محطةً جديدة في المسار الأميركي الهادف إلى إعادة ترتيب أولويات العلاقة مع لبنان، خصوصًا في ما يتعلّق بمسألة السيادة وسلاح حزب الله

وتعليقًا على هذه الزيارة، أدلى النائب ميشال معوّض، رئيس حركة الاستقلال، بموقفٍ خاصّ لـ “نداء الوطن”، يُدرج في سياق متقدّم من المواقف السيادية التي لطالما ميّزته، بوصفه ركنًا من أركان المعارضة اللبنانية، ومرشّحها السابق إلى رئاسة الجمهورية، وابن الرئيس الشهيد رينيه معوّض.  

اعتبر معوض، أنّ هذه الزيارة لا تُشبه سابقاتها، سواء في توقيتها أو في طبيعة الرسائل التي تحملها.  

وقال: “عمليًا، بحكم الواقع السياسي الموجود أمامنا، ومن دون الدخول في تفاصيل التصريحات التي سمعناها عبر الإعلام، فإنّ زيارة برّاك أكّدت للجميع أننا، بعد الحرب المدمّرة التي أَدخلنا فيها حزب اللّه قسرًا ومن دون موافقة الأغلبية اللبنانية، رغم كل محاولاتنا لوقفها، من حرب الإسناد إلى غيرها من ربط لبنان بالمحاور الإقليمية، أصبحنا أمام خيارين:  

الخيار الأول المعني بالتقدّم نحو الأمام انطلاقًا من اتفاق الطائف والقرارات الدولية، من القرار 1701 مرورًا بالقرارين 1559 و 1680، وتطبيقًا لقرار وقف إطلاق النار الذي وقّعت عليه الحكومة السابقة، والتي كان لحزب اللّه فيها أكثرية مطلقة، أن نتقدّم إلى الأمام بهذا المسار، مع تطبيق الآلية التي تنصّ على تسليم السلاح للدولة اللبنانية خلال أشهر، واحتكار الدولة كلّ الأسلحة، من المخيّمات الفلسطينية إلى سلاح «الحزب»، وأن نستفيد من الاهتمام الدوليّ بلبنان لبناء استقرار مستدام، مبنيّ أوّلًا على احتكار السلاح، وترسيم الحدود، وإنهاء كلّ النزاعات الحدودية مع الإقليم، والتي جزء منها بين لبنان وإسرائيل وسوريا، وتحت مظلّة الدولة السيّدة والحرّة والمستقلّة أن نصوغ دورًا للدولة في الاقتصاد الإقليمي الجديد، وطبعًا أن يكون قائمًا على الإصلاحات المطلوبة لإعادة بناء لبنان، وتأمين حقوق الموظفين في القطاع العام، والمودعين، والعسكر، والقضاة، والأساتذة، وغيرهم...". 

وتابع: "المسار الثاني، وهو الأخطر والأكثر فتكًا بلبنان، يكمن في إبقاء القديم على ما هو عليه، أي "لا معلّقين ولا مطلّقين"، حيث يجد البعض في كلّ يوم سببًا جديدًا لتأجيل عملية تسليم السلاح، تحت ذرائع واهية، مثل انتظار ما سيحصل في السويداء، أو إلقاء اللوم على إسرائيل وغيرها... وهذا الأمر، عمليًا، سيؤدي إلى الإبقاء على الوضع القائم، ما سينتج عنه تدريجيًا تراجع في الاهتمام العربي والدولي بلبنان، ويجعلنا متروكين لمصيرنا بين حزب اللّه وإسرائيل. فمن جهة، يمنع الحزب قيام أي دولة فعلية أو استقرار اقتصادي فعليّ في البلاد، ومن جهة أخرى، تستمرّ تل أبيب، تحت شعار حماية أمنها القوميّ وحماية حدودها، في ضرب لبنان بشكل شبه يوميّ، فهذا الواقع سيؤدي إلى مزيد من الدمار. ومع مرور الوقت، يؤدي ذلك إلى تفكّك لبنان، وفي ظلّ غياب الدولة، تبرز التشنّجات الطائفية، وتزدهر الجماعات المتطرّفة بفعل الفوضى". 

ولفت إلى أنّ «تحرّك برّاك والموفدين السابقين يصبّ في الاتجاه نفسه، وهو أنّ هناك فرصة للبنان لا يجب الإطاحة بها». 

وردًّا على سؤال حول موقف برّاك من أنّ سلاح حزب اللّه شأن لبناني داخلي ولا علاقة لواشنطن بحلّه، أجاب: «لا أريد الدخول في تحليل مواقف برّاك، لكنّ الأكيد أنّ المقصود من كلّ هذا الحراك العربي والدولي، وبالأخص الأميركي المكثّف، يندرج ضمن سياق القول إننا أمام واقع جديد مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، ولا يمكن للدولة اللبنانية أن يكون دورها بمثابة المتفرّج، مع العلم أننا وسطاء نحاول أن نقوم بالضغط المطلوب لتأمين تأثيرنا على كلّ الأطراف، لكنّ الدولة اللبنانية يجب أن تقوم بكامل واجباتها، فالوقائع الجديدة يجب أن تغيّر قواعد اللعبة، وعلى هذه الدولة أن تسير قدمًا في المسار الأول، المتمثّل باحتكار السلاح، لكي لا نقع في فخّ الحرب المدمّرة والمتواصلة". 

وأكّد أن "أمام هذا العهد الجديد مسؤولية في هذا الموضوع، والجوّ الدولي يؤكّد جهوزيّته للمساعدة والمساندة والدعم والضغط والتسهيل، سواء في ملفّ ترسيم الحدود أو في ملف تسليم السلاح، لكن ثمّة مسؤوليات يجب أن تقوم بها الدولة، سواء في موضوع السيادة أو في موضوع الإصلاحات". 

وردًّا على سؤال نداء الوطن حول إمكانية سحب سلاح حزب اللّه قبل نهاية العام الحالي، قال معوّض: "بات من الواضح أنه كان يتمّ العمل على ورقة الخطوات المتوازية، التي تتجنّب صراع ترتيب الأمور الزمنية، وقد تمّ تقديم ورقة من قبل رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، تضع مهلة ستة أشهر لتسليم سلاح الحزب، وتجزم باحتكار الدولة اللبنانية السلاح بطريقة متوازية، أي أن يتقدّم حزب اللّه خطوة إلى الأمام بتقديم سلاحه، فيقابلها الجانب الإسرائيلي بخطوة مماثلة من ناحيته متمثلة بالانسحاب، لكن يبدو، وفقًا للخطاب الأخير للأمين العام لحزب اللّه الشيخ نعيم قاسم، أنّ الحزب انقلب على هذه الورقة". 

في الشقّ الإقليمي، وردًّا على ما يحصل في السويداء وسوريا ككلّ، أوضح معوّض أنّ "ما يحصل في سوريا يجعلنا متمسّكين أكثر فأكثر بمنطق الدولة. فنحن نتمنّى للشعب السوري كلّ الخير، ولنا مصلحة بقيام دولة سوريّة حرّة ومستقرّة، بمنطق جديد لا يسعى إلى الامتداد خارج الحدود السورية. فلقد حان الوقت لأن نتواضع وألّا نكون ساحة صراع إقليميّ مجدّدًا، فنحن، ومنذ العام 1969 حتى اليوم، بمثابة صدى للصراعات الإقليمية، سواء بين الدول المجاورة أو دول المنطقة بشكل أوسع. ولقد حان الوقت لنحمي لبنان وشعبه، ونؤمّن استقرار هذا البلد من خلال ضبط حدوده، وبناء دولة تحتكر السلاح، دولة يُنتج فيها الاقتصاد مستقبلًا جيّدًا لأبنائنا، وهذا الأمر يتطلّب الكثير من الوعي". 

وأثنى معوّض على كلام شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، الشيخ سامي أبي المنى، الذي شدّد على أهميّة عدم زجّ لبنان في هذا الصراع الطائفيّ، مؤكدًا: «يجب أن نتمسّك بدولة راعية لكلّ أبنائها، بغضّ النظر عن انتمائهم الطائفي، وأن نعود إلى لبنان أوّلًا وأخيرًا». 

وردًّا على سؤال عن إنتاجيّة العهد والحكومة حتى الآن، أجاب: "نحن داعمون لهذا العهد وهذه الحكومة، التي أمامها تحدّيات كبرى، إن كان في الشق السيادي أو في الشق الإصلاحي المالي والنقدي والاقتصادي"، قائلًا: "يجب أن نواكب هذه التحدّيات، إنما الدولة لا تقوم بما يكفي في الملفات الأساسيّة، وعلى رأسها ملف السلاح غير الشرعي". 

أضاف: «على الدولة أن تتصرّف بجدّية كدولة»، لافتًا إلى أنّ «الموقف المبدئي للدولة من مسألة السلاح هو موقف جيّد، وللمرّة الأولى بات المسؤولون فيها يمثّلون منطق الدولة لا منطق هيمنة الدويلة على الدولة. إنما المطلوب هو الإسراع في الاستفادة من هذه الفرصة، والمزيد من الحزم وأن تكون الدولة أكثر فعالية في الملفات الأساسيّة، وعلى رأسها موضوع أموال المودعين». 

وردًّا على سؤال عن رأيه بـ «سياسة التروّي التي تعتمدها رئاسة الجمهورية في ملفّ السلاح»، أجاب: «الدنيا ليست أبيض أو أسود، أي أنّ ثمّة مساحة من الصرامة المطلوب من الدولة أن تملأها، وإلّا قد نخسر الاهتمامين العربي والدولي، وقد يُترك لبنان. نحن نفهم ونتفهّم أنّ البعض يريد أن يحتكر لبنان الرسميّ السلاح لقيام الدولة بأقلّ تكلفة ممكنة، لكن لا يمكن أن يكون خيار الكلفة الأدنى هو المسار الذي لا يوصلنا إلى الهدف المنشود، فلا أحد يريد حربًا أهليّة ولا تدمير الاقتصاد، لكن لا يمكننا، تحت شعار «الترويّ»، ألا نفعل شيئًا في هذا الصدد». 

وتعليقًا على التعديلات المطروحة في ما يخصّ قانون الانتخابات النيابية، أكّد أن «البعض يلجأ إلى طرح عدد من التعديلات قبل مهَل قصيرة من موعد الاستحقاق الدستوري، لأغراض مشبوهة». 

معوّض، الذي لم يُخفِ تخوّفه من إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، استطرد قائلًا: «عدم إجراء الانتخابات في موعدها بمثابة ضربة كبيرة لمشروع الدولة». 

وتابع: «لا يمكننا أن نُغيّر قانون الانتخابات النيابية قبل مهلة زمنية وجيزة من الاستحقاق، ويجب الانطلاق من هذا القانون الذي استُخدم في الدورتين السابقتين، مع التعديل اللازم في ما يخص اقتراع الاغتراب اللبناني، لتكريس حق الانتشار اللبناني في التصويت، أسوةً بعامي 2018 و 2022. وهنا، ما يحصل مرفوض نهائيًا، إذ ثمّة اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدَّم من عدد من الزملاء النواب، ونحن داعمون له، وهو مدعوم من 69 نائبًا، ويهدف إلى تعديل المادة 112 من القانون لتأمين حقّ الاغتراب في الاقتراع كما اللبناني المقيم، أي للـ 128 نائبًا بحسب الأقضية والمحافظات والدوائر الانتخابيّة». 

وتابع: «هذا القانون المعجّل المكرّر، إضافةً إلى العريضة النيابيّة الموقَّعة من قبل 61 نائبًا، تطالب بطرح هذا الاقتراح على التصويت داخل الهيئة العامة لمجلس النواب للبتّ به. وهنا يجب لفت النظر إلى أنّ ما قام به رئيس مجلس النواب نبيه برّي يُعدّ سابقة، إذ لم يدرج هذا الاقتراح المعجّل المكرّر، رغم أهميته القصوى، على جدول أعمال الجلسة التشريعية الأخيرة». 

أضاف: «الموضوع ليس موضوع عدّ أصوات، إنما هو جزء من قيام دولة لبنان، وهو مرتبط بالعلاقة الوثيقة مع الاغتراب اللبناني، فالانتشار اللبناني هو صوت وازن للبنان. ولولا هذا الاغتراب، لكانت ظروف البلد إلى مزيد من السوء. ولا قيامة للبنان من دون أن يكون هذا الانتشار شريكًا في الاستثمار. أقلّ ما يمكن أن يُقال لهم هو: إنّ لبنان مش شايفكن ATM Machine، بل أنتم شركاء في القرار، واستطرادًا يجب أن تكونوا شركاء في تقرير مصير لبنان من خلال تكريس حقكم بانتخاب الـ 128 نائبًا». 

وختم: «هذه الاقتراحات المقدّمة لتعديل قانون الانتخابات النيابية، التي تظهر قبل شهرين من الاستحقاق الدستوري، هي للاستخدام في المفاوضة السياسية، وقد باتت من الماضي، ولن تمرّ بعد اليوم». 

وبذلك، يُشكّلُ تصريحُ معوّض لـ «نداء الوطن» موقفًا ناريًّا جديدًا يُكرّسُ خطًّا سياديًّا ثابتًا في رفضِ بقاءِ سلاح «حزب اللّه» خارج إطار الدولة اللبنانية، وهو موقفٌ بات محسومًا في نهجه السياسي، فمعوّض، الذي بدا حريصًا على عدم الذهاب بعيدًا في نقدِ «التروّي» الذي اعتمدته رئاسةُ الجمهورية في مقاربة هذا الملف، لم يُخفِ تفضيله ضرورةَ الحسم، واعتبار أنّ استعادة الدولة قرارها السياديّ لم تَعُد مسألة خيار، بل أصبحت شرطًا لبقاء الكيان اللبناني نفسه. 

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: