يرفع المدافعون عن مشروع الحكومة لاسترداد ودائع اللبنانيين، شعار الإصلاح والتجاوب مع شروط صندوق النقد الدولي، بعيداً عن أية محاسبة أو توزيع عادل للخسائر، والإكتفاء بوضع المودع بوجه المصرف، ثم ترك كرة المبادرة بيد جمعية المصارف عبر دعوتها إلى ملاحقة مصرف لبنان المركزي، وفق قاعدة أنه المسؤول عن التصرف بالودائع التي وظّفتها المصارف في سندات الخزينة وأودعتها لدى المركزي.
ويقود هذا التوجه إلى وضع المصارف بوجه مصرف لبنان، من خلال ارتفاع الأصوات الداعية إلى أن تتحرك جمعية المصارف، عبر تقديم دعوى مشتركة ضد “المركزي”، وذلك للمطالبة باسترداد الأموال على أن تتم إعادتها لاحقاً للمودع.
قد يكون طرح هذا الحل من الناحية النظرية ممكناً ولكن من الناحية القانونية، يحق للمصارف مجتمعةً أن ترفع دعوى قضائية ضد الدولة، من أجل استرداد أموالها منها، ولكنها لا تستطيع رفع دعوى مماثلة ضد مصرف لبنان، وإن كانت المصارف أودعت الأموال لدى المصرف المركزي.
ولكن عندها سيكون كل مصرف وبشكل منفرد مضطراً أن يتقدم بدعوى ضد “المركزي”، ولكن هذا الأمر مشروط بجملة إجراءات وخطوات شبه مستحيلة في ظل الظروف الراهنة.
ومن بين هذه الإجراءات وفق ما ذكر مصدر إقتصادي مواكب، هي أن يبادر المصرف المدعي إلى إقفال حسابه في مصرف لبنان، وهنا الخطوة الأساسية التي يتريث أي مصرف في اللجوء إليها، نظراً لتداعياتها المباشرة على أعمال وحسابات المصرف والمودعين، إذ أنه في حال تم إقفال حساب المصرف، فلن يتمكن المصرف عندها من التعامل في الشيكات مع “المركزي” لجهة مقاصة الشيكات، بمعنى أن تعقيدات عدة ستعترض العلاقة بين المصرف من جهة والمركزي من جهة أخرى. كذلك وفي الوقت عينه، لا يمكن إغفال الكلفة التي قد تنجم وفق هذه الخطوة، بالنسبة لتسديد الضريبة المتوجبة على المصرف.
وعليه، فإن مقاضاة المركزي، ستنعكس سلباً على المصرف كما على المودع، من حيث العوائق التي ستطرأ وتؤثر على المعاملات مع “المركزي” ونتائجها على واقع المصرف وبالتالي، ستأتي على حساب المصرف والمودع.
وعليه من غير المفيد وتحت عناوين وشعارات ذات طابع شعبوي، ولا تخدم المودع بالدرجة الأولى، يطالب البعض المصارف بمقاضاة مصرف لبنان، ومن دون التطلع إلى أن ما ترتبه هذه الخطوة من كلفة، ستؤدي إلى استخدام السيولة المتبقية لدى المصارف، والتي تؤمّنها للمودعين ولو عبر دفعات جزئية، مثل تطبيق التعاميم ودفع أقساط صحية، ومتوجبات ضرورية وملحة لكل مودع وفق حالته الخاصة.
ويخلص المصدر الإقتصادي إلى أن أي انخراط في الدعاوى القضائية، سوف يقضي على كل هذه الخطوات، التي ما زالت المصارف تملك القدرة على تأمينها للمودع، ما يجعل من أي كلفة مرتفعة ترتد بشكل غير مباشر على المودع نفسه، ذلك أن المودعين والمصارف في فريق واحد ضد طرفي الأزمة، وبدرجة أساسية ضد الدولة التي ترفض تحمل المسؤولية عن الأموال التي هدرتها، وهي أموال المودعين في المصارف ولاحقاً في مصرف لبنان المركزي، وهي الحلقة التي تنحصر فيها الودائع.