بعد مضيّ عقود من الزمن على اعتقال مئات اللبنانيين في السجون السورية، حيث تُختصر معاناتهم بشتى أنواع التعذيب الوحشي، لم تتمكن الدولة اللبنانية طوال تلك المدة من إعطاء هذا الملف الإنساني الإهتمام اللازم، لذا بقي قيد الكتمان ومصيره مجهول، في ظل أسئلة طرحها أهالي المعتقلين قسراً والإنتظار بقى سائداً، أما الردّ فأتى من الجانب السوري، بعد عناء طويل، بأن لا معتقلين أو مخفيين لبنانيين على أراضيه، فيما تمّ تسريب الوثائق والمراسلات السرّية من الدوائر السورية الرسمية، خلال إشتعال المعارك بين جيش النظام والمعارضة السورية، وضّم الملف حينها نحو ألف وثيقة ومحاضر اجتماعات اللجنة اللبنانية ـ السورية التي تابعت القضية بين عام 2005 حتى عام 2012، مع الإشارة الى أنّ الملف كشف أسماء جميع المعتقلين اللبنانيين، وأسباب اعتقالهم والتهم الموجهة إليهم.
الى ذلك برزت خطوة لافتة من قبل القوات اللبنانية المعنية بهذا الملف أشار اليها النائب السابق أنطوان زهرا، من خلال الدعوى المحلية والدولية المقامة من قبل القوات ضد النظام السوري، بتهمة خطف وتعذيب وقتل لبنانيين، لافتاً الى أنّ ممارسات النظام بواسطة جيشه ومخابراته وأعوانه مدوّنة وموثقة ومعروفة، وبأنّ قضية المعتقلين جريمة بكل المعايير لشباب جُرّدوا من حقوقهم المدنية والإنسانية، وتهمتهم أنهم أحرار يمارسون حقهم في حرية الرأي.
هذه الخطوة وإن أتت متأخرة، لا شك أنها أحيت القضية المنسية، على الرغم من محاولة طمس مصير أبطال، إعتقل بعضهم بسبب إنتمائه الى أحزاب لبنانية مناهضة لسياسة سوريا، وعلى خلفية مقاومة عسكريين لبنانيين في 13 تشرين 1990 تصدّوا ببطولة للجيش السوري، وبسبب مجاهرة كل هؤلاء بطلب السيادة والإستقلال للبنان.
في غضون ذلك، يشير رئيس جمعية المعتقلين في السجون السورية علي أبو دهن خلال اتصال مع موقع lebtalks الى وجود معتقلين أحياء، ويقول:” خلال إعتقالي تعرفت في العام 1991 على حسن حديفي، وهو معتقل سوري من أم لبنانية الى أن تحررتُ في العام 2000، وعرفت لاحقاً أنه توفي في العام 2019 وتم تسليم جثته الى أولاده، وقبله معتقل آخر وهو دركي من منطقة عاليه، خُطف في سوريا العام 2007 وتوفي في 2017 وسُلمّت جثته الى الدولة اللبنانية”.
في الختام، نأمل أن تصل هذه القضية عبر القوات اللبنانية الى الخاتمة، وتحظى بكل ما تستحق من اهتمام دولي إنساني، يعيد الحق ولو بجزء بسيط الى هؤلاء الأبطال…