لم يكن من قبيل الصدفة أن يبادر "حزب الله" إلى إحياء ذكرى التحرير من خلال مناورة عسكرية "مدوية" في عرمتى، حملت رسائل في عدة اتجاهات داخلياً وخارجياً، للحليف قبل الخصم، ومحورها التعبير عن "فائض القوة"، والضغط من خلال "الذخيرة الحية"، على من يسعى إلى إيجاد خيارات رئاسية جديدة بعيدة عن الأسماء والترشيحات المتداولة، وبشكل خاص "التيار الوطني الحر"، وذلك في الوقت الذي يقوم فيه رئيسه النائب جبران باسيل بزيارة إلى فرنسا تحت عنوان الملف الرئاسي.
ومناورة الحزب في عرمتى، غير معزولة عن مشهد الداخل الرئاسي وحراك باسيل في باريس، إذ أن معلومات تحدثت عن أنه بعد المواقف والتسريبات الأخيرة التي تناولت المفاوضات ما بين الحزب والتيار، ركزت مواقف مسؤولي الحزب في عرمتى، على أفرقاء الداخل من أجل حملهم على السير بمرشح الثنائي الشيعي إلى رئاسة الجمهورية.
وبالتوازي ، أتى إطلاق عضو تكتل "لبنان القوي" ألان عون، مبادرةً رئاسية هي الثالثة المتداولة في أوساط الكتل النيابية، وذلك تزامناً مع مفاوضات باسيل في باريس ولقائه مستشار الرئيس إيمانويل ماكرون ، السفير باتريك دوريل، في الإليزيه.
وقد قرأت أوساط مواكبة في مبادرة عون الرئاسية، مناورة تهدف إلى إعادة خلط الأوراق على مستوى الحوار القائم مع قوى المعارضة، وإن كانت نتيجتها الأولية ،طي صفحة التفاهم على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور.
وكشفت الأوساط عن أن الحراك الذي يقوم به "التيار الوطني الحر " يهدف الى إعادة تعويم دوره داخلياً من خلال طرح ترشيح أحد نوابه لرئاسة الجمهورية، حيث أنه من حيث الشكل ، يهدف إلى إحراج حليفه "حزب الله" وقطع الطريق على مرشحه رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية من جهة، والضغط على فريق المعارضة من أجل دعم مرشح "عوني" جديد، من أجل مواجهة ترشيح فرنجية من جهة أخرى .
لكن مناورة التيار، لم تنجح في تحقيق أهدافها المعلنة، إذ أن النائب عون، قد قطع كل جسور التفاوض مع المعارضة ، وأعاد تموضع التيار مع فريق الثنائي الشيعي، وزاد من حظوظ فرنجية، كما ساهمت مناورة الحزب في تكريس خياره الرئاسي بالقوة.
وبالتالي، تتوقع هذه الأوساط أن يعود الملف الرئاسي إلى نقطة البداية، أي المراوحة والإنسداد وغياب أي توجه نحو انتخاب رئيس للجمهورية في المجلس النيابي وفق الدستور، وذلك في ضوء معلومات متداولة في الأسابيع القليلة الماضية، عن أن دمشق عادت إلى التدخل في الإستحقاق عبر الضغط في ملف النزوح ، بينما الفريق المؤيد لفرنجية، يسعى إلى تمرير الوقت ودفع كل القوى الخارجية المعنية بهذا الملف، إلى التعب و"التسليم" بالأمر الواقع.
وفي ظل غياب المؤشرات لأية انفراجات على مستوى تحديد جلسة إنتخابية في وقت قريب، فإن المعلومات المتداولة لدى مقربين من الثنائي الشيعي، تكشف عن فراغ رئاسي طويل وربما إلى ما بعد انتهاء فصل الصيف ، وبالتالي ، إبقاء الملف في دائرة المراوحة والدوران حول الشعارات والسجالات المصطنعة بين أطراف الصف الواحد بالتوازي مع تسارع وتيرة الإنهيار في كل المجالات.
