من بيروت إلى الحدود وحدنا.. وما بعدها بتنسيق سعودي ورعاية أميركية

downtown-beirut-r057aukxpo9u1yrex7hq87o55bwojzkvjnbx4wgnq8

كتب كبريال مراد في صحيفة نداء الوطن:

على غرار لعبة الشطرنج، يتحضر لبنان اليوم. يجهّز "عدة الشغل" وخطّة العمل، وعينه على انطلاق الخطوة الأولى. وفي هذا السياق، تؤكد أوساط مطّلعة على الموقف الرسمي اللبناني أن معادلة أي خصومة أو عداء أو تباين بين طرفين، تنتهي بحسم النزاع إما بالقوة وإما بالتفاوض. وقد جرّب لبنان منطق القوّة أكثر من مرة وعاين النتائج.

وبحسب المعلومات، فقد أبلغ لبنان الموفدين الدوليين أن لا أوهام لديه، وأن ميزان القوة مختلّ بشكل ساحق لمصلحة الطرف الآخر، إن لبنانيًا أو على مستوى المنطقة، وأن سلوك خيار القوة يمكن أن يدمّر لبنان. وسط تساؤلين أساسيين على هذا الصعيد: هل التدمير يؤمّن الحل؟ كما أن الإسرائيلي يمكن أن يتوغل في مناطق لبنانية، ولكن هل يمكنه أن يقيم فيها ويبقى؟

ويستند الرأي اللبناني في هذا الإطار الى تجربة غزة، إذ وبعد القوة الناريّة على مساحة 360 كلم2، فالتصعيد والدمار لم يؤدّيا إلى حل. من هنا، فالتفاوض ضرورة وحتمي ويشكّل مدخل الحل. ولا شك، ضمن هذا المنطق، أن التفاوض يحقق مصلحة لبنان، إلّا إذا كان هناك من طرف يعتقد بأن دمار لبنان يؤدي له خدمة على المستوى الداخلي أو من ضمن الأوراق الإقليمية، وهي مسألة مستبعدة.

الرئيس وقوّة المنطق

في الساعات الماضية، أعاد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون تأكيد الموقف اللبناني بقوله "إن منطق القوّة لم يعد ينفع، وعلينا أن نذهب إلى قوّة المنطق". ما قصده الرئيس في هذا السياق بالطبع يتعلّق بسلوك الحلول الدبلوماسية، أي التفاوض.

وتذكّر أوساط مطّلعة في هذا السياق، أن "مبدأ التفاوض ليس اختراعًا جديدًا وغير مسبوق. فلبنان وقع في العام 1949 أوّل اتفاقية هدنة من خلال عملية تفاوض مباشر بين ضباط لبنانيين وضباط إسرائيليين".

كما أن أكثر من محطّة ينساها البعض، "فحتى عندما كان لبنان تحت الاحتلال السوري والوصاية، بعد مؤتمر مدريد، أجرى لبنان أكثر من 12 جولة تفاوض مباشر بين أعوام 1991 و1993، وتمثلت فيها بيروت بمدنيين، واستضافت جولات التفاوض العاصمة الأميركية واشنطن. وحتى أن القوى التي لها ملاحظات اليوم، كانت مشجّعة في حينه. وهذه الأمور موثقة في محاضر رسمية. وعلى الرغم من أن موازين القوى في حينه كانت أفضل بكثير من اليوم، فالغاية منها ما بعد مؤتمر مدريد، كانت تسوية تمهّد للسلام".

وفي استعراض الخيارات الدبلوماسية، تضاف محطات تفاوضية أخرى من العام 1993 إلى تفاهم نيسان في العام 1996، مرورًا بالتفاوض ما بعد الانسحاب الإسرائيلي في العام 2000، وصولًا إلى تفاوض حرب تموز 2006 والقرار 1701.

بناء على كل ذلك، يرى الموقف الرسمي اللبناني أن "المعطيات تفرض القول إن التفاوض بات المعبر الإلزامي لتحقيق مصلحة لبنان العليا". التفاوض على ماذا ومن أجل ماذا؟ تشير المعلومات إلى أن "المعادلة واضحة وبسيطة بالنسبة للبنان على هذا الصعيد: فالتفاوض من بيروت إلى الحدود الدولية، مسار يمشيه لبنان وحده من دون التنسيق مع أحد لاستعادة الأرض وإقامة الترتيبات الأمنية الثابتة، وإطلاق الأسرى. أمّا بعد الحدود، فلا يمكن سلوك هذا المسار إلّا بالتنسيق مع الأصدقاء العرب، لا سيما السعودية وبرعاية أميركية، انطلاقًا من المسار القائم بين الرياض وواشنطن". ما يعني بكلام آخر بالنسبة إلى لبنان، أن الخروج من الواقع القائم شيء، وسلوك طريق السلام شيء آخر.

هل من تقدّم على هذا الصعيد؟ تشير المعطيات إلى أن الموقف اللبناني واضح وينتظر وصول السفير الأميركي ميشال عيسى، حيث يفترض بعدها حسم اللغط الذي استمر أشهرًا حول مرجعية الموقف الأميركي في الملف اللبناني. عندها يمكن الانطلاق نحو استئناف المساعي برعاية أميركية، والحصول على إجابات إسرائيلية.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: