اختُتمت في القاهرة اليوم الاحد، أعمال الدورة العاشرة للجنة العليا اللبنانية – المصرية المشتركة، برئاسة رئيس مجلس الوزراء اللبناني نواف سلام، ورئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، وبحضور عددٍ من الوزراء وكبار المسؤولين من الجانبين.
وضمّ الوفد اللبناني المشارك: وزير الاقتصاد والتجارة عامر البساط، ووزير الخارجية والمغتربين السفير يوسف رجي، ووزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، ووزير المالية ياسين جابر، وأمين عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكيه، ومدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة الدكتور محمد أبو حيدر، وسفير لبنان لدى جمهورية مصر العربية السفير علي الحلبي، ومستشارة رئيس مجلس الوزراء السفيرة كلود الحجل.
وجرى خلال الاجتماعات التوقيع على خمس عشرة اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامج تنفيذي في مجالاتٍ متعددة، شملت الاقتصاد والتجارة، النقل، التعليم العالي، الزراعة، الطاقة، المالية، الإدارة العامة، البيئة، التنمية الإدارية، التعاون الصناعي، حماية المستهلك، وتنظيم العمل المشترك بين الأجهزة الرقابية في البلدين.
وفي ختام الاجتماعات، عقد الرئيسان سلام ومدبولي مؤتمرًا صحافيًا مشتركًا، أكّدا خلاله عمق العلاقات بين لبنان ومصر وحرص البلدين على تطويرها في مختلف المجالات، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.
والقى الرئيس سلام كلمة قال فيها: "يشرفني أن أكون اليوم في القاهرة، مهد التاريخ والحضارة، في مناسبةٍ تجمع بين بلدين شقيقين تشهد علاقتهما على عمق الروابط العربية وصدق الأخوّة. نلتقي في الدورة العاشرة للجنة العليا اللبنانية – المصرية المشتركة، وهي ليست مجرد اجتماع بروتوكولي، بل محطة جديدة في مسيرة طويلة من التعاون والتكامل، تتجدد فيها الإرادة مهما تباعدت المسافات وتبدّلت الظروف".
اضاف: "لقد مرّت ست سنوات على انعقاد الدورة السابقة في بيروت عام 2019. ست سنوات تغيّر فيها الكثير في عالمنا وفي منطقتنا، لكنّ الثابت الوحيد هو الإيمان بأن ما يجمع لبنان ومصر أعمق من أي تبدّل سياسي أو ظرف اقتصادي".
وتابع: "لقد كان اجتماعنا مناسبةً لتجديد التزامنا بالعمل العربي العملي لا الشعاراتي، ولتأكيد حرص بلدينا على إرساء نموذجٍ صادقٍ في التعاون القائم على تبادل الخبرات وتكامل القدرات وتوحيد الرؤى. ناقشنا ملفات تمسّ جوهر حياة مواطنينا: من الطاقة والمياه والريّ إلى التعليم العالي والبحث العلمي، ومن الصحة والزراعة إلى البيئة والتكنولوجيا الرقمية، ومن النقل إلى التنمية المستدامة. ووقعنا عددًا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تُجسّد هذا التعاون في مؤسساتٍ ومشاريع واقعية تُترجم الأقوال إلى أفعال. تميّزت هذه الدورة بروحٍ من الجدية والمسؤولية، وبإرادةٍ واضحة لتحويل التفاهمات إلى إنجازات. وهذه الروح هي التي تمنح العمل العربي بعده الحقيقي: أن يكون عملًا لا اجتماعًا، وشراكةً لا مجاملة".
واردف: "يقدّر لبنان عاليًا الدور الرائد الذي تضطلع به جمهورية مصر العربية بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في دعم الاستقرار الإقليمي، وفي الدفاع عن القضايا العربية، وفي مقدمتها قضية فلسطين، وفي السعي إلى ترسيخ الحلول السلمية للنزاعات وتعزيز منظومة العمل العربي المشترك. كما لا ننسى مواقف مصر الأخوية الداعمة للبنان سياسيًا ودبلوماسيًا في أحلك الظروف الاقتصادية والاجتماعية، ومساندتها له في مختلف المحافل الدولية والعربية".
واشار الى أنّ "العلاقات اللبنانية – المصرية ليست نتاج ظرفٍ آنيّ، بل هي تاريخ طويل من التفاعل الفكري والثقافي والإنساني.
ومن بيروت إلى القاهرة، ومن بطرس البستاني إلى طه حسين، ومن الرحابنة إلى أم كلثوم، ومن الجامعة الأميركية إلى الأزهر الشريف، تمتد خيوط نهضةٍ عربيةٍ واحدةٍ نسجها اللبناني والمصري معًا، وتزيّنت بها سماء الثقافة العربية الحديثة. واليوم، ونحن نلتقي مجددًا في القاهرة، نريد أن نحمل هذه الروح ذاتها إلى المستقبل، فشراكتنا نريدها أن تكون نموذجًا للتكامل لا للتنافس، وللتخطيط لا للارتجال، وللاستثمار في الإنسان قبل أي شيء آخر" .
وختم سلام: "تحية لمصر، أمّ الدنيا، وتحية لبيروت، ستّ الدنيا".
وأكد رئيس الحكومة المصريّ أن "مصر تدعم كلّ ما تقوم به الحكومة اللبنانية للحفاظ على أمن لبنان واستقراره" ، مشيرًا إلى أن بلاده تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على الجنوب اللبناني، وداعيًا الجيش الإسرائيلي إلى الانسحاب من النقاط الخمس، تمهيدًا لبدء إعادة الإعمار.
وأعرب الرئيس مدبولي عن امتنانه لما تم توقيعه من مذكرات تفاهم مع لبنان، مشددًا على ضرورة تنفيذها، خصوصًا في الجانب التجاري والاستثماري، ومعلنًا أن مصر تشجّع شركاتها على المشاركة في مؤتمر الاستثمار المزمع عقده في بيروت قريبًا.
وقال: “نحن سعداء بعودة انعقاد اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين مصر ولبنان، فالعلاقات الثنائية بين بلدينا لطالما كانت في مستوى متقدم" .
وختم بالإعلان عن زيارة مرتقبة له إلى بيروت الشهر المقبل، برفقة عدد من الوزراء، لمواصلة تفعيل العلاقات الثنائية بين لبنان ومصر.