ميقاتي في افتتاح مؤتمر الأمن الاقتصادي العربي: نسعى لاعتماد نهج مالي جديد

mikatiii

افتتح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بمشاركة حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، وبحضور 400 شخصية لبنانية وعربية من رجال المال والمصرفيين والمستثمرين، مؤتمر”الأمن الاقتصادي العربي في ظل المتغيرات الجيوسياسية”، قبل ظهر اليوم في فندق “فينيسيا”.

نظم المؤتمر إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمصرفيين، وحضر الافتتاح الرئيس فؤاد السنيورة، الوزراء في حكومة تصريف الاعمال: المال يوسف خليل، والخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، والإعلام زياد المكاري والمهجرين عصام شرف الدين، سفراء: المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري، ومصر علاء موسى، والأردن وليد الحديد، وتونس بوراي الامام، والمغرب محمد اكرين، ورئيس بعثة دولة الكويت والوزير المفوض عبد الله سليمان الشاهين، ورئيس البعثة في السفارة العراقية أمين النصراوي، وسلطنة عمان الدكتور أحمد بن محمد السعيدي، وتركيا علي باريش، والهند محمد نور رحمان شيخ واليونان ديسبينا كولوكولو، والنائب وضاح الصادق. 

كما حضر حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري، رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية النائب السابق محمد شقير، نقيب المحررين جوزف القصيفي، رئيس إتحاد المصارف العربية محمد الاتربي، رئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزف طربيه، رئيس لجنة الإستثمار لتعبئة الموارد المالية لإتحاد المصارف العربية – الكويت الشيخ محمد الجراح، الامين العام لاتحاد المصارف العربية الدكتور وسام فتوح وشخصيات مصرفية واقتصادية.

ميقاتي
قال ميقاتي: “يسعدني بداية أن أعرب عن سروري للقاء بكم مجددا، ضيوفا اعزاء، تعودون الى بيروت التي ترحب بكم وتحتضنكم بروح المحبة والاخوة. وأثمن عاليا حضوركم اليوم، من الدول العربية الشقيقة، ومشاركتكم الكريمة في هذا الملتقى القيم، إلى جانب مجموعة من سيدات ورجال المال والأعمال اللبنانيين. ولا بد ايضا من توجيه الشكر والتقدير الى اتحاد المصارف العربية الذي دعا، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمصرفيين، الى عقد هذا الملتقى، تعبيرا عن ثقته المستمرة بلبنان وبما يختزنه هذا الوطن من طاقات تميزه بين سائر الدول وتجعله قبلة الانظار”.

اضاف: “مهما عصفت بوطننا المحن والمصاعب، يبقى يختزن الكثير من الطاقات والقدرات والقيم والموارد البشرية والميزات الجغرافية، ما يمكنه من استعادة عافيته ومكانته وفق قدرة مجتمعه، وبتعاون اشقائه واصدقائه في العالم العربي والعالم باسره”.

وتابع: “مر لبنان بمحطات مشرقة من الاستقرار والنمو والازدهار وبناء السلام. لكن البلد يكابد اليوم في مواجهة أزمات عديدة ومتداخلة، ومناخ إقليمي حافل بالتوترات والتحديات والتهديدات والحروب العدوانية. هذه التحديات ترخي بثقلها على الشعب اللبناني الذي يعاني من أزمة اقتصادية ومالية وإنسانية غير مسبوقة، ومن فقدان المقومات الاساسية المعنوية والمادية التي تمكنه من الصمود، ثم النهوض والتعافي”.
 
وقال: “تكمن أولى التحديات الوطنية في شغور رئاسة الجمهورية وتعذر انتخاب رئيس جديد للبلاد، وما يستتبع ذلك من عدم استقرار مؤسسي وسياسي، ومن تفاقم للأزمة الاقتصادية والمالية، وتعثر في انطلاق خطط الإصلاح والتعافي الاقتصادي والمالي الذي يعول عليه اللبنانيون لإنقاذ البلد من الأوضاع الصعبة، وإعادة بناء الدولة والمؤسسات والأجهزة، وتعزيز دور القطاع الخاص والشركات الناشئة، وصولا إلى استعادة الثقة، وإعادة جذب الاستثمارات الخارجية، وعودة السياحة إلى ربوعنا. أنتم تعلمون ان الاستثمارات المجدية لا تكون الا من رحم الازمات التي نعيشها، لهذا أدعوكم جميعا الى ان تكون لكم ثقة بهذا البلد”.

اضاف: “ان التحديات تزداد وتتفاقم حدتها مع استمرار احتلال إسرائيل لمساحات من أرضنا في الجنوب اللبناني، ومواصلة عدوانها واعتداءاتها وانتهاكاتها اليومية للسيادة اللبنانية، وخرقها لموجبات قرار مجلس الأمن 1701. يبقى هدفنا العمل على تجنب الانزلاق نحو حرب إقليمية شاملة، بموازاة ترسيخ السلم والسلام والأمن في المنطقة، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل التراب، حتى الحدود المعترف بها دوليا. ولا يفوتني هنا أن أذكر، ومن باب التحديات أيضا، موجات النزوح المتتالية التي طالتنا في لبنان عبر العقود الماضية، وتطال تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية كافة مظاهر الحياة في البلد”.
 
وتابع: “أما التحدي الإقليمي الأبرز فيتمثل بالقضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني الشقيق الذي يرزح تحت الاحتلال، ويصارع لنيل حقوقه. وفيما تزداد الحاجة للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، نعيد مجددا تأكيد تمسكنا بالسلام العادل والشامل المستند إلى حل الدولتين والمرجعيات الدولية. وأكرر اليوم أمامكم التذكير بمبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت في العام 2002، والتي طرحنا فيها أسس السلام المنشود”.
 
وقال: “في المجال الاقتصادي المالي والتنموي، وبمواجهة هذا الكم الهائل من التحديات، نحن حريصون على تهيئة البيئة الاستثمارية الحاضنة للفرص الواعدة، بما يشمل تنشيط الدورة الاقتصادية وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول العربية، التي تعد الشريك التجاري الأساسي لنا، مع إمكان التوجه مستقبلا نحو أسواق جديدة، في قطاعات تنافسية محددة. في هذا السياق، أود تسجيل ارتياح لبنان للاستقرار والتطور والنمو ومسار بناء المستقبل في دول الخليج العربي، التي يدين لبنان وشعبه لها بالكثير من الشكروالامتنان، والعرفان والتقدير”.
 
اضاف: “كما تعلمون، إن الاقتصاد اللبناني في المنطقة والعالم خدماتي بامتياز، وعلينا العمل على تطويره وجعله خدماتيا وإنتاجيا وتنافسيا، في ظل السعي إلى تفادي المزيد من الحروب والصراعات، وتقليص المخاطر، وتنويع الاستثمارات، وصولا إلى الميزان التجاري الإيجابي”.
 
وتابع: “يعد القطاع المالي والمصرفي أحد أهم دعائم الاقتصاد اللبناني. وفيما نعمل على تعزيز الاستقرار، واستعادة الثقة، ومساعدة الأسر الفقيرة والمحتاجة على تعزيز قوتها الشرائية، وإيجاد فرص عمل جديدة للشباب، فاننا نسعى إلى اعتماد نهج مالي جديد، وتجديد السياسة النقدية، والبدء بتنفيذ إستراتيجية التعافي، والتوصل إلى اتفاق بشأن خطة إصلاح شاملة لوضع الاقتصاد اللبناني على مسار الإنقاذ والنهوض والتعافي بالتعاون الوثيق مع المجتمع الدولي ومؤسساته، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والجهات المانحة، والأشقاء، والأصدقاء”.
 
واردف: “هدفنا الاستمرار في العمل تدريجيا على حل الأزمةالاقتصادية ـ المالية الحالية، وإنقاذ البلد، وفق جدول زمني محدد، يشمل إقرار الإصلاحات والقوانين والتشريعات الضرورية، وتوزيع الخسائر المالية، وإقرار وتنفيذ قانون “الكابيتال كونترول”، والمحافظة على أموال المودعين في المصارف اللبنانية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي على نحو منصف وعادل. كما يشمل ذلك الوفاء بالتزاماتنا المالية المحلية والعالمية، وإعادة جدولة الديون، وبناء الاحتياطي بالعملات الأجنبية، وتخفيض الانفاق، وتعزيز الواردات، وجذب الاستثمارات الخارجية… والأهم ربما، تعزيز مسار المساءلة والمحاسبة، ومكافحة الفساد وتبييض الأموال والجرائم المالية،ومواجهة التطرف والإرهاب”.

وختم: “أهلا وسهلا” بكم مجددا في بيروت، وأتمنى لكم جميعا طيب الإقامة في لبنان والنجاح والسداد”.

منصوري
وقال حاكم مصرف لبنان بالانابة: “بداية، نثمن مجهود وإرادة اتحاد المصارف العربية ممثلة بشخص رئيس مجلس الادارة الاستاذ محمد الاتربي والامين العام الاستاذ وسام فتوح على عقد هذا الملتقى في بيروت، في زمن يعاني فيه لبنان والمنطقة من تحديات وصعوبات كبيرة على كافة الاصعدة وفي خضم التوترات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة والعالم ككل والتي كانت ولا تزال تأثيراتها عميقة وملموسة في كافة المؤشرات الاقتصادية الكلية كالتضخم والنمو الاقتصادي وعجز الموازنة”.

اضاف: “في هذا العصر الذي أصبحت فيه الاقتصادات العالمية مترابطة، ازدادت المخاطر الناجمة عن التوترات الجيوسياسية، حيث بتنا نشهد تغييرات كبيرة في الاسواق العالمية واستمرار للصراعات الاقليمية والمنافسة التجارية بين القوى العالمية، وهذا سيؤثر حكما في العالقات بين الدول”.

وتابع: “التطورات التي شهدها العالم في السنوات الاخيرة مثل الحرب الروسية-الاوكرانية والصراعات في الشرق الاوسط وآخرها الحرب المستمرة على غزة، قد أثرت بوضوح على تدفقات الاستثمار وسلاسل الامداد العالمية وأعادت تشكيل نظم التجارة. ونلاحظ أن هذه الاحداث باتت قادرة على فرض واقع اقتصادي جديد، مما سيؤثر بشكل مباشر في الاداء الاقتصادي العالمي”.

وقال: “كما أن أسعار الفوائد المرتفعة تشكل تحديا كبيرا خاصة على الاسواق الناشئة التي تعاني من ضعف نسب النمو الاقتصادي، ويبدو أنه لا تخفيض آتيا قريبا لاسعار الفائدة رغم البدء بالسيطرة على نسب تضخم الاقتصادات المتقدمة”.

اضاف: “تشكل هذه الظروف غير الاعتيادية مصدر قلق كبير لصانعي السياسات في جميع أنحاء العالم، حيث يجدون أنفسهم بمواجهة التحديات والتوترات المتصاعدة. لذا، يجب ايجاد حلول سريعة واتخاذ إجراءات جريئة للتصدي لهذه التهديدات وضمان الاستقرار المالي والاقتصادي. قد تكون هذه الحلول مكلفة، ولكنها ضرورية للحفاظ على استقرار الاقتصاد العالمي وتجنب تداعيات سلبية قد تنجم عن هذه الظروف الصعبة”.

وتابع: “في ظل ما تقدم، لا يزال لبنان يدور في حلقة مفرغة منذ ما يقارب ال 5 سنوات، وهو يرزح تحت وطأة أكبر عدد من النازحين نسبة لسكانه أضف إلى ذلك الحرب على غزة وتداعياتها كما امتدادها إلى لبنان”.

وقال: “نتيجة الازمات المتلاحقة التي عصفت به منذ العام 2019 انخفض حجم الاقتصاد اللبناني من حوالي 55 مليار دولار، إلى نحو 20 مليار دولار، كما انخفضت موازنة الدولة من 17 مليار دولار إلى نحو 3.2 مليار دولار”.

اضاف: “في خضم هذا المشهد يحاول مصرف لبنان ومن خلال الصالحيات المعطاة له بموجب قانون النقد والتسليف إرساء حالة من الاستقرار بانتظار الحلول الكبرى التي تتطلب قرارات جريئة وواضحة من السلطات السياسية التي يعود لها وعليها فرض حلول تتناسب مع عمق الازمة التي تعيشها البلاد”.

وتابع: “منذ الاول من آب 2023 اتخذنا القرار بوقف تمويل الدولة من احتياطات المصرف المركزي بالعملات الاجنبية، غير ان تمويل الدولة لم يتوقف فقط من هذه الاحتياطات، بل أن المركزي توقف أيضا عن شراء  سندات خزينة. أي ان إحتياجات للدولة يجب أن تأتي من الجبايات التي تقوم بها الحكومة داخليا”.

وقال: “أهم مفاعيل وقف التمويل ليس فقط فصل السياسة النقدية عن المالية، وإرساء استقلالية المصرف المركزي عن الدولة، بل الاهم اعادة المركزي الى عمله الاساسي كسلطة نقدية وان يعمل بالتنسيق والتكامل مع الحكومة لنجاح سياساتها المالية العامة”.

اضاف: “دور المصرف المركزي كما نراه إذا هو تأمين الاستقرار النقدي الذي يؤمن الاستقرار الاجتماعي كما نص قانون النقد والتسليف ويبقى على الحكومة أن تضع السياسات المالية والاقتصادية للدولة”.

وتابع: “لتحقيق هذا الاستقرار، يستخدم مصرف لبنان الاداة الوحيدة التي لا تزال قابلة للتنفيذ: السيطرة على الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية بحيث يتوافق عرض النقد في التداول بشكل كلي مع الطلب، وعدم ضخ الدولار الا من  خلال الدولة وخلق نوع من التوازن بين الاقتصاد المدولر والاقتصاد بالليرة اللبنانية. علما ان هذه الالية لا تكلف المصرف المركزي أي مبالغ بل على العكس من ذلك نجح المصرف المركزي في جمع أكثر من مليار دولار زيادة على إحتياطاته بالعمالت الاجنبية منذ آب الماضي. وهذا يشكل ضمانة لضبط الاسواق بكتلة نقدية متداولة بالليرة اللبنانيةلا تتجاوز قيمتها بالدولار ال 600 مليون دولار اميركي”.

وقال: “اذا كان الاستقرار النقدي شرطا اساسيا للنمو الاقتصادي، فإنه لا يكفي وحده. لا يمكن بناء اقتصاد سليم من دون خطة تعافي شاملة تضعها الحكومة والبرلمان، خطة تسمح للمودع معرفة مصير وديعته، وتعيد هيكلة المصارف وبالتالي، عودة النهوض الاقتصادي”.

اضاف: “ان خروج لبنان من الازمة الاقتصادية والمالية العميقة التي تعصف به تتطلب اربع عوامل رئيسية: الاول يتمثل في المحاسبة عبر القضاء اللبناني، والثاني يتمثل في وضع خطة واضحة العادة أموال المودعين. أما العنصر الثالث فهو اعادة بناء الاقتصاد من خلال اعادة اطلاق عمل القطاع المصرفي، ليلعب دوره الطبيعي في التسليف كحد أدنى، وأخيرا اعادة هيكلة الدولة وبناء اجهزتها”.

وأكد ان “البدء بتطبيق هذه العوامل الاربعة بالتزامن، هو الطريق للنهوض الاقتصادي الذي آن الاوان لتحقيقه

وقال: “ان لبنان، كما البلدان المجاورة، يخضع لمزيد من التدقيق من المجتمع الدولي، ويجب ألا نغفل أن أزمات لبنان المتلاحقة خلقت حالة من عدم الثقة، مما حرف النشاط الاقتصادي إلى خارج النظام المصرفي وأصبح نقديا بمجمله economy cash. ويعكس الاقتصاد النقدي المدولر، تحوال سريعا  نحو المعامالت النقدية بالعملات الصعبة، وزيادة النشاط الاقتصادي غير الرسمي، مما يهدد بعكس مسار التقدم الذي حققه لبنان قبل الازمة نحو تعزيز سلامته المالية من خلال إنشاء آليات متينة لمكافحة تبييض الاموال”.

اضاف: “لهذه الغاية، يقوم المصرف المركزي بورشة عمل كبيرة بالتنسيق مع هيئة التحقيق الخاصة وبمتابعة التطورات في المنطقة بغية اصدار التعاميم الالزامية ضمن صلاحياته، ويقترح على الحكومة إجراء تعديلات على القوانين السارية وقوانين جديدة، ليبقى لبنان مندمجا في النظام المالي العالمي”.

وتابع: “هذا الامر يشكل أولوية لدينا لكونه يعزز سلامة القطاع المالي ويحميه من المخاطر لا سيما مخاطر السمعة، ان لبنان شريك في الجهود الدولية المبذولة في هذا المجال، وذلك من خلال مشاركته كما وهيئة التحقيق الخاصة بأعمال المنظمات الدولية والتعاون مع المصارف المركزية والهيئات الرقابية الاجنبية”.

وختم: “نعتبر ان مكان لبنان الطبيعي هو في اندماجه الكامل مع محيطه العربي ونؤكد التزام مصرف لبنان بالتعاون الوثيق مع المصارف العربية ودعمه لها ولفروعها الموجودة في لبنان ويعتبر نفسه شريكا كاملا مع صندوق النقد العربي، ونأمل ان ينعقد مؤتمركم المقبل في بيروت، وبحضور محافظي المصارف المركزية ورؤساء مجالس ادارة المصارف العربية”.

القرم 
وتخلل الجلسة الاولى من المؤتمر، كلمة لوزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال المهندس جوني القرم قال فيها: “اجتماعنا اليوم يعكس التزامنا جميعا بمعالجة التحديات الإقتصادية والأمنية الملحة التي تواجهها منطقتنا في هذه الأوقات الصعبة والمضطربة”.

اضاف: “لقد تجلت الآثار الكبيرة للصراعات الإقليمية والنزاعات العالمية على منطقتنا مما زاد من الإضطرابات الجيوسياسية الموجودة فيها مما أدى إلى تأثيرات سلبية كبيرة على إقتصادات المنطقة. وهذا ما تؤكده أحدث التوقعات الاقتصادية الصادرة عن صندوق النقد الدولي الذي أشار بشكل كبير إلى وجود إعلان تحذير صارخ ومقنع وفقا للأرقام لإتخاذ إجراءات فورية ومنسقة لمواجهة هذا الإضطراب الإقتصادي والجيوسياسي المخيف”.

وتابع: “بما أن قطاع الإتصالات هو القطاع الحيوي والمحفز للإقتصاد والمجتمع في الظروف العادية، فكيف إذا كانت الظروف مليئة بالإضطرابات والصراعات التي تنعكس على مستخدمي البنية التحتية لهذا القطاع من أفراد ومؤسسات وجامعات يتكون منها هذا المجتمع”.

وقال: “لذلك فإن الحاجة ملحة إلى وجود بنى تحتية لقطاع الإتصالات تتمتع بالمرونة وقدرة التكيف مع القطاعات الحيوية في هذا المجتمع أي أن هذه البنى التحتية لا يجب أن تكون مجرد أصول وإستثمارات تكنولوجية وفنية بل تواكب التطور وتكون أساسية للحفاظ على إستمرارية إقتصادات هذه المنطقة وسلامة شعوبها”.

اضاف: “من هذا المنطلق والمفهوم العواقب هذه الإضطرابات الجيوسياسية وحفاظا على تسيير قطاع الإتصالات، فقد أعطينا الأولوية لتطوير حلول بديلة لضمان الإتصال الرقمي المتزايد، وهذه المبادرة بالغة الأهمية خاصة بالنسبة للمجتمعات في المناطق النائية مما يضمن عدم تخلفها عن مواكبة رحلتنا نحو الشمولية الرقمية في لبنان”.

وتابع: “تماشيا مع التزامنا بالتنمية المستدامة والأهداف البيئية العالمية، فإننا نعمل على تعزيز دمج مصادر الطاقة البديلة في قطاع الإتصالات وذلك من خلال تنفيذ مشروع الألواح الشمسية لتشغيل تجهيزات البنية التحتية لهيئة أوجيرو مما يضمن أيضا إستمرارية خدمات الإتصالات على المدى الطويل”.

واردف: “اما في مجال الأمن السيبراني، فقد تم تحقيق خطوات كبيرة مع إنشاء الفريق الوطني لمعالجة موضوع الأمن السيبراني من قبل اللجنة الوطنية للأمن السيبراني بقيادة مستشارة دولة رئيس مجلس الوزراء لشؤون الأمن السيبراني الدكتورة لينا عويدات وإقتراح الحلول اللازمة، وقد أعد هذا الفريق الوطني مشروع قانون لإنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني والتي ستتمكن من الإنضمام إلى المجلس العربي للأمن السيبراني بهدف التنسيق مع كافة الدول الأعضاء في هذا المجلس. إن هذا الفريق يمثل عنصرا حاسما في إستراتيجية الأمن القومي لدينا وتتعاون معه هيئة أوجيرو ووزارة الإتصالات لحماية حدودنا الرقمية والحفاظ على سلامة أنظمة المعلومات وذلك إدراكا منا للتحديات المعقدة التي يواجهها الأمن السيبراني، والتي لا تعترف بالحدود الوطنية لكل دولة”.

ودعا “الأشقاء العرب لتعميق التعاون مع هذا الفريق الوطني للوصول إلى إنشاء منصة إقليمية قوية تؤكد التعاون المهم في مواجهة خطر الخروقات السيبرانية، مع التركيز بشكل خاص على احتياجات الأمن السيبراني للقطاع المصرفي”.

وقال: “يهدف هذا الإطار التعاوني إلى توحيد دفاعاتنا في مجال الأمن السيبراني وتعزيز قدرتنا الجماعية على الحماية من التهديدات السيبرانية المالية، ولا يقتصر هذا النهج الموحد على تحسين التدابير الأمنية فحسب، بل يتعلق أيضا بخلق بيئة مستقرة تؤدي إلى النمو الاقتصادي والثقة في أنظمتنا المالية”.

وختم: “دعونا نتصرف بشكل حاسم ومتحد من خلال تعزيز البنية التحتية للإتصالات لدينا ومواءمة مبادراتنا في مجال الأمن السيبراني، يمكننا حماية أوضاعنا المالية وتعزيز الرخاء الدائم في جميع أنحاء المنطقة العربية”.

فتوح 
بداية النشيد الوطني، ثم قال الأمين العام لإتحاد المصارف العربية: “هذا الملتقى، ولد بنسخته الأولى يوم 24 شرين الأول 2022. وكأن مواليد هذا اليوم يكتب لهم النجاح، ولكنهم محاطون بالمخاطر والتحديات، ما يستدعي الصبر والحكمة والتروي، وإتخاذ القرار الجريء. وقد إتخذ الإتحاد هذا القرار الجريء بعقد هذا الملتقى بدعم من رئيس مجلس إدارته الأستاذ محمد الأتربي، ورئيس لجنته التنفيذية الدكتور جوزف طربيه، على الرغم من الظروف الصعبة المحيطة بلبنان وبمنطقتنا العربية”.

اضاف: “للمصادفة فإن الرابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الأول يصادف يوم ميلاد دولة الرئيس نجيب ميقاتي، الذي نتمنى له طول العمر، ودوام النجاح في مسيرته التي تميزت بالصبر على التحديات ومواجهتها بحكمة وتروي، والتعامل مع الظروف الصعبة بشجاعة. هذا الرجل المؤمن بسيادة وإستقرار وطنه،  وحرية أبنائه”.

وتابع: “يعقد منتدانا اليوم بحضور هذا الجمع الكبير، من القادة السياسيين، والديبلوماسيين، والمصرفيين، والماليين، والخبراء، والاكاديميين، الذين يكرسون جهودهم لتحقيق هدف مشترك واحد – الأمن الاقتصادي والازدهار في دولنا العربية. وإذ نجتمع في هذا اللقاء البالغ الأهمية، للإضاءة على التحديات التي نواجهها وهي متعددة الأوجه، بدءا من التوترات الجيوسياسية الاقليمية والدولية، إلى الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، ومن التدهور البيئي إلى المخاطر السيبرانية”.

وقال: “إن الأمن الاقتصادي لا يتعلق بالاستقرار المالي أو مقاييس النمو فحسب، فهو يشمل رؤية شاملة تضمن رفاهية مجتمعاتنا وقدرتها على الصمود. وعليه، يسعى الملتقى اليوم الى التشديد على كيفية إنشاء اقتصادات شاملة وعادلة لا تترك أحدا خلف الركب، وذلك كما ذكر بيان الأمم المتحدة في تقريره عن أهداف التنمية المستدامة”.

اضاف: “إن العالم العربي، بتاريخه الغني وثقافاته المتنوعة وإمكاناته غير المستغلة، يقف على أهبة الاستعداد لقيادة الطريق نحو مستقبل يحدده الرخاء والسلام، فإن تحقيق هذه الرؤية يتطلب قيادة جريئة، وتفكيرا حكيما، والتزاما لا يتزعزع من الحكومات والمصارف والشركات والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية. واليوم، وفي هذا الملتقى بالذات، فإننا نهدف الى البدء بلغة الحوار، حيث نتبادل الأفكار، وإقامة الشراكات، وصياغة الحلول”.

وتابع: “أما بالنسبة للبنان، فهو يقف اليوم على مفترق طرق صعب، حيث تسببت الأزمة الاقتصادية والمالية في معاناة شديدة لشعبنا، وقوضت سبل عيشه لذلك، يتناول ملتقانا اليوم دراسة كيفية مواجهة هذه الأزمة متعددة الأوجه. ونحن لا نسعى الى التوقف عند حجم التحديات التي تواجهنا فحسب، بل نسعى الى الوصول إلى إتخاذ إجراءات حاسمة، وإصلاحات جريئة، والتزاما لا يتزعزع من جانب الحكومة اللبنانية، والقطاع الخاص، وعلى رأسه المصارف، والمجتمع المدني، وهو ما يسعى ملتقى اتحاد المصارف العربية الى التركيز عليه”.

واردف: “علاوة على ذلك، فإن الدعم العربي والدولي أمرا لا غنى عنه. لذلك، سعى هذا الملتقى الى دعوة أصدقاء وشركاء لبنان في جميع أنحاء الوطن العربي للتضامن معه، وتقديم المساعدة والدعم والالتزام المشترك ببناء مستقبل أكثر إشراقا لجميع اللبنانيين”.

وختم: “إن من أولى إهتمامات إتحاد المصارف العربية منذ تأسيسه قبل 50 عاما، هي الحفاظ على قوة ومتانة المصارف العربية، وتعزيز التعاون بينها، والتنسيق بين أنشطتها، وإبراز كيانها العربي تحقيقا لمصالحها المشتركة، وقد تبلور دور الإتحاد إقليميا ودوليا في السنوات الأخيرة حيث أصبح اليوم عضوا في المجلس الاقتصادي والاجتماعي – في الأمم المتحدة، نيويورك وجنيف (بصفة إستشاري خاص)، وعضو لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك في جامعة الدول العربية”.

الاتربي
من جهته، قال رئيس مجلس ادارة اتحاد المصارف العربية: “اليوم، ونحن نتأمل حالة الأمن الاقتصادي العربي في ضوء التغيرات الجيوسياسية المستمرة، فإننا نواجه تحديات وفرصا تتطلب اهتمامنا وعملنا الجماعي. إن العالم العربي، وهو منطقة تتسم بتنوع هائل وأهمية تاريخية، يجد نفسه عند مفترق طرق، حيث يبحر في مشهد يتسم بديناميكيات القوة المتغيرة، والصراعات الإقليمية، والشكوك الاقتصادية”.

اضاف: “إن التغيرات الجيوسياسية، سواء داخل العالم العربي أو على الساحة العالمية، لها آثار عميقة على الأمن الاقتصادي في المنطقة. فقد أدى صعود قوى إقتصادية جديدة، وظهور مؤسسات فاعلة غير حكومية، وإعادة تشكيل التحالفات، إلى خلق بيئة جيوسياسية معقدة ومتغيرة تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الاقتصادي والازدهار في الدول العربية”.

وتابع: “علاوة على ذلك، أدت الصراعات المستمرة النزاعات الجيوسياسية في منطقتنا إلى تفاقم انعدام الأمن الاقتصادي، مما أدى إلى انتشار عدم الاستقرار والنزوح والأزمات الإنسانية. وقد أدى التأثير المدمر للصراعات في فلسطين وسوريا واليمن والسودان، إلى تدمير هائل للبنية التحتية، وخسائر في الأرواح، وتعطيل النشاط الاقتصادي، مما يقوض إمكانات المنطقة للنمو والتنمية”.

وقال: “وسط كل تلك التحديات، توجد أيضا فرص للتغيير الإيجابي والتحول الاقتصادي. فالعالم العربي موطن لسكان من الشباب والديناميكيين، الذين يتوقون إلى تسخير إمكانات الابتكار وريادة الأعمال لدفع عجلة التقدم الاقتصادي. إن الاستثمار في التعليم وتنمية المهارات وخلق فرص العمل من الممكن أن يطلق العنان للطاقة الإبداعية لدى الشباب العربي، وتمكينهم من أن يصبحوا محركات للنمو الاقتصادي وعوامل للتغيير الإيجابي”.

اضاف: “يتناول ملتقانا اليوم قضية ملحة تهمنا جميعا، الا وهي الأزمة في لبنان. وبينما نشهد التدهور المستمر لاقتصاد لبنان، فمن الواضح أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتجنب المزيد من الكارثة. يجد لبنان، البلد ذو التاريخ الغني والثقافة النابضة بالحياة، نفسه على مفترق طرق، حيث يتصارع مع الانهيار الاقتصادي والشلل السياسي والاضطرابات الاجتماعية. كما يعاني الشعب اللبناني من ثقل الازمة، ويواجه تضخما هائلا، وبطالة واسعة، وانهيار العملة”.

وتابع: “إن الأزمة في لبنان ليست مشكلة لبنانية فقط، إنها قضية إقليمية عربية. وعلينا جميعا واجب الوقوف متضامنين مع إخواننا اللبنانيين خلال وقت الحاجة هذا، ولا يمكننا أن نغض الطرف عن معاناتهم كما لا يمكننا أن نسمح للبنان بالانزلاق إلى مزيد من التدهور. إن استقرار لبنان وازدهاره يرتبطان ارتباطا وثيقا باستقرار وازدهار المنطقة برمتها”.

وقال: “أود الاضاءة في كلمتي هذه على تجربة مصر، كنموذج لسياسات واجراءات الاصلاح والتطوير الاقتصادي، والتي هي طبعا غير سهلة، وربما مؤلمة، ولكنها ضرورية. في السنوات الأخيرة، شرعت مصر في تنفيذ أجندة إصلاح اقتصادي جريئة وطموحة تهدف إلى إنعاش النمو، وخلق فرص العمل، وتحسين مستوى معيشة شعبها. وقد استرشدت هذه الإصلاحات بالالتزام بالانضباط المالي، والتكيف الهيكلي، والنمو الذي يقوده القطاع الخاص، مما أرسى الأساس للتنمية المستدامة والشاملة”.

اضاف: “على الرغم من التحديات التي يفرضها عدم الاستقرار الإقليمي، والتقلبات الاقتصادية، والشكوك العالمية، فقد خطت مصر خطوات كبيرة في المجالات الرئيسية للأداء الاقتصادي. وقد حققت البلاد استقرارا على مستوى الاقتصاد الكلي، مع انخفاض معدلات التضخم إلى خانة الآحاد، ووصول الاحتياطيات الأجنبية إلى مستويات جيدة، وتقلص العجز المالي. وقد عززت هذه الإنجازات ثقة المستثمرين وأرست الأساس لنمو اقتصادي قوي ومرن”.

وختم: “عودة لموضوع ملتقانا هذا، وهو “الامن الاقتصادي العربي”، فمن أجل تحقيق اقتصاد عربي مزدهر وآمن، يتعين على صناع القرار العرب أن يعطوا الأولوية للإصلاحات التي تعزز الشفافية والمساءلة والنمو الشامل، مع تعزيز الحوار والتعاون بين القطاعين العام والخاص لإغتنام الفرص المشتركة”.

طربيه
وقال رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب: “قد يبدو للبعض أنه من غير الملح اليوم ان نجتمع حول موضوع الاقتصاد العربي، بينما تمر منطقتنا ووطننا بأخطار مصيرية اكثر الحاحا ناتجة عن الحرب الاسرائيلية العربية، وكذلك تفجر الصراعات السياسية والعسكرية الاخرى في المنطقة وحولها. ونظرا لأهمية هذه الصراعات وتوسعها خارج الصراع أصلا، وبما أنها أثرت على الدول الكبرى فيها، فإنها تؤكد عدم اليقين بأفق الشرق مما أدى إلى تبعات مؤثرة على العديد من الدول العربية، والتي ساهمت معها منذ زمن صراعات داخلية دموية مهددة لكياناتها الوطنية ووحدة شعوبها”.

اضاف: “إن التحديات الحالية هي من الخطورة بحيث ترسم خريطة المستقبل لمنطقتنا في ظل عدم التماثل المتمادي، وانعكاسه على مختلف التباينات بشكل متباين، فالصراع السياسي داخل بعض الدول، بسبب انخفاض الاستثمار والانصراف عن جهود التنمية، يرافقه تباين في معدلات النمو بين الدول واخرى، وازدياد حركة الهجرة وتدفق اللاجئين إلى البلدان الأوروبية. كما تواجه بعض الدول العربية إضطرابات داخلية، تضعف من تركيز الدولة على إدارة الاقتصاد وتفعيل محركات النمو المستدام، وتثبيت حكم القانون، وقد أظهر تقرير أحدث التقارير عن البنك الدولي أن النمو الضعيف، وارتفاع مستوى المديونية قد القى بظلاله على معظم دول المنطقة”.

وتابع: “في ما يتعلق بدول التعاون الخليجي، فقد أظهر التقرير أن زخم النمو غير النفطي بقي قويا، وقد ساعد التنوع الإقتصادي في تدعيم الإصلاحات الهيكلية. إذ أن تفعيل الاستثمار والتنمية الإقتصادية هما مدخل  للأمن الجماعي العربي، وبالمقابل ان تحقيق أي تقدم على  طريق النمو والازدهار يساعد على خفض التوترات الداخلية وتخفيف الازمات والحد من اوجه عدم المساواة التي تولد عدم الاستقرار وقد أفرد مؤتمرنا اليوم مساحة كافية لتأثير التغيرات الجيوسياسية على التطورات الاقتصادية والتمويلية، وادارة السياسات والتنوع الاقتصادي وتفعيل التعاون العربي”.

وقال: “بينما نجتمع هنا اليوم، نتناول بقلب مثقل بالتحديات الاقتصادية التي عانى منها لبنان خلال السنوات الأربع الأخيرة. إن لبنان، البلد الذي اشتهر ذات يوم بمرونته وتنوعه وحيويته الاقتصادية، يجد نفسه الآن غارقا في مستنقع من الاضطرابات الاقتصادية والمالية والمصرفية والنقدية، وكذلك السياسية الداخلية، والتي تتطلب وفاقا وتعاونا دوليا لحلها، وهو ما تسعى اليه مختلف مقومات السلطة من حكومية وعسكرية ونقدية في اتصالاتها مع محتلف المرجعيات في الداخل والخارج”.

اضاف: “يعيد بعض المحللين جذور  الازمة الاقتصادية في لبنان الى التعثر غير المنظم الذي أعلنته حكومة لبنان السابقة عام 2020 بالتوقف عن دفع الدين السيادي واخراج لبنان من الاسواق المالية الدولية. وقد رافق ذلك قرارات شعبوية، كقرار دعم بعض السلع، عبر هدر سيولة مصرف لبنان التي مصدرها الودائع. وتقاذفت الحكومة مع مصرف لبنان والمصارف المسؤولية عن الازمة، بينما يشير الواقع الى ان ازمة نظامية ليست نتيجة ظرف عابر او مسؤولية فريق واحد، إذ أن النظام هو الذي اهتز وتهاوى نتيجة سياسات مالية متمادية مارستها السلطة السياسية من حكومة وبرلمان يؤازرها البنك المركزي، وانصياع القطاع المصرفي له وكذلك استجابة المودعين”.

وتابع: “يدخل ضمن اهداف هذا الملتقى اليوم، حشد الخبرات العربية واللبنانية لمناقشة الواقع المصرفي والنقدي الحالي في لبنان، وهو الهاجس الذي يقلق بال اللبنانيين، وكذلك العرب من مودعين ومستثمرين في لبنان، مع مناقشة الخطط الاصلاحية الاقتصادية والمصرفية والمالية والبدائل المقترحة، ومصير الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتوجهات السلطات النقدية في مجال السياسة النقدية وتمويل عجز الموازنة وكذلك رؤية اتحاد المصارف العربية للخروج من الأزمة”.

وقال: “في الواقع، لقد خطا لبنان خطوات ايجابية عديدة في السنة الأخيرة نحو تصحيح المسار. ما يهم المودعين والمستثمرين معرفته، ان مجلس شورى الدولة، وهو القضاء الاداري الاعلى في لبنان، اصدر قرارا تاريخيا يلزم الدولة اللبنانية بتغطية خسائر البنك المركزي عملا بالمادة 113 من قانون النقد والتسليف وكذلك عدم شطب ودائع المصارف لديه التي هي في الواقع ودائع للمودعين. وقد اعتبر مجلس شورى الدولة، ان عدم إيفاء الدولة لهذه الموجبات يتعارض مع القوانين، ومعايير الدستور اللبناني الذي يحمي الملكية الخاصة، وكذلك يتعارض مع المعاهدات الدولية التي لم تحم الإستثمار”.

اضاف: “إن حزم القضاء في موضوع قرار مسؤولية الدولة عن خسائر مصرفها المركزي والاموال التي اودعتها المصارف لديه يشكل اشارة حاسمة للمستقبل على استمرار اهلية لبنان كبلد حام للاستثمارات بحكم نظامه القانوني المرعي الإجراء الذي يحفظ حقوق المستثمرين بأموالهم، وبفعل شجاعة قضائه، الذي حدد المسؤوليات بصورة قاطعة مما يرسي الاساس الصالح لاعداد خطة نهوض حقيقية تحمي الودائع وتحفظ القطاع المصرفي ليبقى صلة الوصل بين لبنان والأسواق المالية العالمية، ويحول دون أن سيطرة الاقتصاد النقدي في البلد، والذي من شأنه ان يؤدي الى تخفيض تصنيف لبنان على صعيد مكافحة تبييض الاموال وتعريضه للعقوبات الدولية، وعزله عن النظام المصرفي العالمي. وقد حقق البنك المركزي اللبناني في الفترة الأخيرة خطوات ملموسة في الخارج والداخل على هذا الصعيد لتجنب هذا الخطر.”

وتابع: “موازاة مع القضاء، يسجل للمجلس النيابي مواقف رافضة من معظم الكتل السياسية لشطب ودائع المودعين صغارهم وكذلك كبارهم، وبينهم مؤسسات ومستثمرون ومودعون لبنانيون وعرب، رافعا شعار قدسية الودائع”.

وختم: “في الواقع، لن تستطيع الدولة تسديد مستحقاتها فورا للمصارف والمودعين، وليس المطلوب منها بيع أصولها، بل عليها قيادة الحل للمشاركة في تحمل الأعباء الأساسية خلافا لما كان حاصلا في السابق في وقوفها على الحياد، وتحميل المودعين والمصارف اعباء الأزمة النظامية التي تسببت بها تحت عنوان اعادة هيكلة القطاع المصرفي ورسم خطة التعافي القائمة على تصغير رساميل المصارف وعلى اساس تحويل التزامات مصرف لبنان تجاه المصارف الى خسائر تطيح  بمعظم المصارف وبمودعي المصارف ومن الايجابيات ان مجلس الوزراء الأخير رفض مشروعا لإعادة الهيكلة يحمل هذا التوجه السلبي”.

شقير 
اما رئيس الهيئات الاقتصادية فاستهل كلمته بتحية “أهلنا في فلسطين وفي غزة بوجه خاص والى أهلنا في جنوب لبنان”، سائلا “الله أن ينهي العدوان الإسرائيلي الغاشم وأن تنعم بلادنا وأهلها بالسلام والأمن والأمان”.
وقال: “قبل نحو 22 عاما ومن فندق فينيسيا، أطلقت المبادرة العربية للسلام، ومن هذا الملتقى الإقتصادي العربي الجامع ومن ذات المكان، Edit Profile نعود ونؤكد ضرورة تنفيذ هذه المبادرة التي ترتكز على إقامة دولتين بما يضمن حلا عادلا للقضية الفلسطينية”.

اضاف: “لا يمكن الحديث عن أمن وتنمية اقتصادية عربية من دون وقف الحروب وتحقيق إستقرار مستدام، كذلك عبر إنهاء التوتر في المنطقة. وهنا لا بد من التنويه بما قامت به السعودية وإيران ببدء مرحلة جديدة من التعاون، الذي نأمل أن يمتد الى باقي دول المنطقة”.

وتابع: “لتحقيق الأمن الإقتصادي العربي، يجب قبل كل شيء أن يكون هذا الأمر في صلب أولويات الحكومات العربية، وكذلك وجود قناعة بترسيخ شراكة حقيقية في ما بينها، وايضا أن تعمل كل دولة على تحقيق إستقرارها الناجز”.

وقال: “أغتنم المناسبة، لأطالب القوى السياسية اللبنانية بالذهاب فورا لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة لإنقاذ لبنان من أزماته وإعادته الى الحضن العربي وإعادة الأشقاء العرب اليه. وهنا اسمحوا لي أن أقول للرئيس ميقاتي الله يعطيك العافية على كل ما تقوم به، والله يكون بعونك”.

اضاف: “نعم، القوى اللبنانية مطالبة بالتوصل الى حل جذري للأزمة السياسية، ومن جهتنا كقطاع خاص نعدكم بالنهوض بالإقتصاد بسرعة قياسية، وأكبر دليل على ذلك ما تحقق في العام 2023”.

وتابع: “فعلا، إن ما تحقق في لبنان خلال الأزمة الإقتصادية، يخدم الأمن الإقتصادي العربي لأنه مثال ناجح يحتذى به، حيث توسع القطاع الخاص في مجال الصناعة والزراعة والسياحة والإبتكار وتكنولوجيا المعلومات والخدمات، وقد كان ذلك أساس الصمود وبداية النهوض”.
واردف: “لا يفوتني في هذه المناسبة توجيه التحية الى الدول الخليجية الشقيقة على الإنجازات الباهرة التي حققتها والتي سجلت قفزات كبيرة يشهد لها في مختلف المجالات وهي محط إفتخارنا وإعتزازنا. لذلك، وإذا كنا نسعى لتحقيق الأمن الإقتصادي العربي فبالتأكيد فإن الدول الخليجية تشكل مرتكزا أساسيا لهذا الهدف السامي، وعلينا جميعا أن نكون قلبا وقالبا معها، والعمل على تشبيك القطاع الخاص العربي مع كل المشاريع الكبرى التي يتم تنفيذها في هذه الدول”.

وختم شاكرا لإتحاد المصارف العربية رئيسا ومجلس إدارة وأمينا عاما، على “كل ما يقومون به، وبشكل خاص مؤتمرنا اليوم أو المؤتمرات الأخرى، التي ما زلنا من خلالها نشعر بوجود إهتمام بالعمل العربي المشترك”.

الصباح
وقال رئيس لجنة الاستثمار في اتحاد المصارف العربية الشيخ محمد جراح الصباح: “إننا في الكويت، لم نترك مناسبة يحتاج فيها لبنان الحبيب، إلى الدعم والمؤازرة، إلا وكنا من أوائل الداعمين، وخصوصا اليوم أمام المخاطر ولا سيما أيضا المخاطر الأمنية في جنوب لبنان،  والإقتصادية والمالية التي يتعرض لها لبنان جراء هذه التطورات، فإن حضور الكويت اليوم يهدف إلى دعم مسار التعافي والإصلاح الاقتصادي، والمساهمة في دفع مسيرة الاستقرار والنمو.”

اضاف: “إننا من هذا المنطلق، سنعمل بكل طاقاتنا، كلجنة إستثمار في إتحاد المصارف العربية إلى تشجيع وتحفيز عودة الإستثمارات إلى لبنان، الذي يزخر بالإمكانات والمشاريع المنتجة، التي تخرج لبنان من هذا النفق، وتعيده إلى خارطة الدول المزدهرة، وتجدد الثقة بإقتصاده وبقطاعه المصرفي”.

وتابع: “إن لبنان وشعبه لديه مكانة الصديق، والأخ لدى دولة الكويت وشعبها. لذا نتمنى أن يفتح هذا الملتقى بابا واسعا، لإستعادة هذا البلد الحبيب لبنان، ثقة المجتمع العربي، والإطمئنان على مساره السياسي والإقتصادي والإجتماعي، وأن يحافظ على المناخ الإستثماري فيه، من خلال الإصلاحات المطلوبة، ونتمنى على الحكومة اللبنانية والجهات المعنية، وضع خطة تضمن إستعادة أموال المودعين اللبنانيين والعرب حفاظا على الثقة بلبنان وقطاعه المصرفي، والتي لم تتأثر حتى طيلة الأحداث التي مرت على لبنان، حيث حافظ القطاع المصرفي اللبناني على صلابته وقوته ومتانته، لذلك نتطلع بأمل كبير إلى المحافظة على هذا القطاع وإستمرار العمل فيه”.

وقال: “أنتهز هذه المناسبة لأؤكد على التعاون الأخوي التاريخي بين الشعبين اللبناني والكويتي، ونسأل الله عز وجل أن نرى هذا البلد العزيز سائرا بخطوات ثابتة نحو الإصلاح الاقتصادي، وبتعاون وإشراف صندوق النقد الدولي، وأن يعود إلى سابق عهده، منارة للعلم والمعرفة والتقدم والإزدهار”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: