ألقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كلمة في”القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية” في الرياض بالمملكة العربية السعودية جاء فيها:
“على وقع الدم العربي المتدفِّقِ في فلسطين ولبنان من دون رادع، وبكاء الأطفال والنساء الثكالى فوقَ أشلاء الذين استُشهدوا من أهلِنا، نجتمع اليوم لنؤكّد لأنفسنا أولاً ولكل العالم تالياً، محورية قضيّة فلسطين أرضاً وشعباً، وما تختزنُه من قيمٍ نُؤمن بها جميعاً.
فأمام صورة المشهد الدامي في قطاع غزة، وأمام مشهد الطفولة التي تُنْحَرُ هناك مع سبق الإصرار والترصد، وأمام مشهد الاعتداء الاسرائيلي القاتل على الصحافيين والفتيات الثلاث اللاتي استُشهدن مع جدتهنَّ بالغدر الاسرائيليّ في جنوب لبنان، وأمام مشهد التدمير الممنهج… تسقط كلُّ مفردات الإدانة التي أثبتت الأيام أن إسرائيل لا تقيم لها وزناً، ولا يردعها قانون دولي ولا ضمير إنسانيّ.
لذلك، في هذه اللحظة التي تجمعُنا في بلاد الحرمين الشريفين، نحن مدعوّون إلى التضامن والعمل المشترك من أجل إنقاذ فلسطين وغزّة. كلّنا استعرضنا الوضع الكارثيّ، ولكن علينا أن ننتقلَ إلى مربع القرار. فغزة تستغيثكم فلا تردوها خائبة”.
أضاف: “فلسطين قضية عربية أولاً وأخيراً، ونكبتُها نزلَت بعالمنا العربيّ ومزَّقَت شرقَه عن غربِه، ومشروع التوسّع والتهجير ما زال أساس السياسة الإسرائيليّة. لذلك، نحن مدعوّون لأن نُطلقَ صرخة إنسانيّة واحدة، بأن وجعَ فلسطين هو وجعُنا، ودمَها دمُنا، ومصيرَها مصيرنا، فهي مهد السيد المسيح ومسرى الرسول عليه الصلاة والسلام.
فعلينا العملُ معاً لوقف فوريّ غير مشروطٍ لإطلاق النار، وفتح المعابر وإدخال المساعدات لإخواننا في غزة، واطلاق مسار سياسي جدّي وفعّال يدفع باتجاه حل عادل وشامل ودائم لقضيتنا المحورية”.
وتابع: “ومن أجل التوصُّل إلى حلّ للصّراع العربيّ الإسرائيليّ، يبقى “حلّ الدولتيْن” بمثابة أفضل المسارات للمضي قُدُماً والسعي إلى بناء مستقبلٍ أفضل لنا جميعاً على أساس “مبادرة السلام العربية” التي اطلقت في قمة بيروت عام 2002″.
وقال ميقاتي: “إن ما يشهده جنوب لبنان حاليّاً من أحداث، وإن اعتُبِرَتْ في العمق صدىً للمآسي في قطاع غزة، ليست في حقيقتِها سوى نتيجة لتفاقم اعتداءات إسرائيل على السيادة الوطنية وخرقها المستمر والمتمادي للقرار الدولي رقم 1701. ولقد بادرت شخصيًاً منذ اندلاع أحداث غزة إلى إطلاق النداءات العلنية للحفاظ على الهدوء ولضبط النفس على الحدود الجنوبية، ووجَّهْتُ التحذيراتِ، من تمدُّد الحرب التدميريّة في غزة إلى جنوب لبنان، ومنه إلى المنطقة”.
أضاف: “إن خيارنا في لبنان كان ولا يزال هو السلام، وثقافتنا هي ثقافة سلام مبنيةٌ على الحق والعدالة وعلى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. لكننا شعب ما رَضِي، ولن يرضى بالاعتداءات على سيادته وعلى كرامته الوطنية وسلامة أراضيه، وعلى المدنيين من أبنائه، وبخاصة الأطفال والنساء.
وبالرغم من كل هذا وذاك، نُجدّد اليوم أمامكم التزام لبنان الشرعية الدولية – لا سيما القرار 1701 – ونُشدّد على ضرورة الضغط على إسرائيل لتنفيذ مندرجاته كافة وإلزامها بوقف استفزازاتها وعدوانها على وطننا”.
وختم ميقاتي: “كنا في لبنان ولا نزال مع فلسطين، ودفعنا – وما زِلْنا – ثمنَ العدوان الإسرائيلي. وما الوهنُ البادي على بنية دولتنا إلا بسبب وقوعِها على هذا الفالق الزلزالي الذي أدّى بها إلى الإيغالِ في الفراغ والتفريغ. لكننا تعوَّدْنا منكُم النجدة وأنتم أهلها، ولست بحاجة إلى التأكيد على أن جميع اللبنانيين من دون استثناء، يقفون إلى جانب غزة وفلسطين، وهم يأملون أن يكون لهم جميع العرب حضناً وحصناً لدرء الانهيار”.